أي ربيع سينشر أجنحته على مشهدنا الثقافي في ظل الربيع العربي؟

إن ما يشغل المتتبع هو هذه الصورة النمطية التي باتت مكرَّسة جامدة لا تدرك غير طريق واحد عبدته و عبرته إلى عوالمها المحددة سلفا و خلفا، لا يفضي إلا إليها و لا يخرج ماؤه إلا من منابعها بحيث أضحت الأسئلة وهي تتناسل على نفس الملامح و المطامح جزءا من هذا الصدى المتكرر الذي لا يفضي إلا إلى أصداء تحمل نفس الجينات...
أية علاقة بين التراكم و الجودة، بين الحضور و اللاحضور، بين إحصاء التجارب و بين إخضاعها لانتقاء عشوائي، لم لا نوفر على أنفسنا عناء البحث إذا كانت العيون الفاحصة لا ترى غير ما رأته أو ما أُرِيد لها أن تراه، و ما مستقبل الثقافة في المغرب إذا أُرِيد لها أن تظل تحت رحمة مؤسسات تستميت في تحنيط ما صنعته من أصنام تطالب بحق العبادة في زمن لا ينطلي عليه وهم الوثنية و يدرك تماما هشاشة هذه الأجساد التي قد تحمل في داخلها عوامل ذوبانها الداخلي و هي في عز الشموخ الثلجي
لقد بتنا نخشى مما نعيشه اليوم من تعطيل للزمن الثقافي ليختزل في الثابت فقط لا في المتحول، في الجاهز لا في المبتكر، في ما كان الذي أصبح هو الكائن و ما سيكون...أليس هذا التعطيل وصمة قد تعلق بمن وُكِل إليهم إدارة عقارب هذا الزمن، يوقفونها و لا ينفلت من سكونها إلا ما ندَر..؟
إن ما يدعو إلى العجب هو هذه المفارقة الغريبة بين التسويق لخطابات الحداثة و التجديد و الانفتاح على الآخر و التنصل من الجمود و رفض الإقصاء و التهميش و نبذ المركزية و بين واقع يكشف بجلاء أن هذا التوق لا يعدو أن يظل حبرا على بياض، لا يبرح شفهيته و لا تُبعَث الحياة في شخوصه الورقية لتتحرك على خشبة المشهد إلا في حالة واحدة تنتفض فيها و تخرج من صمتهاquot; لتُعلِّق الحْجَّام كلما آلت صومعتها للارتجاجquot;
إننا في أمس الحاجة إلى عمليات تطهير بنيوية ننخرط فيها بشكل جماعي فيما يشبه الفعل الطقوسي، نتنصل فيها من نهمنا الفرداني، و نبني صرحنا الثقافي بلبنات أصيلة يشد بعضها بعضا، لاسيما و أن هذا الصرح هو نقطة الارتكاز التي يبدو من خلالها وجهنا الحضاري حتى لا تظل دار لقمان على حالها عصيَّة على الترميم عصية على السقوط في نفس الآن...
لا نملك إذا إلا أن نثير نقع السؤال و نحن نمتطي توْقَنا إلى الخلاص، أي ربيع سينشر أجنحته على مشهدنا الثقافي في ظل الربيع العربي، يقتلع الشوك و اليباب و ينبت البهاء و الاخضرار إذا كان الشعار هو السير بالقافلة الثقافية إلى الأمام؟... و متى ستُدخِل هذه الأيادي صولتَها في روحها لتخرج بيضاء من غير سوء...؟