تقول الأسطورة:
إن قبيلتين تقعان في وسط صحراء قاحلة، خالية من كل نعم الله، تعانيان جفافاً في كل شيء.. شح الماء لقلة الآبار.. وكم تقاتلتا على بئر الماء.. حتى سالت الدماء أكثر من مياه البئر.. والحيوانات لا تعمر طويلاً، والمتبقى منها هزيل جداً لفقر الطبيعة.. حر الصحراء قاتل لا يرحم.
وقد مرت سنوات طوالٍ على هاتين القبيلتين وهما يتقاتلان، إذا توارثتا حقداً قديماً لأسباب كثيرة منها: البحث عن اللقمة.. وقد تسبب صيد أرنب من قبل أحد أبناء القبيلة، بحربٍ ضروس راح ضحيتها عشرات من رجال القبيلتين.
وامتد حقد هاتين القبيلتين ليسري في كيان كلابهما.. الذين ما إن ينام الناس حتى يبدأوا بمعاركهم التي تقض مضجع النيام بنباحها.. ناهيك عن قصص العجائز اللواتي يُدخلن في ريع اذهان الأطفال من الأقاصيص التي تؤجج الحقد والبغضاء.. كأن يقصصنَّ عليهم: من أن ديوك القبيلة الأخرى التي تصرخ عند الفجر.. إنما تبعث بالسباب والشتائم لآبائكم وأمهاتكم، لكن ديوكنا ترد عليها بالمثل.. هكذا يُزرع الحقد في أوصال الناس منذ نعومة أظافرهم في هذا المناخ المشحون بالحقد.. وفي ظل هذه الطبيعة المقفرة.. حدثت المعجزة، إذ كان أحد رؤساء القبيلتين يسير في الصحراء ليلاً وإذا برجله تتعثر بزجاجة مغلقة.. التقطها وفتح غطاءها فإذا بدخان يتدفق منها، فما كان من الرجل إلا أن ألقى بها بعيداً وهو في حالة من الرعب.. وفجأة امتد الدخان عالياً لينقلب أمامه عفريتاً طويلاً، إرتعدت فرائص رئيس القبيلة.. لكن العفريت أخذ يطمئنه، أنه طوع إرشاداته فيما يطلب ويريد، ولكن على شرط، أي شيء يطلبه لابد ان يعطي القبيلة الثانية مثله بشكل مضاعف.. فإن منحتك بئراً للماء منحتهم بئرين.. فما كان من رئيس القبيلة إلا أن طلب من العفريت أن يتمهل كي يعطيه فرصةً للتشاور مع أفراد قبيلته.. ونادى المنادي في أزقة القرية للإجتماع برئيس القبيلة الذي حدثهم عن موضوع العفريت وعن شرطه في أن يمنح أعدائنا ضعف ما يمنحنا.. فارتفعت الأصوات، فمن مطالب بإنشاء المدارس، وآخر طالب بإنشاء المستشفيات، وهناك من طالب بتحسين الأوضاع الإجتماعية للإرتفاع بمستوى الناس، الخ..
وكان رئيس القبيلة يستمع لكل هذه الطلبات وهو صامت وتدور في ذهنه أفكار لم يعلن عنها.. وعندما حان موعده مع العفريت فاِلتقاه ولم يطلب منه سوى طلب واحد فقط.. فقال له العفريت: وما طلبك ؟!.. فأجابه رئيس القبيلة: مادمت ستمنح القبيلة الثانية ضعف ما ستمنحنا فإنني أطلب منك أن تفقأ عيناً لكل واحد من أبناء قبيلتي ليبقى بعينٍ واحدة..
وفي هذه الحالة فإن أبناء القرية الثانية سيفقأ العفريت لهم عينان ليعيشوا حياتهم بلا بصر..
bull;شكراً لمن يضعون أمتاراً من الأقمشة السوداء والبيضاء فوق رؤوسهم يرمزون بها الى كهانتهم، والى هيمنتهم، وقوة سيطرتهم على شعوبٍ تعد من أوائل الشعوب التي رضعت رحيق الحضارة الانسانية منذ فجر التاريخ.. وشكراً لأمريكا التي ساعدت وتساعد على طمس تلك الحضارة.