هل انتهى زمن quot;فيفي عبدهquot; بلا رجعة حقّا؟؟ وهل دخلنا-شعوبا وقبائل- باستحقاق عصر quot;هيفاء وهبيquot; ومشتقّاتها !!؟؟ هل أشّرت الأولى للحداثة بهزّ البطن والثانية لما بعد الحداثة بهزّ الرّدف!؟ -
قديما جادل quot;الجاحظquot; وناظر، وبحث في مدى أفضليّة quot;البطنquot; على quot;الظهرquot; وquot;الجاريةquot; على quot;الغلامquot;. ولم يدر بخلده أنّ quot;أحفادهquot; سيخوضون من بعده في عالم البطون والأرداف!!. فحريّ بنا من منطلقquot; إحياء التراثquot; والتواصل مع الذاكرة الجماعيّة أن نحسم أمرquot;البطنquot; وquot;الرّدفquot; لنرى أيّهما أحقّ بالتّمجيد والإشادة.
يقول أنصار البطن والخصر إنّ زمنquot; فيفي عبدهquot; هو زمن quot;الحشمة quot;وquot;اللقمة الشريفةquot;. صحيح أنّها كانت تتلوّى حارقة الأكباد وخارقة المسافات بين حلبة الرّقص في أحد النزل الفخمة وبين فراش الأوهام السياسيّة النّائمة. وصحيح أنّها كانت تلهب المشاعر حقّا وترعب رؤوسا وتهزّ عروشا. لكن بالله- أليست الأكفّ الملتهبة والحناجر المدوّية لبروزها ولتبخترها هي نفسها التي تشتغل وتشتعل عند مرورquot; الزّعيمquot;؟؟.. فلم التدنيس حينا والتقديس حينا آخر؟؟ وأيّ ذنب جنت والنّاس يرونها بأم ّ أعينهم ترقص على طبلة واحدة لا تغيّرها ولا تحيد عنها. في حين يرقص آخرون من حولها بوقاحة ودون خجل على ألف حبل، وكلّما أبدعوا في النّطّ والقفز اشتعلت الأكف لهم حماسا ونفاقا..؟؟ والمسكينة-إلى ذلك - تقيم موائد الإفطار في شهر رمضان وتحرص سنويّا على أداء مناسك العمرة وشرب ماء زمزم فلِمَ يقزّم مجهود الرّاقصة، وتقصّر وسائل الإعلام في متابعة أنشطتها الخيريّة وفي المقابل تهلّل لأعمال خيرية أخرى فننام ونصحو على تكرارها!!؟؟...
وتثبت بعض الإحصائيات الموثوق بها أنّ نزول- السيّدة فيفي -إلى حلبة الرّقص يسيل-إعجابا وانبهارا- quot;مليارا مكعّباquot; من اللّعاب الصافي. وهذا في حدّ ذاته مكسب وطني عظيم لأنّها بذلك تكون قد ساهمت في تهدئة الخواطر، وتجفيف ينابيع الغضب. فلكم أن تتصوّروا حجم الكارثة لو أنّ هذا الكمّ الهائل بقي في الأفواه عند متابعة النّاس الأخبار السياسيّة في القنوات العربيّة الرسميّة، أو عند تشنيف أسماعهم بالحديث عن نجاح القمّة العربيّة الأخيرة، وعن شفافيّة الانتخابات في السودان؟؟؟
وفي عصر quot;أكلة الدولquot; مازال البعض يتشدّق بالتهام هذه السيّدة للرّجال. ألم تصرّح علنا بأنّها امرأة مزواج وأنّ كلّ رجل يعجبها تتزوّجه؟!! أين العيب في ذلك و النّاس في مشارق الأرض ومغاربها يتزوّجون فوق الطّاولة وتحتها بحضور شاهدي عدل و زور أو بغيابهما. ومع ذلك الحياة مستمرّة.. ! والأغرب أنّ هؤلاء الحاقدين يبتلعون ألسنتهم عند ما تطلّق أوطان وبلدان من شعوبها ويطلقونها ضدّ تعدّد الأزواج !!!

***

أمّا أنصارquot;هزّ الردفquot; فيرون أنّ زمن فيفي عبده قد انتهى وأنّها قد جمّلت العالم في زمن quot;الأبيض والأسودquot; وأنّquot; هزّ البطنquot; هو إرث quot;الحرب الباردةquot; الذي يجب القضاء عليه خاصّة وأنّه لم يعد يستجيب للمعايير الدوليةquot; ولم يعد قادرا على إقناع quot;الدول المانحةquot;. ثمّ إنّ منطق الطبيعة يقرّ-هذه الأيّام- بالبقاء للأفضح ولمن يسجّل quot;حقائق جديدة على الأرضquot;. ثمّ أنّى للنّاقد الحقيقيّ المنصف أن يختزل مزايا هيفاء. ؟؟ ألم تنقذ بهزّتين أو ثلاثة عديد المهرجانات العربيّة من إفلاس محقّق دون أن تتصرّف كنجم شباك، ودون أن تتمسّك quot;بمؤخّر العرضquot;؟
ولا غرابة في أنّ المتحاملين على هذه البنت البريئة التي تحرّك بردفيها خمسين ألف قلب في الثّانية هم بعض المثقّفين الذين انهاروا بانهيار quot;الأيديولوجياتquot; أو بعض القادمين من الكهوف القديمة ممّن زلّت أقدامهم وتثاقلت خطواتهم عجزا عن مجاراة النسق وتجديفا ضدّ التيّار. لكن ما يثير الضحك والسّخرية أنّ الواحد منهم إذا ربط عنقه، وجمّل نفسه أمام سحر الفضائيات كرّر بمناسبة أو بغير مناسبة مُضغة quot;على خلفيّةquot;.. فتسمع في خطبهم التي لا تنتهي على شاشة لا تستحي laquo;على خلفيّة التصريحاتquot; أو quot;على خلفيّة التجاوزاتquot; الخ..... فما لهم ومجال اختصاص quot;علماء الرقصquot; ؟؟ وما بالهم يتدخّلون فيما لا يعنيهم؟؟ يعيبون على الفنّانة الّلعب quot;بالخلفيّة الفكريّةquot; أمام جيل quot;الأنترناتquot; ثمّ لا يتورّعون عن الاستنجاد بمصطلحاتها.. ثمّ هل سمعتم مرّة مَنْ يتحدّث عنquot; البطن الفكريّquot; أوquot; الخصر الفلسفيّquot;؟ لكن في المقابل سمعتم، بلا شكّ، عن الخلفيّة السياسيّة أو الخلفيّة الفنّية. فلِمَ اللّوم إذا ما ألهبت هذه الفاتنة الشّعوب بخلفيتها الفنّيّةquot;؟؟ ألن تساهم بذلك في تحقيقquot; السلم الاجتماعيّquot; وتكريس الصّمت المرقوب...؟ وليعلم الجميع أنّ هذه المرأة حوّلتquot; الشفافيّةquot; من تنظير عند أهل السياسة إلى ممارسة عند أهل الفنّ ومحبّيه فإذا كلّ شيء شفّاف لا تخفى عن عيون المشاهدين خافية بل يُسْمَحُ لهم بمراجعة كلّquot; التفاصيلquot; والتثبّت في أدقّquot; الجزئيات...... quot;فعجبا لهذه الشعوب المتخلّفة...؟
تبحّ الحناجر مطالبة بالشفافيّة ولمّا تتجلّى أمامهمquot; نهوداquot; وquot;خلفياتquot; وquot;شفاها غليظةquot; يلعنونها.....

***

في الحقيقة يصعب، على الباحث في هذه القضيّة الشائكة، البتّ في مسألة الصراعquot; الفيفي/ الهيفويّquot;. ولا يمكن بسهولة الفصل في هذه القضيّة الشّائكة بحكم قدرة الرّاقصتين على الإقناع لذا من المستحسن أن تتواصل المشاورات وتتعدّد المسارات علّ أحد الطرفين يقدّم أثناء المفاوضات المرتقبة علىquot; تنازلات مؤلمةquot;. ومن المفيد للطرفين ndash;في ظلّ ما يشهده العالم من تحوّلات - تأجيل الحسم في بعضquot; المسائل العالقةquot; إلى حين الشروع في ترتيبات quot;الوضع النهائيّ.. هذا- بالطّبع- إذا لم يقع تدويل القضيّة quot;في حال تواصل تعنّت المتنازعتين. ولكن إذا ما رُفِعَ الأمر إلىquot;المكتب البيضاويّquot; فالله وحده سيعلم أيّquot; الهزّين سيستجيب لقرارات الشرعيّة الدولية وأيّ النّوعين من الرّقص يتعارض معquot; أمن إسرائيلquot;. وعندها قد لا يكون لكلّ حدث أو رقصة حديث...


كاتب من تونس