عصام العطار احد حكماء الشعب السوري والشخصية الاسلامية المعتدلة والمجربة، حذر في بداية انطلاقة الثورة السورية من مغبة الوقوع في شرك النظام وحمل السلاح في وجهه. أرادها العطار ثورة سلمية شعبية هادرة مثل تلك التي حدثت في تونس ومصر، يشترك فيها كل قطاعات وفئات الشعب. ثورة من الحرية والى الحرية، فلايمكن لأي مواطن سوري ان يرفضها لانها تطالب بحقه وكرامته التي انتزعها نظام الاستبداد منذ أكثر من نصف قرن. لكن هذه المشورة لم يؤخذ بها، وقبل البعض منازلة النظام القاتل في ساحته، فحمل السلاح واستلم الاموال من هذا الطرف وذاك من اجل التسليح والمضي قدما في quot;معركة تحرير سورياquot;، تلك المعركة التي ارادوها ان تكون النسخة الوطنية من quot;معركة تحرير ليبياquot;. وحصل ما حصل منذ اشهر طويلة وطال عمر الثورة السورية وانحدرت البلاد الى حرب داخلية طويلة، يقول النظام ان احد اطرافها quot;عصابات مسلحة مدعومة من جهات خارجيةquot; وquot;تنظيمات قاعدة ومتشددينquot;.
وكان للنظام القاتل مااراده. فبات يٌسير الآليات العسكرية الثقيلة الى المدن والحواضر ليقصفها بقصد التدمير والسحق، متذرعا بوجود quot;المسلحينquot; وquot;الارهابيينquot;. وان كان من حق السوريين ان يدافعوا عن انفسهم في وجه آلة عسكرية جبارة اختارت صف نظام القتل، لكن الاخذ بالتسليح والدعوة العلنية للحرب وquot;فتح حسابquot; للثورة يتلقى مساعدات دول لاعلاقة لها بالديمقراطية والحرية تٌريد quot;تصفية فواتيرquot; مع اطراف اخرى على حساب الدم السوري، والتمسك بتطبيق قانونquot;العين بالعين والسن بالسنquot; وفي بلد مثل سوريا، اوصلنا الى مانحن فيه الان. بان كي مون الامين العام للامم المتحدة يتحدث الان عن quot;طرف ثالثquot; موجود في الصراع بين قوات النظام وquot;الجيش الحرquot; والمجموعات المسلحة الاخرى، وهو يقصد حصرا تنظيم quot;القاعدةquot; الذي يٌتهم بالمسؤولية عن العمليات الانتحارية والتفجيرات الاخيرة التي طالت مقارا امنية قمعية تابعة للنظام. وهذا يعني بان الصراع لم يعد بين نظام ظالم رعديد يقتل شعبه وبين شعب مطالب بالحرية والكرامة، بل بين هذا النظام (الذي يٌحشر قصدا في لبوس طائفي لادرار الدعم والتمويل) وبين تنظيمات دينية متشددة دولية، معروفة بشراستها وقوتها التدميرية. وبهذه الحال تكون سوريا قد دخلت في نفق طويل من العنف والعنف المضاد. مايحدث في سوريا الان من قتل وتدمير وتخريب للبلد، يتحمل مسؤوليته بالدرجة نظام القتل والساكتين عن جرائمه، كما يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية المعارضون الذين قبلوا ولاسباب مختلفة تلقي السلاح والاموال من محاور اقليمية لايهمها مصلحة الشعب السوري ودماء ابنائه، مساهمين في تحويل البلاد الى بؤرة جديدة لتنظيمات متطرفة مختلفة الجنسيات تريد جعل البلاد ساحة لتصفية حساباتها المذهبية. فكيف يمكن، والحال هذه، ان تنضم الطوائف والمذاهب والاثنيات السورية الى ثورة تتحول يوما بعد آخر الى لون طائفي معين، وتحمل، يوما بعد آخر، شعارات واعلام طائفية، وتبث خطابا طائفيا معينا موجها للخارج اكثر منه للداخل. حين مراجعة حساب الثورة السورية والبحث في كل هذا الارث من الفشل والتخبط، لنتوقف امام مسؤولية quot;الشريك الآخرquot; في اطالة أمد الالم السوري وسفك كل هذه الدماء العزيزة.
التعليقات