ذكرت صحيفة (السومرية نيوز) فى يوم الثلاثاء 1/5/2012 ما يلى:
(قال علاوي خلال مؤتمر صحافي عقده، اليوم، في السليمانية وحضرته quot;السومرية نيوزquot;، على هامش لقائه رئيس حركة التغيير نوشيروان مصطفى، إن quot;اجتماع اربيل بين الأطراف السياسية هو دليل واضح على أن العراقيين يرفضون التعامل والاستماع إلى قرارات الدول الأخرى وكان اجتماعاً عراقياً بامتيازquot;، معتبراً أن quot;من يذهب إلى الدول الأخرى يستجدي مواقفها سيصاب بخيبة أمل وستسقط عراقيتهquot;.

وشهدت الأسابيع الماضية، زيارة العديد من المسؤولين العراقيين إلى دول الجوار والدول الأخرى، بينها زيارة رئيس الحكومة نوري المالكي إلى إيران في (22 نيسان 2012)، والجولة التي قام بها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بداية شهر نيسان الماضي، إلى قطر والسعودية ومن ثم الى تركية التي يقيم فيها حالياً، وكانت آخر هذه الزيارات هي زيارة رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني يوم أمس الاثنين (30 نيسان/ابريل 2012) إلى الإمارات العربية المتحدة وبعدها سيتوجه إلى قطر، بحسب ما أعلنته رئاسة إقليم كردستان). انتهى الخبر. لم تذكر الصحيفة شيئا عن زيارة السيد مسعود البارزاني الى تركية قبل أيام، تركية تلك الدولة المعادية للأكراد والحكومة العراقية معا، وتحلم بعودة سلطانها على العراق الذى دام أكثر من أربعة قرون من الاستعباد العثماني حتى طردتها بريطانيا منه فى الحرب العالمية الأولى.

ومن المتعارف عليه أن رؤساء الدول يتبادلون الزيارات لمصلحة بلدانهم، ولا غبار على تلك الزيارات، و على ذلك يمكن أن نعتبر زيارة رئيس الوزراء المالكي لإيران تعتبر زيارة عمل إذ لا يعرف أحد حقيقة المداولات التى جرت إلا من حضرها، ولكن بماذا نفسر زيارات السيد طارق الهاشمي الى قطر والسعودية وتركية وهو المطلوب للقضاء بتهمة الارهاب فى العراق ولا يريد تسليم نفسه؟ الدول الثلاثة رحبت به برغم طلب الحكومة العراقية تسليمه اليها، فهل نعتبر هذه الدول صديقة للعراق؟ أما السيد البارزاني فانه ذهب الى أمريكا محاولا منعها من تزويد العراق بطائرات ف-16، وانه يعارض وجود جيش عراقي مليوني فى الوقت الذى يحتفظ فيه بجيش كبير من البيشمركة مسلح بالأسلحة الثقيلة التى استولى عليها عند سقوط نظام صدام حسين ولم يسلمها للحكومة العراقية كما المفروض ان يفعله كل مواطن عراقي مخلص فى مثل هذه الحالة. بعد أمريكا زار السيد البارزاني بضعة دول اوروبية لشراء الأسلحة لجيشه، وبعدها زار تركية عدوة الأكراد رقم 1 فى العالم وهى التى لم تكف حتى اليوم عن قصف القرى الكردية فى اقليمه، ثم اجتمع بالهارب الهاشمي، وأترك لمخيلة القارىء الكريم تخمين ما جرى بين الاثنين فى ذلك الاجتماع.

الدكتورعلاوي زار تركيا مرتين اثنتين فى شهر آذار/مارس الماضى والتقى بالسيد اوغلو وزير خارجية تركيا. بماذا نفسر هاتين الزيارتين خلال شهر واحد؟ المعروف أن الدكتور علاوي هو من أكثر البرلمانيين تغيبا عن حضور جلسات البرلمان بالرغم من أنه يستلم رواتب ضخمة كعضو برلمان، بالاضافة الى اقامته شبه الدائمة فى لندن وعمان وزياراته المتكررة للولايات المتحدة الأمريكية التى بدأت حينما كان فى المعارضة العراقية فى لندن والتى كانت تضم السيد أحمد الجلبي، و كانت المعارضة تستلم ملايين الدولارات من أمريكا للمساعدة فى اسقاط حكم البعث المباد فى العراق والذى كان علاوي أحد قادته، فى الوقت الذى كان فيه المالكي فى سورية يقتات على ما يبيعه من (السبح والخواتم) ولم يمد يده لأحد.

وصرح اليوم النائب عن العراقية السيد طلال الزوبعي ردا على تصريح أحد أعضاء دولة القانون بأن قطر وراء عدم حضور العراقية للجلسات التحضيرية قائلا : (إن قطر بلد عربي ومحور رئيسي فى الساحة العربية ومن الأجدر بنا التوجه الى اصولنا العربية وليس الذهاب الى وحدة مع ايران التى خربت وقتلت وخلفت جيوشا من الأرامل فى العراق). ونتساءل: هل يعرف السيد الزوبعي أن نفوس قطر لا تتجاوز 300 الف قطري فكيف أصبحت (محور رئيسي)؟ وعلى اساس الأصول التى ذكرها الزوبعي فانه يمكن للعراقي من أصول فارسية التوجه الى ايران ومن اصول تركية الى تركيا.

فى عددها الصادر فى 4 شباط/فبراير الماضى نشرت صحيفة (شفق نيوز) خبرا بعنوان: علاوي: (الأسد أبلغنى وضع ايران خطوطا حمراء على العراقية وأدعو العراقيين الى عدم انتخاب ممثلى قائمتنا) ومما جاء فى الخبر: (وقال علاوي في مقابلة مع صحيفة السفير اللبنانية اطلعت عليها quot;شفق نيوزquot;، إن مجلس السياسات (المنصب المناط له وفق اتفاق سياسي) quot;لا يشرّف أحداً، ولا يشرّفني أن أكون جزءا منه حقيقة ولا من الحكومة، لا الآن ولا مستقبلا، فالعملية السياسية في العراق وصلت إلى مستوى ضحل، مستوى لا يليق بالشعب العراقي، ولهذا أنا أطلب من العراقيين عدم الذهاب مجددا لانتخابي أو انتخاب أي ممّن يشاركون الآن في عمل يسيء للعراق، فنحن كساسة أسأنا للمواطن كثيراًquot;.)

وعلى ذلك فان ما قاله الدكتور علاوي من ان (من يذهب الى الدول الاخرى يستجدى مواقفها سيصاب بخيبة أمل وستسقط عراقيته) ينطبق تماما عليه وعلى السيدين الهاشمي والبارزاني وكذلك مقتدى الصدر طفل ايران المدلل وحبيب البسطاء من العراقيين.

إن شهوة الدكتور علاوي وقادة العراقية للحكم تفوق كل تصور، فهم لا يكفون عن الحديث عن إتفاقية أربيل (المقدسة) التى تتضمن المشاركة بالحكم ومجلس السياسات العليا، وهى بيت القصيد. والواضح لكل ذى عينين وفكر نير أن هؤلاء لا تهمهم مصلحة العراق بقدر ما تهمهم مصالحهم الشخصية والقومية والطائفية. والأسوأ من ذلك انهم يركزون جميعا جل جهودهم فى دق اسفين بين قادة التحالف الوطني، ونجحوا بضم مقتدى الصدر اليهم بعد أن لوحوا له بموافقتهم على أي شخص من جماعته، وكما توقعنا فقد سقط مقتدى فى الفخ وانضم الى مجموعة علاوي، ولا ريب فى انه كان يفكرفى ان يصبح (خميني العراق) حالما يستلم الحكم، وان تم له ذلك فان أول ضحاياه بلا شك سيكون الدكتور علاوي الذى قاتل جماعته فى النجف، والذى هو أيضا يتربص الدوائر للأيقاع ب(سماحة السيد القائد) ثم يتحين الفرص للتخلص من البارزاني، ولكن جماعة علاوي نفسه يقفون لقائدهم بالمرصاد أيضا وسيتخلصون منه حالما يؤول الحكم لهم على الطريقة البعثية فى التخلص من الخصوم.

يمكننا ان نتصور الفوضى العارمة التى ستعم العراق إذا ما نحي المالكي عن منصبه قبل نهاية ولايته الحالية، فستطالب كل من نينوى وديالى وصلاح الدين والأنبار بتكوين اقليما او أقاليم لهم وستتبعهم البصرة وغيرها فى الجنوب بداية لانفصالهم عن العراق، وسيكون الوضع قابلا للانفجارالذى لو حدث فسيذهب بأرواح مئات الآلاف من العراقيين، وسيكون أسوأ من الذى حصل فى الأعوام 2004-2006 حين قتل من العراقيين بحسب الاحصاءات الأمريكية ما لا يقل عن مئة ألف عراقي، بالاضافة الى الدمار الهائل الذى سيحل بالبلد، وسيكون الفقراء أشد تضررا من غيرهم. وإذا كان علاوي وجماعته يحبون العراق حقا فلماذا لا ينتظرون سنتين لا غير عندما تقرر الانتخابات القادمة من هو المسكين الذى سيحصل على كرسي رئاسة الوزراء الذى يتقاتلون من اجله؟