لاأريد الحديث عن الايجابيات التي حققها المجلس للثورة وسنتركها لمقالات قادمة...
احاول في هذه المادة أن اجمع بين كوني كاتب وبين كوني عضوا في هذا المجلس منذ تأسيسه، وكان لي شرف التعرف على أسماء سورية وخبرات جمة، من خلال هذا المجلس، هذه الخبرات التي لم يستطع المجلس الاستفادة منها، بشكل جيد وهذا يعود لاعتبارات عديدة أعتقد أننا جميعا تحدثنا عنها في السابق، لم أكن على اتفاق سياسي مع الدكتور برهان وبذلت جهدي كغيري ممن يشاركني الرأي، كي لايعاد انتخاب الصديق الدكتور برهان غليون منذ المرة السابقة..بغض النظر عن صحة موقفي من عدم صحته، إلا أنني كنت منذ البداية اتعامل مع الموضوع بحد كبير من الشفافية في عرض شؤون المجلس النقدية للقراء الكرام، والذي كان بعضهم يلومني لأنني يجب أن اركز على العصابة الحاكمة في سورية، إن الجملة النقدية من داخل صفوف الثورة، ومن ضمنها نقدي للجملة السياسية لدى الدكتور برهان غليون، وبصفته كصاحب خطاب سياسي من جهة وصاحب رؤية ممارساتية للفعل السياسي اختلفت ولا أزال مختلفا معها، مع احتفاظنا بصداقة تواصلية على المستوى الشخصي، على الأقل هذا ما يظهر لي..لماذا هذه اللغة بالحديث عن هذا الأمر؟ لأنه ببساطة يتعلق بقضية على غاية من الاهمية نعاني منها جميعا تقريبا وهي عدم قدرتنا على إدارة الاختلاف، داخل نفس الصف السياسي، حيث سرعان ما نحوله إلى خلاف شخصي يمكن أن تترتب عليه قطيعة تنعكس على كل الاداء السياسي لهذا الصف، وهذا ما أعتقد أننا نحاول تجاوزه في مؤسسات المجلس، لا أعرف إلى أي حد نجحنا في ذلك؟ هذا متروك للمستقبل كي يحكم. هذه القضية عدم القدرة على إدارة الاختلاف لازمة للمعارضة السورية، لكنها خاصية مقدور عليها، وعلى تجاوزها، كي لاتنعكس مزيدا من التشققات داخل صفوف قوى الثورة.
أخيرا وفي مقابلته الأولى بعد انتخابه الأخير مع قناة العربية يعترف ربما للمرة الأولى الدكتور برهان غليون، أن الشعب السوري المنتفض لكرامته وحريته أراد هذا المجلس شبيها بالمجلس الانتقالي الليبي، يستطيع أن يقوم بمهمة حماية شعبنا من هذا القتل الهمجي الذي تقوم به العصابة الأسدية، وهذه نقطة أعتقد اننا تعبنا كثيرا في حوار الدكتور برهان حولها منذ تشكل المجلس، ولكن أن نصل خيرا من ألا نصل..والسؤال هل حاول الدكتور برهان في المرحلة السابقة التعامل مع هذه القضية؟ أعتقد أن الجواب هو سلبي أكثر مما هو إيجابي، ولكن لايتحمل هذا الأمر الدكتور برهان لوحده، بل معه كل من كان يقابل مندوبي دول العالم باسم المجلس، مع التغير الملحوظ في موقفه وبدءه لتحسس الفصل الواجب والضروري بين برهان غليون كرئيس للمجلس الوطني السوري وبين برهان غليون المفكر والمعارض المستقل... وجاء بيان استقالته ووضع نفسه تحت الاعداد لمؤتمر عام للهيئة العامة للمجلس الوطني بكامل اعضاءها، من أجل إعادة انتخاب كامل هيئات المجلس من قبل مؤتمر عام لكامل اعضاءه، كخطوة بناءة، واعتقد أن هذا المنحى حاولنا به منذ البداية، فشلنا، وهنا في هذا السياق أثمن خطوة الدكتور برهان لكن بالمقابل، علينا أن نرى الوجوه الأخرى للقضية، مهما كان نقدنا لبرهان غليون إلا ان برهان يبقى شخصية مستقلة ليست منضوية في حزب سياسي أو تجمع معارض ما قبل تشكيل المجلس وجاء للمجلس بصفته هذه كحال كثيرين في المجلس. وهذه خطوة تحسب للدكتور برهان.. خارطة المجلس الوطني الآن معرضة لتغيير تضاريسها، بطريقة أو بطرائق غير صحيحة، بعد خطوة برهان هذه..
- لدينا كوكبة من المعارضين السوريين منهم من يخرج على شاشات الفضائيات ومنهم لايخرج يعدون منذ زمن أسماءهم للتوزير او الترئيس اي ليكونوا في الصف الأول في قيادة المجلس!! علما أنه لاخلاف سياسيا بينهم وبين ما تطرحه قيادة المجلس من سياسات، هؤلاء السادة بحجة نقد المجلس يريدون إما أن يكونوا بالواجهة أو يهدموه..وغالبيتهم مستقلين..!! ومنهم من كان في المجلس وخرج منه..هؤلاء بالنسبة لي شخصيا لا أجد أنهم في موقع يمكن أن يكونوا بديلا لبرهان غليون..فقد جربوا في مواقع أخرى كثيرة وسابقة وحالية..يعجبني خطاب بعضهم بشكل عام ونقده للمجلس بشكل خاص لكن هذه مسألة أخرى...
- الاصدقاء في هيئة التنسيق وما نتج عنها من استقالات فردية و الاصدقاء في المنبر الديمقراطي خاصة، أعتقد ان ممارسات العصابة الأسدية باتت تقربهم أكثر فأكثر من المجلس الوطني والعكس صحيح..ودخول سورية تحت مظلة الرقابة الدولية من مجلس الامن عبر كوفي عنان، يجعل تباينهم مع المجلس في قضية التدخل الدولي تباينا واهيا.. لهذا من المفترض ان يبقى الحوار مفتوحا على أساس التصور المشترك وليس بالضرورة على أساس التوحد في اطار تنظيمي واحد..طالما أننا سنصطدم بالقتال الشرس على المقاعد الامامية..!!
- الاصدقاء في الاخوان المسلمين، أعتقد ان ملفهم داخل المجلس وخارجه يحتاج منا ومنهم إلى وقفة نقدية خاصة، فهم قد حاولوا الاستئثار بقرار المجلس وبعضا من ميزاته!! فهل له ميزات؟ ساعدهم في ذلك ضعف الشخصيات القيادية في المجلس من جهة، وعدم تماسك إعلان دمشق وتشتت الوضع الكردي في السابق داخل المجلس وخارجه، كل هذا وغيره ساعدهم على أن يكونوا الطرف الأكثر تقريرا في شؤون المجلس..لدرجة أنهم استطاعوا تسمية أعضاء امانة عامة في المجلس كممثلين عن الحراك الثوري وهم يعيشون خارج البلد منذ عقود طويلة!! أو تسمية أعضاء من التنظيم تحت عنوان مستقلين، وهذا بات اضافة إلى حصتهم في الامانة العامة!! باعتبار أن المضافين هم تابعين لهيئات أخرى غير الاخوان المسلمين!! الميزة التي جعلتهم في هذا الوضع أيضا أنهم الجهة المؤسسية الوحيدة في المجلس..يتفقون هم وبعض قياديي إعلان دمشق والحركة الكردية بالطبع بمقولة التوافقية والمحاصصة، وبحجة أن أعضاء المجلس غير منتخبين فكيف يطالبون بانتخابات ديمقراطية حقيقية، من قبل الهيئة العامة لهيئات المجلس...سأروي حادثة بسيطة أحد من سموا بعد تونس عضوا في المكتب التنفيذي وكان مغمورا وغير معروف في أوساط المعارضة لا القديمة ولا الجديدة، كان يدافع عن مشروعية المحاصصة وهو ضد العملية الانتخابية!! لأن أعضاء المجلس غير منتخبين وفجأة بعد تونس بفترة قصيرة اصبح عضوا في المكتب التنفيذي!!
- الشخصيات المستقلة في المجلس أكثريتها بالطبع تتطلع لأن تكون في الصفوف الامامية، ودون أن يكون لديها برنامج سياسي واضح، طبعا من حق أي مواطن هذا الأمر ولكن عليه أن يقدم رؤية سياسية وتنظيمية تتلافى التقصير وتصلح السلبيات..لهذا وضمن هذه المعمعة نراهم عرضة لتلاعب الكتل الرئيسية في المجلس وهذا ما خلق جوا من المحسوبيات!!
- إن الدكتور برهان بخطوته هذه وضع الكرة في ملعب الباقين..فهل يكون أعضاء المجلس على قدر من المسؤولية للعودة إلى السبب الحقيقي الذي من أجله تشكل المجلس، وهو العمل من أجل تأمين الدعم لاستمرار الثورة السلمية ومناطق عازلة للجيش الحر، والاهم تأمين حماية للشعب السوري من همجية العصابة الأسدية..لأن الشعب السوري لايحتاج المجلس الوطني من أجل الحوار مع نبيل العربي!! وبالتالي مع العصابة الأسدية..المجلس عمل قدر جهده ووفق واقع حاله في خدمة الثورة، لكنه بقي أقل من روحية الثورة..فهل نخرج إلى أفق الثورة؟
غسان المفلح
- آخر تحديث :
التعليقات