خلال هذه الاسبوع حصلت تطورات ملفتة للانتباه في تطور مسار الثورة السورية، فقد تراجع النظام، عن التوغل في مدينة الزبادني بعدما قصفها لمدة خمسة أيام وحاول اجتياحها، وأعلن عن هدنة، مع الاهالي المقاومين والجيش الحر، والأخبار تتوالى عن مدينة كفر تخاريم في أدلب التي خرج منها أيضا بمجازر ومنها تقجيره لباص فيه معتقلين..واكتشف في مشفى ادلب جثث مشوه...لعدد كبير من الشهداء.
حتى لو حاول النظام القيام بهذه الخطوة تكتيكيا لكي يوهم الجامعة العربية بأنه ينسحب من المدن وبقي فيها مسلجين الجيش الحر..فإن الثورة حققت تقدما ليس قليلا..

في هذه الاثناء أكد الدابي أن مهمة البعثة هي التحقق من تنفيذ الحكومة السورية لبنود خطة العمل العربية لحل الأزمة وليس وقف العنف والقتل الذي تشهده بعض المناطق السورية. وقال الدابي في بيان وزعته الأمانة العامة للجامعة العربية مساء السبت 21.01.2012 ان مهمة البعثة هي الاطلاع على حقيقة الأوضاع والأحداث الجارية في سوريا من خلال المراقبة والرصد لمدى التنفيذ الكامل لوقف جميع أعمال العنف ومن أي مصدر كان في المدن والأحياء السورية. واستغرب اصرار بعض وسائل الاعلام على الاشارة دائما الى أن مهمة البعثة وقف أعمال القتل والعنف. وأوضح أن quot;فرق البعثة المنتشرة في مختلف المناطق السورية وخصوصا تلك التي تشهد اضطرابات واحتجاجات تجد تعاونا - دون أن يحدد مصدر هذا التعاون - ما يؤشر على مهنية وموضوعية أعضاء البعثة في أداء مهتمهمquot;.

من يقرأ هذه التطورات وتصريحات الفريق الدابي، يمكن أن يستشعر إلى أين تسير الأمور الآن في سورية، النظام يحضر لمجازر، بعد أن ضمن كما يعتقد التمديد لهذا الفريق بالذات من بعثة المراقبين العرب..بالتأكيد ليس مهمة بعثة المراقبين العرب وقف العنف كما يصرح الدابي، لكنني أظن ان مهمتم هي حماية المتظاهرين السلميين المدنيين..حيث أنه خلال عمل هذه البعثة وصل عدد الشهداء إلى أكثر من 500 شهيد من المدنيين..انا لا اتحدث عن شهداء الجيش الحر ولا أعداد القتلى من الجيش الأسدي الذين في النهاية هم دم سوري نحرص عليه تماما..ويدفعه النظام القاتل من أجل استمراره في حكم البلد ونهبها..

أما ما يخص المعارضة السورية المنقسمة فقد طالب المجلس الوطني السوري المعارض في بيان أن يتضمن تقرير بعثة المراقبين العرب quot;الفظائع التي ارتكبها النظام السوري ضد المدنيين في جميع المدن والبلدات.quot; وأضاف quot;يجب أن يتضمن التقرير لغة واضحة تشير إلى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبها النظام ضد المدنيين العزلquot;. وقد تقدم المجلس بطلب رسمي للجامعة العربية لكي تحال القضية إلى مجلس الأمن الدولي quot;لاستصدار قرار لإنشاء منطقة آمنة وفرض منطقة حظر الطيران في سوريا، والقرار يجب أن يدعو أيضا إلى استخدام القوة لمنع النظام السوري من الاستمرار في قتل وتعذيب السكان المدنيين.quot;

ومن جهة اخرى حض هيثم مناع رئيس هيئة التنسيق في المهجر وزراء الخارجية العرب على التمديد لمهمة المراقبين وقال laquo;لدينا ثلاثة مطالب هي زيادة عدد المراقبين الى أربعة اضعاف العدد الحالي، وتدريبهم، خصوصاً أن المفوضية السامية لحقوق الانسان ستُرسل اربعة مدربين الى القاهرة غداً الاثنين، وضمان حرية الحركة داخل سورية وانشاء مكاتب اضافية للمراقبين، لأن هناك مناطق كثيرة لم يزوروهاraquo;. وأضاف إنه رغم أن النظام السوري لم يطبق البروتوكول العربي الا أن عدد المعتقلين السياسيين تراجع أثناء وجود المراقبين كما وزاد عدد المتظاهرين، وشدد في اطار دعوته لتمديد مهمة المراقبين على أن laquo;نصف رغيف أفضل من لا خبزraquo;.كما طالب بإرسال قوات عربية محدودة لكي تضمن أمن وحرية و تحرك المراقبين العرب المراد التجديد لبعثتهم.. وفي نفس اليوم اطلق الكاتب السوري سمير العيطة كعضو نشيط في هيئة التنسيق قبل استقالته ولايزال يتبنى رؤيتها تصريحا على قناة العربية، أن المعارضة السورية تتحمل فشل الرهان على الحل السياسي وعدم وجود استراتيجية سياسية واضحة، ادت لعسكرة الثورة، والتعويل وهما على التدخل الخارجي..

من الواضح انه لاتزال هيئة التنسيق وناشطيها، يشكلون الحامل السوري لعدم تدويل الملف أو لعدم إيجاد مصدر قوة يشعر النظام من خلاله أنه ليس الطرف الوحيد الذي يمتلك القوة، واننا لا نعيش في شريعة الغاب..ودعم الجيش الحر المرفوض من قلهم، والتدويل الذي يرفضونه هو التدويل الذي يمكن ان يكون مصدر قوة للانتفاضة بينما يقبلون بمجيئ عسكر المالكي من العراق على سبيل المثال!!! وهم ضد التدويل!!!

مع ذلك قلنا ونقول للشباب في هيئة التنسيق نريدكم أن تقدموا لنا سيناريو يضمن حق التظاهر السلمي وبنفس الوقت تحقيق مطالب الناس دون دم...وعندها سنكون معكم...قدموا لنا سيناريو...أنا اتحدث عن طروحات لها نتائج سياسية وتنعكس على موازين قوى على الارض...لأن الترجمة الفعلية لمواقفكم التي تستند عليها جملة المواقف العربية المساندة لاستمرار القتل على أيدي الأسد هي أن يبقى جيش الأسد وشبيحته هم القوة الوحيدة التي تحتكر العنف وتمارسه في سورية، فهل لايزال لديكم ثقة بها؟، ما رأيكم هل على الجنود ألا ينشقوا مثلا؟ أو أن يسلموا انفسهم فورا؟...ومرة اخرى ماذا كان سيفعل النظام في الزبداني لو دخلها؟ واعتقد انه يخطط لمذبحة كبيرة...كما ذكرت في مقال سابق..

النظام ساقط منذ اول درعا...لكن المجرم لايزال طليقا مع قوته العسكرية وشبيحته؟ ما العمل الآن برأيك..وماذا يفعل أكثر من عشرة ألاف عسكري منشقين بأسلحتهم الفردية؟ ومن يتمرد عسكريا في سورية هو النظام وعصابته،الذي يقتل الناس وليس الجيش الحر صاحب انبل موقف..كما أشار وقال الدكتور برهان غليون رئيس المجلس الوطني البارحة على شاشة قناة العربية.

ما العمل الآن برأيكم..وماذا يفعل أكثر من عشرة ألاف عسكري منشقين بأسلحتهم الفردية؟
اما بالنسبة للسيد سمير العيطة على العربية أيضا...الذي حمل المعارضة فشل الحل السياسي..نقول ببساطة quot;لماذا لم يتبنى النظام الحل الذي اقترحتموه وأنتم في هيئة التنسيق قبل أشهر؟ واتركوا الآخرين معزولين بأوهامهم حول العسكرة والتدخل الدولي...كما تقول..

الثورة لاتزال ذهبا وطنيا رغم كل الأخطاء..التي تقع بحكم الواقع وليس بحكم التخطيط والمواقف المسبقة.. المظاهرات تزداد وازدادت في الشهر الأخير أكثر من النصف بفضل حماية أبطال الجيش الحر أولا..وهذا بشهادة كل المراقبين حتى هيئة التنسيق...والعكس هو الصحيح...التظاهرات تزداد عندما يخف القتل ويشعر المواطن أن آل الأسد ليس وحدهم من يمتلكون القوة القاتلة بدم بارد وعلى الهوية السياسية...لكن مع ذلك يجب أن يبقى الطابع العام للثورة سلميا..وهذا ما تجسده جماهير الشعب السوري يوميا، وسلميتها لاتتعارض مع دعم أبناءنا في الجيش الحر...

إذا كان المراقبين العرب لايريدون وقف العنف فلا لزوم لهم..وعلى المعارضة ألا تغطي التمديد في مثل هذه أبدا

غسان المفلح...