تتوافر في وسائل الاعلام السورية الرسمية منها والظل على حد سواء، ابتكارات جديدة، وبهلوانيون مختصون باجترار نظرية المؤامرة، يقدمون عروضا كل ليلة اتخمت السوريين على مدى اربعة عقود، الا ان الجرعات المركزة جراء ماتمر بها البلاد من مؤامرة كونية، حسب ظنهم، جعلتهم يهرولون حول حلقة المؤامرة المفرغة التي اصابتهم بالدوار، والانغماس في اللاواقع والانكماش، فور ظهور اي مقطع فيدو جديد ينقل المظاهرات المطالبة باسقاط النظام او تشيع ضحايا الة القمع البعثية، والعجز في اغلب الاحيان يدفع بهم الى سلوكيات منحرفة، اخرها محاولات الدعوة لسحب الجنسية من المعارضين السوريين!

ومما لاشك فيه ان هذه التصرفات تعود إلى عوامل تتعلق بالتخلف الثفافي والفكري والعلمي، وبالفشل الذي مني به النظام السوري على جميع الاصعدة، ما شكل اشكالية في تعامل السلطة في اداء دور المستدرك بعدما فاته القطار، بحبك سيناريوهات المؤامرة العتيقة، ومتعلقاتهما من اسهامات الحرس القديم تارة، عبر اساليب القمع الامنية، وتوظيف اتباع البلاط البعثي تارة اخرى و استخدامهم لترويج مبررات هدر دماء السوريين، وللتتناسب السيناريوهات مع روح العصر، ما ذهب اليه العصريون من الاعلام السوري انطلاقا من قول فولتير quot;من لم تكن له روح العصر كانت له شرورهquot;، وخضوعا لرغبة منظريهم من الذين بدأوا يظهرون كفقاعات الصابون على شاشات الاعلام السوري، خصوصا بعد ان ركن اصحاب تركة الصحف السورية (البعث والثورة وتشرين)، جانبا، لياتي ماسمي بالعصريين الاعلاميين، يغطون الاحداث بما ينسجم مع العصرنة الاعلامية ولكن بمضامين هشة ومقززة في كثير من الاحيان.

ففي بداية الازمة تتحف احدى المدرسات في كلية الاعلام بجامعة دمشق مشاهديها، باستبدال الكاميرات بموبيلات، لدى نقل الاحداث، على اعتبار ان الصورة المهتزة هي التي تقنع المشاهد اكثر، وهذا مافعله القيمون على الاعلام السوري، لدى عرضهم صور لعصابات مسلحة التقطت بالهاتف المحمول.

و الاعلام الاستقصائي والاستفتائي، كان له حصة ايضا، وهذا لنقل اراء المشاهدين، حيث بدأت قناة دنيا تستفتي السوريين وتمطرهم بوابل من الاسئلة حول الازمة الحالية في البلاد، وحتى تنطلي الحلية على اصحاب افكار العصرنة في الاعلام السوري، تحشر اسئلة عن اداء الحكومة مرة وما الذي على القيادة السورية ان ترد به على دول عربية وملوك ورؤساء تارة اخرى، ورايهم بالتعديلات الدستورية التي لايعرف المواطن السوري المواد السابقة منها من المعدلة.

الا ان حيل النظام ومن خلال اعلامه، بتثبيط مايشبع دوافعه من ممارسة نوازعه التسلطية، والانتقامية والتي من الصعوبة الاستمرار بعدم اشباعها، والظهور في دور الخير الذي تلتئم حوله الشرور، يظهر الشيطان الخبيث في ثنايا مراميهم واخرها كان استفتاء المشاهدين حول سحب الجنسية السورية من المعارضين السوريين، وجاء هذا السؤال على تلفزيون الدنيا، اي ابعد من فكرة الاجتثاث التي يمارسها يوميا، واسخف من الشائعات والتهم والاعتقالات بحق مقارعي الدكتاتورية البعثية، والنتيجة جاءت حسب التوقعات مايقارب 99 بالمئة من السوريين يؤيدون سحب الجنسية، فاي اجتهاد مفلس خرجت به قناة الدنيا من افكار تحريضية لاتحمل اي جديد بل بدعة تفرغ شهواتها العدائية تجاه الاخر المتمايز والمختلف، اليس هو هذا النظام الذي ابتدع تهمة اضعاف الشعور القومي، الا هي الذهنية ذاتها التي احصت الاكراد من المكون السوري ومنعت عنهم حق المواطنة وحق الحياة الكريمة، الا هي الاحكام الاقصائية والتميزية ولكن باسلوب رخيص،تجاه كل من يخالف البعث.

فاي مبادرات هي تلك التي ستحلحل الازمة المتازمة في مخيخ النظام السوري من نوازع القتل، والاستبداد، غايات لن يشبعبها الا الزوال.