هو الإفتراء بعينه، والإنكار الجلي للحقائق.. كأنكار سطوع الشمس أو كروية الأرض..
هو الإقصاء والإزدراء والتهميش.. ومخالفة التاريخ المسجل الذي لا زلنا نعيشه..
هو لي ذراع الموثق والثابت من كل ابداعات المجتمع المصري بدءا بالفنون ثم الإستدارة للآداب.. الخ.. بهدف إرساء قاعدة للترهيب والتخويف..
هو إعادة هزلية ممجوجة بالكل المقاييس لمحاكمة سقراط الفليسوف وجاليليو العالم، بنفس المقاييس عصور اللظلام.. ولكن في بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرون..
هون عليك الأمر يا ابن جيلي..
فلن يسكب زيت قناديل التنوير لتنطفأ..
ولن يطاح بجهد وإبداع أجيال مصرية متعاقة أقامت رواسخ شامخات من الفن والنهضة، لكي تُلاحق رموز الفن والتثقيف التى حاربت الظلام وبذلت أقصي ما في جهدها لكي تأخذ بيد المجتمع نحو التطور.. ساعة كان الآخرون بعيدون عن الساحة خائفون ووجلون..
لا يصدق أحد أن تقام في العام 2012 محاكمة quot; لأفكار quot; أي إنسان، فما بالك بـسعي دؤوب لتقديم quot; فنان quot; أو quot; مبدع quot; أو مثقف quot; أو quot; صاحب رؤية quot; للمحاكمة علي ما سبق أن طرح من فكر بشكل سلمي إستقبله المجتمع بكل استحسان وتجاوب..
والمطلوب منا ان نسكت ونصمت ونرضي ونلتزم بما يفرض علينا من سياسات القهر، لكي تزداد مؤشرات التأسيس للمحاكمة quot; بأثر رجعي quot; !!..
الوصف المجتمعي لمثل هذا التصرف الذي مُحي تماماً من قواميس العالم هو محاولة سرقة ذاكرة الشعب.. التخطيط لتجميد مرحلة خصبة من حياته عند مستوي معين، تمهيداً للعودة بها إلي الوراء عشرات السنين..
هو أيضاً الإنتقام من فترة تاريخية..
ويمكن أن نضيف إلي ذلك وتلك أنه محاولة عبثية لفرض قواعد شمولية وفاشية يُمحي في ظلماتها الحقوق الأساسية للفرد والمجتمع.. ويَدعي الفارضون لأحكامها إمتلاكهم هم فقط quot; للحقيقة المطلقة quot;.. ومن ثم حقهم في نفي الآخرون وعزلهم بعد أن تشوه صورتهم..
يختلف الكثير من المشاهدين والنقاد والدارسون والكتاب حول quot; فن وإبداعات quot; عادل إمام كفنان.. كمشخصاتي.. سواء فوق خشبة المسرح إو ضمن احداث الأفلام السنيمائية التى قدمها.. كيف إداها ؟؟ وهل قصر في تجسيد ابعاد الشخصية ؟؟.. ويؤخذ في الإعتبار المؤلف وكاتب السيناريو والمخرج والمصور وواضع الموسيقي، حتى مسئول الاضاءة في بعض الأحيان، وفي احيان اخري يضاف اليهم مصممي أفيش الدعاية ومقدمة الفيلم التسويقية..
المنتج الفني كالمسرحية او الفيلم، غالبا ما يشتهر باسم البطل أو البطلة، إلا أن هذا المنتج في نهاية المطاف هو حصيلة جهد وتعب مجموعة من المبدعين كل في مجاله وتخصصه..
هذا الجهد والتعب والإبداع يفرض علينا، أن نسأل..
ماذا يقصد من مفهوم أو مصطلح إزدراء الدين الإسلامي ؟؟..
وما هي المقاييس الشرعية التى يُؤخذ بها لإثبات أو نفي هذه التهمة ؟؟..
أم أن القياس هنا يجري وفق أساليب محاكم تفتيش عصور أوربا الوسطي !! أو في ضوء التراث البشع الذي تركه حكم هتلر وموسيليني ؟؟..
وهل التفتيش في خبايا العقل والفكر الذي جعله الله حرا داخل نفس الانسان، يُعد من الشريعة الإسلامية السمحة ؟؟..
ما هي مؤشرات الإزدراء التى دبجها المحامي الذي إنتهز فرصة الصعود غير المتوقع لتيار الإسلام السياسي، وخطط لهذه المهزلة الفاقعة الألوان ؟؟..
الأهم من ذلك.. كيف إنقلبت نصوص القوانين الحامية للشعب من عدوان وتعدي الآخرين، إلي أداة تجريم وإدانة لكل من إراد ان يكيد لأحدهم ؟؟..
أيستحق..
الفنان عادل إمام الذي قدم مع فريق من مبدعي مصر.. أفلام الغول.. والمنسي.. وطيور الظلام.. والإرهاب والكباب.. وطيور الظلام.. والنوم في العسل.. والإرهابي.. وحسن ومرقص.. الخ.. وبعث بها رسائل تدين الحكم التسلطي وتفضح طبقة رجال الاعمال وسياسيوا الغفلة بسبب جرائمهم التى سببت التخلف والإنتكاسة لهذا الشعب.. وأدان بها التطرف والتعدي علي حقوق الغير، اي كان شخصه أو ايديولوجيه ودينه ولونه، أن يُقدم للمحاكمة بهذه التهمة الفضفاضة التى حكم فيها وفق مواد قانون تتسم بالمطاطية !!..
أيستحق..
الفنان عادل إمام هو وهذه الكوكبة من المبدعين الأجلاء، هذا التجريح المتعمد ؟؟..
إننا مطالبون أان نسأل أنفسنا..
إلي أين نسير ؟؟ وفي أي اتجاه تقودنا خطي مثل هذه القضايا الإفترائية التعسفية الظالمة ؟؟..
والأهم من ذلك..
كيف سيكون مستقبل الإبداع المصري علي كافة المستويات ؟؟..
وإلي أن تتضح الرؤية وتنجلي ابعاد الصورة الهزلية التي نعيشها، لابد من المسارعة إلي
-التعبير بكافة الوسائل عن حجم المخاوف المجتمعية الناجمة عن هذه الهجمة المتصاعدة ضد الإبداع والمبدعين..
-إستخدام كافة السبل لتوضيح مقدار وبشاعة المخاطر التى ستلحق بتيار التنوير المجتمعي، فيما لو لم تتوقف هذه الهجمة فوراً..
-شرح الأبعاد الخطرة التى يمثلها تمادي التيارات المعادية للحرية في حربها ضد حريات التعبير والإصرار علي تعطيل حركة مجتمع ما بعد فبراير 2011، وما ستؤسس لو له نجحت من تخلف وتراجع وإنهيار..
-التأكيد عبر منافذ الإعلام وتقنيات المعلومات والتواصل الاجتماعي أن ملاحقة الإبداع والمبدعين هي في حقيقة الأمر إرهاب فكري وتسلط شمولي وإدعاءات إستبدادية، عفا عليها الزمن وتجاوزتها البشرية من سنوات طوال..
-التأكيد علي مستوي كافة الأوساط الثقافية والتنويرية أنه ليس من حق أصحاب هذه الدعاوي إستخدام الدين لتبرير هجمتهم الشرسة ضد الإبداع والمبدعين، خاصة في مرحلة ما بعد الثورة الشبابية التى إحتضنها الشعب المصري بكل فئاته.. والتى قامت في المقام الأول لاسقاط حكم استبدادي عنصري، حتى لا تقع ndash; أي الثورة والمجتمع معها - في قبضة حكم تسلطي يتخفي في عباءة الدين.. والدين منه براء..
لابد أن نتكاف لكي نظهر مدي بشاعة هذه المحاولة.. ومدي الصدمة الحضارية التى ألحقتها بالحركة المجتمعية للشعب المصري..
لابد من التآذر لتأكيد أن هذه المحاولة التى ستبوأ بالفشل ما هي إلا جرس إنذار، يجب أن ينبهنا لحجم المآسي التى يُخطط لفرضها علي شرائح الإبداع الفني والتنويري من خرجوا من السجون والجحور وصدورهم مملوئة بالحقد الدفين وقلوبهم خاوية من المحبة وصدروهم ضائقة بالحرية التى ركبوا موجتها بعد أن حققت مطلبها الاول بسقوط رأس النظام.. وهاهم يعطلونها ويقسمون الشعب إلي فئات وطوائف خدمة لمصالحهم وأجندتهم في سرقة أنقي أهدافها الساعية بإصرار لتحقيق حرية الإنسان ووضع حد للردات الحضارية والأفكار الظلامية التى يسعي البعض لفرضها علي كافة المستويات..
bull;استشاري إعلام مقيم في بريطانيا [email protected]
التعليقات