يحاول عبد المنعم أبو الفتوح أن يقدم نفسه للمواطن المصري علي أنه إنسان معتدل ليكسب أصوات البسطاء. أما التيار الإسلامي فيعلم جيدا أن أبو الفتوح هو واحد من هذا التيار بل هو أحد رواده في مصر ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها، ولقد أستطاع أبو الفتوح جمع بعض أصوات الليبراليين ومنهم شباب الثورة، بل أستطاع أن يقنع بعض الأقباط ببرنامجه، ويعتبر تأييد التيار الإسلامي لأبو الفتوح شئ عادي بل واجب علي هذا التيار فهو يمثل الأقوى بين كل مرشحي التيار الإسلامي، ولكن الغريب أن يتشدق البعض بانتمائه للتيار الليبرالي ويعلن تأييده لأبو الفتوح، أو يصرح البعض أنه يؤيد أبو الفتوح لأنه وجوده في الحكم يضمن حقوق الأقباط.

وأنا لست ضد حرية أي شخص في أن يؤيد من يؤيد أويعارض من يعارض، ولكني ضد من يدعي أنه ليبرالي أو يعمل لصالح الأقباط وكلاهما يؤيد أبو الفتوح، فإذا كنت ليبراليا حقيقيا وإذا كنت تريد حقوق متساوية للأقباط كمواطنين مصريين مع غيرهم من شركاء الوطن فيجب أن تقول لا لأبو الفتوح للأسباب الأتية.

أولا- عبد المنعم أبو الفتوح نشأ وترعرع في جماعة الإخوان المسلمين ومارس السياسة طيله حياته من خلال الجماعة، وكان إنفصاله عن الجماعة لأسباب شخصية بحتة، فبعد أن أعلنت الجماعة عن نيتها عدم المنافسة علي منصب رئاسة الجمهورية، أعلن هوعن عزمه خوض الانتخابات، فقامت الجماعة بفصله، وقد صرح المرشد العام أنه كان أهون عليه قطع يده من أن يتخذ قرار بفصل أبو الفتوح، ثم تدور الأيام وتقدم الجماعة مرشحها للرئاسة الأمر الذي ليس له غير تفسير واحد، وهو أن أبو الفتوح كان يعلم أنه لن يكون الإختيار الأول للجماعة في حالة خوضها الانتخابات الرئاسية، والأمر ليس أكثر من كونه خلافات شخصية وليست منهجية داخل الجماعة وإلا ماذا كان يمنع الجماعة من تسمية أبو الفتوح كمرشح للرئاسة بدلا من الشاطر ومرسي.

ثانيا- أبو الفتوح يتبع نفس منهج الجماعة فهو الذي وصف عمر سليمان يوم الثامن من فبراير في حوار له بالجزيرة بالرجل الوطني، وهو أول من نهش في لحم عمر سليمان بعد الإعلان عن ترشحه للرئاسة، هي سياسة الإخوان الذين وصف مرشدهم مبارك بالأب لجميع المصريين وهم الذين هاجموه بعد التنحي.

ثالثا- لم يتكلم أبو الفتوح يوما عن الدول المدنية بطريقة يقبلها المنطق الحر، ولم يغير اسلوبه يوما عن اسلوب الإخوان دولة مدنية بمرجعية دينية. ولا ندري كيف تكون الدولة المدنية بمرجعية دينية غير أن هناك تفسير واحد وهو تغيير الزي الإسلامي التقليدي ببدلة ورابطة عنق غربية ليس إلا.

رابعا: أن ابو الفتوح صرح بنفسه مرارا وتكرار أن تطبيق الشريعة الإسلامية أمر حتمي وفي تصريح أخر أن تطبيق الشريعة أمر لا مفر منه وفي تصريح ثالث أن الرئيس القادم مهما كان أسمه سيطبق الشريعة الإسلامية لأنها مسألة مزاج شعبي عام. كيف ننعت الرجل بالوسطية إذا؟؟ وهو الإسلامي المتشدد بتمسكه بتطبيق الشريعة الإسلامية وهل سيبقي هناك أمل لو طبقت الشريعة في دولة مدنية، وهل سيحصل الأقباط علي حقوقهم ؟؟ أم عليهم لبس الغيار كما كان يحدث في الماضي.

الحقيقة أن الشخص المتأسلم هو أشد ضررا على مدنية الدولة وحقوق الأقليات من الإخوان، والإخوان بذكائهم وقدرتهم علي الخداع لهم أشد ضررا من السلفيين، فإذا كنت تؤيد أبو الفتوح علي أساس أنه وسطي معتدل وعلي أساس أن وجوده في السلطة يضمن حقوق الأقليات فأنت مخطىء وستدفعون جميعا ثمن غلطتكم كما دفعتموها عندما صدقتم الإخوان والسلفيين وعندما تعاونتم معهما وأعطيتموهم الشرعية الشعبية لمزاولة السياسة بتعاونكم معهم، ثم الشرعية القانونية بالسماح لهم بتكوين أحزاب علي أساس ديني ثم دفعتم الثمن غاليا من دماء شبابنا في ماسبيرو ومحمد محمود وأكرموكم ووصفوكم بالكفار بعدما كانوا يصفونكم بالثوار والأحرار، وثمن تأييدكم لأبو الفتوح سيكون باهظا حيث ستقضون علي الأمل الباقي للحفاظ علي مدنية الدولة وعليكم الانتظار نصف قرن حتي نعود لنقطة الصفر من ميدان التحرير مرة أخري إذا استطعنا الذهاب للتحرير في ظل الحكم الإسلامي.