تتجه النية لترشيح بغداد لتكون مكانآ لإنعقاد المحادثات بين الدول الخمسة الدائمة العضوية زائدآ ألمانيا مع إيران لمناقشة ملفها النووي،وهذا الموضوع يغيض المواطن العراقي ويثير الرعب في نفسه، ويزيد من سخطه، وغضبه على الحكومة والسياسيين بصورة عامة، فالقمة العربية التي عقدت في بغداد أواخر آذار الماضي لا زالت ذكرياتهاالأليمة عالقة في الأذهان حيث وصلت التحضيرات التي رافقتهاوبدون مبالغة حد الإنتهاكات والتضييق على الحريات،علاوة على هدر المال العام الذي رافق هذا الكرنفال الإستعراضي العراقي للعرب، وهذه الأمور كلها تجعل من العسير على المواطنالعراقي أن يتقبل مستقبلآ أي تجمع أو إجتماع يعقد في عاصمته، فإذا كانت الإعتبارات السياسية والإقتصادية والمصلحة الوطنية بصورة عامة تقتضي إقامة مثل هكذا محادثات مهمة فلتكن في إقليم كردستان العراق الذي ينعم بالأمن والأمان، والبنى التحتية الجيدة، ومستوى لا بأس به من الشفافية غير موجودة أصلآ في باقي أجزاء العراق رغم بعض التحفظات على سياسة الإقليم وعلاقته بالمركز.

وبدلآ من الإصرار على عقد القمم الدعائية والترويج لها والتشبث ببغداد مكانآ لإحتضانها وكأن العراق أصبح شبيهآ بسويسرا، كان منالأجدى بالحكومة ورئيس وزراءها السيد نوري المالكي والذي يتعرض الآن لموجة غير مسبوقة من الضغوطات والإنتقادات من قبل المنافسين والمناؤين له وحتى من أقرب شركاءه، أن يلتفت لقواعده الشعبية التي أخذت تدرك إنها مهمشة ويتم النظر إليها على إنها أصوات إنتخابية لا أكثر، حيث بدأت هذه الحشود تشعر إن لا شيئ ملموس قد تغير منذ الإطاحة بحكم الطاغية صدام، فالتفاوت الطبقي كبير وباقِ كما هو،والفجوة بين الأغنياء والفقراء بدل أن تتقلص أخذت بالإتساع، وأزلام النظام السابق لا زالوا في أماكنهم متحكمين بكثير من أمور الدولة ومفاصلها،إضافة على إن هناك ملفات كثيرة لم تكن الحكومة موفقة في معالجتها، فملف الفساد بقى يراوح مكانه والصولة عليه لم تنفذ، وملف العلاقة الشائكة مع الكويت قُدِمَت فيه تنازلات وعُقِدت عليه صَفقات ومُساومات على حسابحقوق العراق التأريخية ومصالحه الحيوية، فالإتفاقات التي تمت بين الجانبين في بغداد مؤخرآتظهر إن الكويت حققت ما كانت تصبوا اليه وتتمناه، والشعب العراقي بالتأكيد غير مُلزم وغير معني بأي إتفاق مع الكويت يتجاوز تلك الحقوق بل سوف تتم محاسبة كل من يفرط بأراضي العراق ومياهه الإقليمية،علاوة على إن هناك ملفات مهمة لم تأخذ ذلك الحيز من جهد الحكومة وإهتمامها، فملف الخدمات متلكئ،وملف المياه لا وجود لحلول سريعة له، وهما ملفان لا يقلان أهمية عن كل ما ذكرناه إن لم يكونا أهمها،ولا بد من ذكر العلاقة المُعقدة والغير واضحة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية وهذا ملف لا يقل خطورة عن الملفات السابقة والملاحظ على هذا الملف إنه يُسَخن إعلاميآ كلما إقتربت الإنتخابات، والحكومة شبه عاجزة عن إيجاد حل جذري لهذه المشكلة التي تتفاقم يومآ بعد آخر والتي تتجه لأن تكون شبيهة بالحاله بين السودان وجنوبه ما لم يتم تدارك الأخطاء.

إننا نشخص الأخطاء ومواقع الخلل ولا نستطيع أن نغض الطرف عنها ولو كنا نتعاطف مع حكومة السيد المالكي الذي عليه التقرب أكثر الى القواعد الشعبية وإرضاءها والتي إن ضمن حبها وولاءها فلا يخشى الخصوم ومؤامراتهم لكن المشكلة كل المشكلة لو تسرب الكره وعدم الرضى وفقدان الثقة لهذه الحشود والقواعد الشعبية
.فعندها تصبح كل الإحتمالات واردة.