تحت عنوان quot; النساء والدولة وفضيلة الركوع quot; كتبت الدكتورة نوال السعداوي مقالة تربط فيها بين إستجابة ( ركوع حسب تعبيرها ) المجلس العسكري للطلب الأميركي بالإفراج عن الأميركيين المتورطين في قضية التمويل الأجنبي.. وبين ركوع المرأة للزوج
لا أختلف على الإطلاق مع الدكتورة السعداوي في رفض العبودية والإستعباد للمرأة وللشعوب.. ولكني اود أن أوضح وأضيف بعض النقاط.. لأني أؤمن إيمانيا راسخا بأن كل إمرأة تتمنى كسر هذه القيود أو بعضها على الأقل لتؤمن لأبنائها مستقبلا أكثر عدالة من الذي تعيش فية.. ولكني واثقة أيضا بأنه وللأسف سيستمر خضوع المرأة وإستعبادها طالما هي عاله إقتصادية على من حولها من الذكور.. فلا إحترام لكرامتها الإنسانية كبشر طالما أنها جزء من تخلّف مجتمعي يرفض التغيير حفاظا على مكتسبات الرجل، ساهم فيه فقهاء دين مغلقي القلب والعقل.. و قد تساهم هي ذاتها وبدون وعي في هذا التخلف بتربيتها لأبنائها بنفس الذهنية التي حرمتها الإحساس بالكرامة وبالمساواة من خلال سلبيتها وركونها لتعيد إنتاج ثقافة التسلط الذكوري..


لا يمكن الخروج من أشكال العبودية تلك بدون ربط الكرامة بإحساس الإكتفاء.. الإكتفاء الذاتي للدول خاصة في موضوع توفير الغذاء للشعوب.. أما موضوع الكرامة الإنسانية سواء للشعوب أو للمرأة فكلاهما مرتبط بالقانون.. القانون الدولي للخلافات بين الدول. والقانون المرتبط بالمواثيق العالمية التي تضمن كرامة المرأة بالنسبة للمرأة..
كلاهما مرتبط إرتباطا وثيقا بالإقتصاد والعمل السياسي.. فبالنسبة للمرأة لا يمكن تحرير المرأة من عبودية الزوج والمجتمع بدون أن تتحرر إقتصاديا.. أي أن تعمل قبل الزواج وبعده إن هي إختارت العمل بعد الزواج.. ولكن أيضا أن تحترم حقوقها قانونيا في حالة لم تعمل، من خلال قانون الملكية المشتركة الذي يكفل لها الحقوق المادية التي ضحت بها حين إختارت أن تبقى في بيتها لتوفير الراحة والإستقرار المعنوي للزوج وللمكوث لتربية الأولاد.. بدلا من مؤخر الصداق الذي يتلاشى بفعل التضخم.


إن تصاعد التيارات الدينية هي من أسس خلال السنوات الماضية لتركيع أكبر للمرأة وتركيع الدولة.. حين عملت على تغييب العقل وزرع الخوف الأبدي عندها.
ومن خلال هذا التغييب العقلي وضعت المرأة تحت قبضتها بحيث أصبحت المرأة حتى المتعلمة منها تلجأ للشعوذه وللفتاوى في كل خطوة تخطيها.. وساهم الإعلام من خلال فتح جميع القنوات التلفزيونية لتسلط فقهاء الدين، قيّدت المرأة لمقعدها البيتي تنتظر فتاويهم البشرية والتي في معظمها لا تستند إلى عقل ولا حجة.. بحيث أصبحت المرأة ذاتها الداء والدواء..إن تصويتها في الإنتخابات الأخيرة في الدول العربية بعد إنتفاضت عربية ضد الإستبداد هو ما عمل على إستجلاب إستبداد أكبر.. إستبداد بدء بالدعوة للتعدد والآن ينادي بتشويهها في عملية ختان لا تمت للدين ولا للسنة بصلة نظرا لإختلاف الفقهاء حولها.. إضافة أن ذكرها جاء عن.. وعن.. وعن..


أما بالنسبة للدولة.. فإستمرار تجاوبها مع أي ضغوط خارجية يرتبط إرتباطا وثيقا بمدى إكتفائها الذاتي خاصة الغذائي.. وتبقى مصر وعدة دول أخرى مكبلة بقيود إقتصادية إقتضتها زيادة سكانية تفوق معدل إنتاجها الغذائي. إضافة إلى تعود مستهلكيها إلى نمط حياة جديد إرتبط بصورة تفوق إمكانياته المادية. المساواة بين الدول ليست مساواة الكرامة الإنسانية كما في الأفراد. مفتاح المساواة بين الدول هو في مدى قدرة الدولة على تحقيق الإكتفاء الذاتي الغذائي لشعوبها.. وهذا ما يضمن لها الإستقلال في الرأي وفي شئونها الداخلية طالما لا تتعارض مع القوانين الدولية..
اما عظمة الدول فتقاس بمعيار آخر يستند إلى قوانينها الداخلية في تعاملها مع مواطنها بالدرجة الأولى ومعيار العدالة الإجتماعية ثم مع من حولها من الدول بمقياس المصلحة المشتركة وليس بالإمكانيات المادية والعسكرية.. ولهذا ستبقى جميع الدول العربية تحت رحمة وسيطرة أقطار العالم كله لأنها لا تمتلك كلا القانونين الكفيلين بحماية إستقلالها في القرار. فلا هي تعمل بديمقراطية تكفل المساواة لجميع مواطنيها تحت سيادة قانون واحد إضافة أن معظم تسلحها العسكري مرتبط بعلاقاتها ببعضها البعض.. ولا هي عملت على ترسيخ الديمقراطية من خلال العمل المدني. وتحاول الآن تشوية عمل هذه المنظمات المدنية المحلية والتشكيك بها تحت مسمى أنها تحمل أجندات تخضع لإملاءات خارجية تضر بالعملية الوطنية بينما الهدف الحقيقي هو محاولة منع القوى العالمية المدافعة عن الحقوق بمجملها من العمل مع المنظمات المحلية لعزل هذه المجتمعات عن العالم والأهداف العالمية للديمقراطية.