نعرف جيدا ان الاتفاق الذي تم بين الحكومة العراقية و الامم المتحدة، لنقل الاشرفيين من مخيمهم الذي يعيشون فيه منذ 25 سنة الى مخيم الحرية ( لبرتي )، انه اتفاق تم بناء على ضغوط من جهات دولية، وبالذات من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، والولايات المتحدة الامريكية،والاتحاد الاوروبي، البرلمانات الدولية.
كل هذه الجهات طالبت بحل سلمي انساني لسكان مخيم أشرف. وعندما اعلن عن الاتفاق استبشر المعنيون خيرا بأن حلا قريبا سيكون للاشرفيين دونما أي ضرر بهم. ولكن لم يمض وقت على توقيع الاتفاق، ولم يجف حبره، ظهرت التصريحات المبيتة من ملالي ايران ومن اعوانهم في المنطقة الخضراء في بغداد، التي تضمر الحقد والشر ضد الاشرفيين.
لقد وضعت الحكومة العراقية المأزومة هذه الايام العديد من العراقيل ضد عملية تنفيذ الاتفاق منها : اختيار معسكر ليبرتي الذي استخدمته القوات الامريكية قرب مطار بغداد الدولي،وهو اشبه بالخرابة، اذ لنا ان نتصور معسكرا للجيش هجره جنوده، بركسات أيلة للسقوط، ومرافق قديمة لم تعد صالحة للاستخدام البشري.ومع ذلك فان حكومة المالكي اقتطعت مساحة واسعة من المعسكر الذي تبلغ مساحته 40 دونما، وابقت مساحة صغيرة لسكن الاشرفيين لا تتجاوز الكيلومتر الواحد، محاطة بالاسيجة الكونكريتية لتكون بمثابة السجن المحكم. والمشكلة الاخرى او العقبة الثانية هي تعنت حكومة المالكي بعدم السماح للاشرفيين بنقل أموالهم المنقولة وممتلكاتهم من سيارات خاصة سبق ان استوردوها من ملكهم الخاص بعلم الحكومة العراقية وموافقتها الجمركية.
الانكى من كل ذلك ما افصح عنه المالكي في تصريح خاص بقناة ( العالم ) الايرانية الناطقة باللغة العربية، حول نية حكومته ازاء الاشرفيين،فقال إن منظمة مجاهدي خلق laquo;متورطة بقتل وإرهاب، محكوم عليها دولياً بالإرهاب... لذلك لا يمكن أن نسمح لا دستورياً ولا من حيث حسابات المصلحة أن تكون هذه المنظمة موجودة على أرض العراق...raquo;.
ثم اعترف بالأعمال القمعية والإجرامية ضد سكان مخيم أشرف، قائلاً: laquo;مارسنا عملية الضغط عليهم... كان الموقف أن ينتهي وجودهم يوم31/12/2011، وفعلاً كنا مهيئين كل الإجراءات اللازمة لإنهاء هذا الوجود بأي شكل من الأشكال.. حصلت وساطات وتدخلات من أمين عام الأمم المتحدة كما اتصل بنا شخصيات و مسئولين من موقع الحرص، ولكي لا تتحول إلى مواجهة معهم وبالتالي طلبوا أن يبقى هؤلاء إلى 4 أشهر اخرى حتى نهاية الشهر الرابع من العام الجاري 2012.
ولكن تمت اتفاقية مع الأمم المتحدة تتولى هذه العملية.. إلى الشهر الرابع ينتهي معسكر أشرف.. يغلق ويعاد إلى أهله.. وسينقلون إلى مخيم جديد إلى معسكر جديد قرب المطارraquo;. واضاف : laquo;الآن عندنا 121 أمر قبض بحق عناصر موجودين داخل مدينة أشرف من المجرمين المتورطين بالجرائم...raquo;. وأضاف: laquo;نهاية الشهر الرابع يكتمل خروجهم إما إلى إيران بناء على العفو المقدم من الجمهورية الإسلامية وإما إلى الدول التي تقبلهم كلاجئين، أو يسافرون بشكل طبيعي لمن يحمل جوازات سفر مثل كندا و فرنسا ودول أخرى يحملون جوازاتها...raquo;.
ثم هدد قائلا: laquo;تحملناهم كثيرًا نتحملهم الأربعة أشهر القادمة ونرى الأمم المتحدة هل ستتمكن أو لا. إذا ما تمكنت سنتصرف نحن باعتبارنا نحن أصحاب البلد والسيادة وهذا خرق في سيادتنا أن توجد مثل هكذا منظمةraquo;.
وفي الوقت نفسه تفيد الأخبار الواردة من داخل النظام الإيراني أن (دانايي فر) سفير النظام الإيراني في بغداد قد طلب من المالكي laquo;أن يسلّم أفراد قيادة المجاهدين المقيمين في مخيم أشرف إلى إيران وقد وعد المالكي بأنه سيسلّم هؤلاء الأفراد إلى النظام الإيراني في نهاية المهلة المحددة وسيبذل قصارى جهده لتقصير هذه المدةraquo;.
ان هذه التصريحات الاستفزازية تؤكد النية المبيتة لدى المالكي ولدى ملالي ايران، بأن لا يحصل خروج أمن للاشرفيين، بل لابد من حدوث مذبحة جديدة ضدهم، ولاسيما عندما ينفذ المالكي وعوده لاسيادة الملالي بأن يسلمهم قيادات منظمة مجاهدي خلق، وعندما يأمر باعتقال ال( 120 ) الذين يتهمهم بأعمال اجرامية حسب قوله. وبهذه التصريحات لا يبقى أي مجال للشك أنه وكما أعلنته المقاومة الإيرانية مرات عديدة ومنها في بياناتها الصادرة في أيام 2 و9 و13 كانون الثاني (يناير) 2012 بان النظام الإيراني وبالتعاون مع الحكومة العراقية ينوي إفشال الحل السلمي لقضية مخيم أشرف، وهو الحل الذي شدد عليه المجتمع الدولي بما في ذلك الوزيرة كلينتون والبارونة إشتون والأمين العام للأمم المتحدة، وبهدف تحقيق هذا الاتفاق تنازل الاشرفيون حتى الآن عن العديد من حقوقهم الثابتة.
إن تصريحات المالكي وإجراءات حكومته تعتبر خرقًا سافرًَا لمذكرة التفاهم التي أبرمتها الحكومة العراقية يوم 25 كانون الأول (ديسمبر) 2011 مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورسالة الممثل الخاص إلى سكان مخيم أشرف بتاريخ 28 كانون الأول (ديسمبر) 2011، وتظهر بوضوح أن المالكي ينوي تحويل مخيم ( ليبرتي) إلى سجن لسكان مخيم أشرف بتوقيع الأمم المتحدة، وبممارسة الضغط عليهم للاستسلام وتسليمهم الى ملالي إيران ليواجهوا المصير الذي واجهه رفاقهم اليوم ومن قبل، وهو الاعدام، اذ ان نظام الملالي اعدم في الايام القليلة الماضية عشرات الايرانيين بدعوى انهم من مجاهدي خلق، او انهم زاروا اقرباءهم في مخيم اشرف من قبل.اما القول بان نظام الملالي اصدر عفوا فهو للدعاية الخارجية، والا فكيف يعدم 43 مواطنا منذ بداية العام الميلادي الجديد ؟.
ان الحل اذا توفرت النية الحسنة لدى حكومة المالكي، هو الموافقة على عقد اجتماع مشترك يجمع الاطراف المعنية بالازمة في عاصمة بلد محايد في اوروبا، ويتم الاتفاق على ألية نقل الاشرفيين الى المكان الجديد، ريثما يتم نقلهم الى بلدان اخرى، والا فسوف يسجل التاريخ موقفا شائنا على حكومة المالكي امام الرأي العام العالمي، وسيزيد الاسى على هذه الحكومة المأزومة التي تعاني الكثير من المشكلات الداخلية التي تكاد تعصف بالبلاد وبأمنها ووحدتها.
* رئيس لجنة الاعلاميين والكتاب العرب دفاعا عن اشرف
[email protected]
التعليقات