صحيح ان الناس يتشابهون في جوانب ظاهرية من يد ورجل ووجه ورأس ولكنهم يختلفون من ناحية الطبائع والسلوك والانشطةالعقلية و الامور التي لها علاقة بالنفس البشرية من حب وكره وغضب وهدوء و خير وشر، قلما تجد انسانا يشبه الاخر من هذه الجوانب وقد لا يتشابه الاخ مع اخيه ولا اب مع ابنه داخل بيت واحد، لكل واحد منهم شخصيته وطريقته الخاصة في الحياة، بعض الناس طبيعته هادئة وشخصيته رزينة، يرضى بالقليل ولا يطمح بالكثير، شعاره ؛quot;القناعة كنز لا يفنىquot;، يمشي جنب الحيط، كافي خيره شره كما يقولون، يعبد ربه حتى يأتيه اليقين، والبعض الاخر طموح، وطموحه اهوج لايتوقف عند حد وقد يفعل أي شيء من اجل الوصول الى هدفه ولو بطرق ملتوية، طبعه حاد غير متوازن، متقلب، سريع الغضب، يهيج لاتفه الاسباب، لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب، هذين النموذجين المتناقضين جسدهما القرآن الكريم في شخصيتي quot;قابيل وهابيلquot;اروع تجسيد، وهما موجودان في كل مجتمع، ولكن بنسب متفاوتة، قدر لـquot;قابيلquot; ان يقود ويتحكم و..يتجبر ولـquot;هابيلquot;ان ينقاد ويرضخ و...يتحمل، قد نرى quot;قابيلquot;على شكل تاجر جشع يتحكم في قوت الاخرين او سياسي ماكر يقود بلدا او بلدانا الى مصير مجهول، او عالما دينيا متشددا يدعو الناس الى الارهاب وقطع الرقاب باسم الدين، او اي شخص انتهازي يستغل سذاجة الناس وهبلهم ليصل الى اغراضه الشريرة، فما من امة اجتمعت فيها هذهquot;القوابيلquot;الا واصيبت بانواع من الآفات والامراض الفتاكة ؛كالقحط والمجاعة والطاعون والتخلف والفتن الطائفية والعرقية! و..الدكتاتورية..والصورة واضحة في العراق وسوريا بشكل ادق..
لم يستطعquot;هابيلquot;في العراق ان يقاومquot;قابيلquot;المستبد لسنوات فرضخ له واستسلم، فاذاقه مر العذاب واذله وقاده الى أتون حروبه العبثية ومغامراته المجنونة، فاناخ له واطاع وتحمل قساوته بصدر رحب، ولسان حاله يقول ؛(لأن بسطت الي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي لأقتلك)، الى ان قيض الله له في اقصى العالم من يأتي ليفك اسره ويحرره من العبودية، ويعيد اليه كرامته المهدورة، ويساهم في بناء وطنه من جديد، فكان له اكثر من صديق اوشقيق، ولكن بدل ان يشكره ويقدر معروفه، تنكر له ووقف بوجهه وقاومه وquot;بهدلهquot;، وأبت شخصيته المنطوية الخنوعة ان تتغير، وتكسر قيود العبودية وتنطلق الى عالم الحرية والعدالة، وظلت اسيرة هواجسها التاريخية في اسوء صورها..
اما في سوريا، فكانquot;هابيلquot; اكثر جرأة واقداما منquot;هابيلquot;العراق..
فقد استطاع ان ينتفض بوجهquot;قابيلquot;الطاغية واجهزته القمعية بقدراته الذاتيةالمتواضعة وامكانياته المحدودة، دون ان ينتظر مساعدة من احد، رافعا شعارquot;اما الكرامة اوالموتquot;، فنال الكرامة والشهادة معا واستحق الدخول الى عالم المجد من جميع ابوابه..
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات