لم يعد في أستطاعتي وضع مرضى النفوذ السياسي والصراع على( السلطة فقط ) في قائمة عمل واحدة وأعتبارهم قادة تهمهم مصلحة شعبهم بعد أن أصبحوا (مدراء تنسيق) في وظيفة التخدير والأستغفال السياسي اليومي. والأمثلة على ذلك لاتُعد ولاتُحصى، وأستغفالهم للعامة أصبح فصاحة لغوية مستمدة من الكتب السماوية، وما عانيناه كشعب من تاريخ الحروبِ والمقابر، الجروح والألم، الفقر ِوالموت، وربما أخره الأرهاب وتغييب العدالة بأيواء المجرمين والأرهابيين وتهريبهم، يفي بالمقصود دون التطرق الى الأسماء والجهات. وبعد أن دخلتْ عقولاً مريضة في جوهر الدين والوصايا الروحية والأخلاقية والعدالة التي جاءت بها الكتب السماوية quot; التوراة، الأنجيل، والقرآنquot; وتعاليمها الأنسانية الداعية الى الخير المحبة والسلام، فلابد وأن نسترجع ونقييم أسباب لفظ المجتمع لكثير من الأدعياء من أصحاب المذاهب، وأن نستمع الى عينة من أراء بعض رجال ونساء الفكر وأسباب تخوفهم من quot; رجال دين quot; وفتاويهم الشاذة. وقد قالها المرحوم نزار قباني منذ الستينات من القرن الماضي ( كأن الدين حانوت...فتحناه لكي نشبع تمتعنا quot; بما أيماننا ملكت quot;وعشنا من غرائزنا بمستنقع وزوّرنا كلام الله...بالشكل الذي ينفع ). كما أنشد في هواجس على دفتر النكسة بعد حرب حزيران عام 1967 ( نجلس في الجوامع تنابلاً كسالى...ونطلب النصر من سبحانه تعالى ).

والعمل العراقي الجاري الحالي لتنسيق العمل بين العلمانيين والدينيين للدخول في محادثات ( الحوار الوطني والمشاركة)، لم يعد ينطلي على أحد، وماهو في رأيي أِلا نوع من التبرج بصيغ الحوار الديمقراطية والدستور والفدرالية للتحايل على المجتمع المدني وأستغفاله. دول عربية ومن بينها العراق تتقلب كالرجل المريض من شدة الألم الذي يسري في جسدها وتبحث في الغرب الامريكي و الأوروبي عن هويتها السياسية والأخلاقية وعن أسم لها : الثورة، الأحتجاج،ألانتفاضة، الربيع العربي، جمعة الشهيد ألخ.

أما نحن أهل العراق، فأن من يتذكر الخُطب السياسية وتصريحات السياسيين العراقيين الدينيين والعلمانيين يجدها بالتأكيد quot; سياسيةquot; وليست quot; خدمية quot;، أستغفالية وليست ديمقراطية. فالمسألة لم تكن يوماً من يحمل راية الدين أو شِعار العلمانية، فأفكار قادة الفكر الديني والعلماني تدور في محور سياسي لصراع داخلي لايتعدى مسألة التشبث بأي وسيلة للوصول الى السلطة التنفيذية السياسية والتمسك بها. وهذا ما ورد في حديث ودي مع أحد أعضاء الكتلة X ممن أعتز به وبثقافته، أوصلت أليه رأيي عبر الهاتف بأن % 100 من أفكار القادة العراقيين يدور في المحور الذي ذكرته أعلاه. وأكتفى جوابه على نعم، ثم أضاف (طالباً عدم ذكر أسمه لآسباب عديدة) أن صحيفة المدى ذكرت بتاريخ يوم 04-02-2012 وعلى صفحتها الأولى ( طالباني ينجح في التقريب بين العراقية ودولة القانون.)

ولعل أطرف تعليق قرأته في هذا الصدد وفي نفس الصفحة هو ماقالته مدير إعلام حركة الوفاق، النائبة عن العراقية انتصار علاوي في تصريح خصت به (المدى) أمس quot;هناك شعور بالمسؤولية من قبل جميع الأطراف السياسية على ضرورة تجاوز الأزمة الراهنة من خلال اللقاءات المكثفة وبالتالي فأن الحل بدا قريبا في ظل التقارب الذي نتج عن مبادرة طالباني ومحاولات الصدريين والمجلس الإسلامي الأعلى لرأب الصدع بيننا ودولة القانونquot;.

تخدير سياسي مزمن وأستغفال للرأي العام العراقي يتمُ بتكليف نساء للتصريح عن نجاح وفشل يتبعه نجاح وفشل ثم نجاح ثم فشل للقوى المتنفذة التي تحكم بأسم أهل العراق بنهج أعلامي زائف لاعلاقة له بالمسؤولية الحقيقية التي يدخل في مضامينها الأساسية معاقبة الأرهابيين والسراق والعملاء وفق مبدأ العدالة والقصاص. وتكليف العنصر النسائي للتصريح عن الفوضى السياسية الحالية والمراهنة على قابلياتهن الأعلامية لن يُغير ما أدخله زلمهم على أدارة شؤون الدولة بطرق النصب والأحتيال والأموال المهربة.

وبمقارنة بسيطة فأن كل البيانات الحزبية السياسية لمن هم في السلطة، تورد فيها كلمات التنازل عن حقوق وأستحقاقات، كما ورد في بيان القائمة العراقية قبل أيام ومنذ نهاية الأنتخابات النص التالي (وكان ائتلاف العراقية قد تنازل عن الاستحقاق الانتخابي إكراما لشعب العراق، ودعا القوى السياسية الى وحدة الصف ولم الشمل لحماية العراق من الأحداث التي تعصف بالمنطقة والتصدي للتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي). وهذا لايعني أن الأحزاب العراقية الأخرى وبدرجات مئوية مختلفة لم تحاول طرح مشاريع سياسية بائسة تفتقد وعود ماتعهدوا اليه للشعب.

وكان رأيي القاطع مع محدثي بأن العراق كالرجل السياسي المريض، يحاول العيش لكنه يُدرك بأنه لن يعيش طويلاً. وأن العلة المُشخصة هي في رجال دين لبسوا الجُبة السياسية وسياسيين أدعوا الديمقراطية والفدرالية وأرتدوا لباس العِلم والعلمانية والدين والتقوى وما خلق الله، وتراهم في عجز تام في الوقوف الى جانب الوطن والمواطن. فأدوات وألالآت الموت والجريمة والعنف والتحايل والسرقة لم تتوقف في العراق السياسي بطروحات السياسيين الذين فقدوا شرعيتهم بالتأمر عليه وعدم توفيرهم الحياة المعيشية الكريمة لهم. ونتيجة ً لسبل التخدير الديني، فأن العراق اليوم في حالة تراجع حضاري علمي ثقافي. ورغم أن الحكومة منتخبة ديمقراطيا فأنها لا تمثل كل العراقيين، فالأصطفاف الطائفي تغلغل في عروق أهل العراق وزادت من عنصرية العراقيين، الأحزاب والقوى السياسية التي تهتم بتبادل التهم وهي أول المتهمين.

وقد يتبادلون التهم والسفسطة والنقاش البائس العاجز (حتى) في تفسير الآية الكريمة ( وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا، وأذكروا نعمةَ الله عليكم أِذ كُنتم أعداءَ، فألَفَ بين قُلوبكم فأصبحتم بنعمتهِ أِخواناً صدق الله العظيم.) أطرح محاولة لقراءة نقدية لتفسير الآية بين ثلاثة سياسيين لتكتشف ماأعنيه بأنهم يعيشون في حالة حرب دينية وأستغفال للاخرين.


للمراسلة : [email protected]