ثمة حقيقة ميدانية يشهدها واقع الشرق القديم و يتجاهلها الإعلام العربي للأسف وهي أن شعب الأحواز العربي يعيش إرهاصات ثورة شعبية حقيقية تتجاوز في طموحاتها و آفاقها و مساعيها الإنتفاضات المحدودة التي فجرها شعب الإقليم العربي منذ إحتلاله على يد جيش النظام الشاهاني السابق في نيسان / إبريل عام 1929 مرورا بهبته الجماهيرية الكبرى عام 1979 ووصولا لثورته الراهنة التي تنسجم مع إنتفاضات الشعوب الإيرانية للتخلص من حكم الطواغيت المعممين الذين أضطهدوا و بشكل صارح حقوق الأقليات و القوميات الخاضعة للإحتلال الإيراني، وللقضية الأحوازية طعم خاص و أهمية ستراتيجية لا تدانيها أو تقترب من إيقاعاتها و رؤواها أي قضية و ملف آخر في إيران، ففي الأحواز تكمن كل نقاط الضعف القاتلة للمشروع العدواني التوسعي الطائفي الشعوبي الإيراني، ومن الأحواز العربية تنطلق قواعد العدوان المؤدلج بعقيدة التحريف و التخريف التاريخية ضد العالم العربي، ومن الأحواز يتعيش النظام الإيراني إقتصاديا بواسطة نهب و سرقة النفط العربي الأحوازي المسروق، وفي الأحواز تمارس آلة القمع العسكرية و الأمنية العدوانية الإيرانية كل أشكال القمع و حملات الإبادة و نصب المشانق ضد الأحرار من الشباب العربي الطلائعي الأحوازي الصابر الصامد الذي قرر تصحيح التاريخ و تعديل الجغرافيا و الإنضمام الفاعل لتيار الثورة الشعبية العارم بإعتباره جزء لا يتجز أ من العالم العربي، لقد ناضل الشعب الأحوازي طيلة تسعة عقود هي عمر الإحتلال الفارسي في ظل إعتماد كامل على الذات وفشل الإحتلال بأدواته القمعية و بثقافته التجهيلية و الخرافية و العدمية من إنتزاع جذوة العروبة من قلوب الأجيال المتعاقبة إضافة لفرض سياسة التفريس الفاشية العنصرية و التجهيل لمنع إرتباط وتواصل ابناء الشعب العربي الأحوازي مع المحيط العربي المجاور، وجميعها سياسات عقيمة ثبت فشلها و ترديها امام حقيقة النهضة الوطنية الوثابة والروح القومية الأبية التي يحملها أبناء الأحواز المتصدين للمشروع العنصري والتجهيلي الإيراني كطليعة عربية حقيقية وفي ظل روح وثابة لا تعرف الهزيمة و لا النكوص و لا الكلل و الملل، و من الجدير بالذكر إن الجيل العربي الأحوازي الشاب الذي عايش وعاصر وتربى في أحضان العقيدة الفكرية و المنهجية للنظام الكهنوتي الحاكم في إيران هو الجيل الأقوى ثورة و الأشد عزيمة في المقاومة، وهو الجيل الذي لم يجد الإيرانيون من وسيلة لقمعه سوى سياسة نصب المشانق في الساحات العامة وفرض الإرهاب الشامل في محاولة يائسة لإجهاض روح التحدي و الإستقلال و الكرامة الوطنية والقومية، الأحوازيون اليوم هم خط الدفاع الأول للعالم العربي وللخليج العربي بالذات وهم يشهرون ثورتهم الشعبية الكبرى التي ستطيح في نهاية المطاف بعروش الطواويس الصفوية المتبخترة بمشاريعها العدوانية الجاهزة للتصدير، الإيرانيون اليوم يشنون هجمة مباشرة على العالم العربي وخصوصا في منطقة الخليج العربي خصوصا في مملكة البحرين التي تتعرض وتحت ظل شعارات المظلومية المزيفة لأبشع عملية تسلل هجومية بهدف إختراق السيادة البحرينية و تضييع مملكة البحرين العربية الحرة و التواطؤ الفج ضد عروبتها وحريتها و سيادتها وحتى وجودها خصوصا و إن النظام الإيراني لا يخفي حقيقة أطماعه في البحرين و إعتبارها جزء من الأراضي الإيرانية التاريخية كما جاء على لسان مسؤول لجنة الأمن و الدفاع في مجلس الشورى الإيرانية ن وكذلك الحال مع بقية دول الخليج العربي وخصوصا في الكويت و شرقي السعودية و تلك من الأمور المعروفة في ضوء الهيمنة الإيرانية المباشرة على العراق الذي تحكمه أحزاب طائفية هي في البداية و النهاية جزء لا يتجزا من المشروع السياسي و التبشيري الإيراني، ومع إشتداد نيران المعركة في الشام ودخول الإيرانيين وحلفاءهم على الخط و إعتبارها معركة المصير الواحد لتجمع أهل حلف نوروز و الذي يضم نظام البعث السوري و حكومة المنطقة البغدادية الخضراء و الأحزاب المتحالفة معهم كتلك المجاميع العراقية و حزب حسن نصر الله اللبناني تكون الصورة الستراتيجية واضحة بالكامل، فالشعب السوري الحر سيرسل النظام لمزبلة التاريخ و سينهار حلف القتلة و الشعوبيين، ولكن من حق الشعب العربي الأحوازي وهو يفجر ثورته الشعبية الكبرى أن ينال المساعدة الممكنة سياسيا و ماديا من دول الخليج العربي المتضرر الأول من المشاريع العدوانية الإيرانية، ومن حق الأحوازيين الكامل أن تكسر دول الخليج العربي جدران الصمت و التوجس و التردد و تساعد بأقصى طاقة ممكنة أشقائهم في الأحواز الذين يخوضون معترك الصراع بلاناصر ولا معين إلا من رب العزة و الجلال و بإيمانهم الذي لا يعرف التراجع و النكوص، لقد حانت ساعة الحقيقة أمام دول و منظومة مجلس التعاون الخليجي في السعي الحثيث لتوحيد الخطاب الأحوازي الحر وفي الإنفتاح و التواصل مع قوى الثورة الأحوازية خدمة للستراتيجية الأمنية الخليجية في المقام الأول، فالمؤامرة الإيرانية في البحرين قد تجاوزت كل الخطوط الحمر و الأيام القادمة ستشهد تصعيدا إيرانيا كبيرا في هذا المجال لرفع و تخفيف الضغط عن النظام السوري وهو يعيش لحظات الإحتضار و الخروح خاسئا من مسرح التاريخ، لا معنى أبدا لإستمرار التردد الخليجي في دعم الثورة الأحوازية و التي بإنتصارها ستتغير الصورة الستراتيجية للشرق الأوسط و تتبدل موازين الصراع الإقليمي بالكامل... ويحكم يا دول الخليج العربية ماذا تنتظرون؟ هل تنتظرون أن تتجول قطعان الحرس الثوري في دول الخليج العربي كما هو الحال في العراق اليوم؟ الجواب متروك لأهل الحل و العقد و الرؤية الستراتيجية في الخليج العربي، فالتاريخ لايرحم المترددين.
- آخر تحديث :
التعليقات