هو النجم الأكثر تألقاً فى جيله من الأساقفة


هو البابا شنودة الثالث الأشهر والأكثر جدلا وإثارة في تاريخ الكنيسة المصرية، ليس فقط لمواقفه الوطنية،،لكن لأن انتخابه جاء في نفس العام الذي شهدت فيه مصر تحولا سياسيا كبيرا. فقد جلس على كرسي البابوية في عام ما سماه السادات quot; ثورة التصحيح quot;، ومن يومها قيد للبابا أن يدخل طرفا في صراع سياسي بدأ أول احتكاك بينه وبين الساداتndash; بعد ستة أشهر من انتخاب البابا - ومروراً بموقفه الأشهر على مدى التاريخ في منع الأقباط من زيارة القدس حتى تحريرها،ووصولا بالخطاب الأخير والذي قال قيه السادات : (أن شنودة يريد أن يكون زعيماً سياسياً للأقباط فى مصر، ولا يريد أن يكتفى برئاسته الدينية لهم) والذي انتهى بتحديد إقامته في ديرquot; وادي النطرونquot; ولم يسمح له بالتحرك إلا بعد اغتيال السادات.


حلم البابا أن يصبح طبيباً لكنه لم يتحمل مشاهد الألم والدم التي تجتاح حياة الأطباء، فتحول إلى الأدب

ودرس التاريخ الفرعوني والإسلامي والحديث(ولم يعلم أنه سيصير إحدى صفحات هذا التاريخ)،والتحق بالكلية الأكلريكية وهو لايزال يدرس في كلية الآداب جامعة الملك فؤاد الأول،وكان ذلك استثناء لأنه كان يجب أن ينهى كليته أولا،ولكنه تعهد بتقديم شهادته الجامعية قبل تخرجه.
تخرج في الكلية الأكلريكية وظل يحصل على دروس مسائية في اللاهوت القبطي رغم انه أصبح مدرساً بها،كما أنه دخل الكلية الحربية وتخرج فيها عام 1948م.


حبه للأدب جعله يتنقل في عوالمه الكثيرة، فعمل بتدريس اللعة العربية، ودأب على الكتابة في مجلة مدارس الأحد

حتى رأس تحريرها،وأسس مجلة الكرازة والتحق بنقابة الصحفيين، وعمل مدرساً للغة الإنجليزية في مدرسة ابتدائية.

وكانت ملكته الأدبية لا تفارقه منذ سن السادسة عشرة

فتأتيه الفكرة في الليل فيكتبها على الحائط بالقلم الرصاص،ثم تحول بعد فترة إلى كتابة الشعر الديني وله فيه عشرات القصائد.

هوالذي استن تقليداً مشهوراُ،هو درس الجمعة الذي أصبح فيما بعد مناسبة لها شأنها في حياة الكنيسة القبطية

هو الطفل quot;نظير جيد رؤفائيلquot; المولود في قرية سلاَّم التابعة لإيبارشية أسيوط لعائلة متوسطة الحال والذي عانى اليتم بعد ثلاثة أيام من ولادته حينما ماتت أمه بحمى النفاس ورضع من سيدات القرية المسلمات وكان له أخوة في الرضاعة مثل زهري حمدان... وقد عوضه الله شبع لكل احتياجاته وجعله أباً للكنيسة القبطية كلها وأشبع شعبه من الحب والحنان والأبوة الصادقة ومن التعليم،فهو المردد دائماً:

quot;هلك شعبي من عدم المعرفةquot;، فإهتم بالتعليم لأنه تتلمذ على يد حبيب جرجس باعث نهضة التعليم في الكنيسة

أصلح لشعب الكنيسة حياته وهو الذي اعتزلها بالخلوة مع الله فدخل البرية لكي لا يعود للعالم مختاراً مغارة مكث بها حوالي خمس سنوات كاملة. وبعد عودته قاد


الكنيسة في أصعب العصور،عصر اضطهاد الأقباط. عاصر البابا تقلبات الزمن وحمل على كتفيه معاناة الشعب القبطي لكن لم تفارق الابتسامة وجهه،كان دائماً بشوش ذو وجه محب يضحك دائماً على مدى الأعوام الأربعين التي ظل يعظ شعبه فيها ولوعلى كرسي متحرك

وهو البطريرك الوحيد طوال فترة جلوسه على كرسي ما رمرقس المحافظ على كينونته الرهبانية فكان له 3 أيام أسبوعياً إختلاء في الدير نصف الأسبوع في العالم يعظ شعبه والنصف الآخر في الدير راهباً وناسكاً (لم يأكل لحماً قط).

رحل البابا وترك لنا عصارة عمره مدونة في سبعين كتاباً روحياً وبحثياً، رحل تاركاً للمصريين جميعاً قيماً عالية عن التسامح والغفران فهو الذي واجه

قبل رحيله بعام تجمع عشرات الآلاف من السلفيين والأخوان المسلمين حول الكاتدرائية حاملين صوره وكانوا يبصقوا عليها ويهددون ويسبون ويشتمون... وكانت عظته بعدها بيومين عن الغفران... تماماً مثل سيده.

البابا شنودة رجل سلام فحمل داخل قلبه الطيب الوديع الآم شعبه ووضعها أمام الرب وعمل للسلام...

أختم بكلمة أحد الإعلاميين المصريين أن البابا كان رجل سلام لأنه بكلمة واحدة منه يستطيع تحريك 15 مليون قبطي في مصر وخمس ملايين في العالم... ولكنه كان دائماً يعمل للسلام والوئام الإجتماعي.

رحل البابا وحزنت عليه مصر بمسلميها قبل أقباطها

حزنت على رحيله قارات العالم الخمس فقد تميز عهده بنشر الكرازة فى قارات العالم أجمع.

لقد رأيناه وعرفناه أباً روحياً عطوفاً واعظاً مفوهاً رائدا محبا معلما عظيما... وأخيراً اكتسبناه شفيعاً لنا جميعاً فاشفع فينا أبينا الغالي.

[email protected]