رغم فضائح الفشل الإداري والسياسي والعسكري والأمني وحتى على صعيد كيفية إدارة ملفات الأزمات المختلفة، ورغم الإرتماء الواضح و المهين في أحضان الحاضن الستراتيجي الإيراني وربط الإقتصاد العراقي المتدهورة فيه قيمة العملة الوطنية ( الدينار ) بسبب ممارسات تجارالتهريب الإيراني، وبرغم الإشتباكات الهائلة الدائرة بين القوى السياسية والطائفية والعرقية العراقية المتناحرة، وبرغم تدهور أحوال حرية التعبير الشكلي و الفوضوية القائمة في العراق لصالح كاتم الصوت وسياسة الإغتيالات و تكميم الأفواه وتسليط الأجهزة الأمنية والعسكرية لقمع القوى الديمقراطية والعلمانية والحضارية لصالح توسيع ممارسات الفئات الصفوية المتخلفة، وبرغم إشراف نوري المالكي وحزبه الفاشل العقيم ( الدعوة ) على الإعداد الميداني لمخطط الرفيق المناضل جو بايدن بتقسيم العراق والمضي فيه قدما رغم الرفض الشعبي، يصر رئيس دولة القانون وحامل سيف دون كيشوت الخشبي على الإصرار على قيادة و تشكيل حكومة عراقية ثالثة وتحت شعار ومبدأ (ما ننطيها) أي السلطة وهو المبدأ الذي تحول لهاجس وهدف مقدس مدعوم من النظام الإيراني الذي وجد ضالته المثلى في عراق ممزق ضغيف فاشل بقيادة فاشلة مستعدة للتفريط بأي شيء في سبيل إستمرارية مصالحها المافيوزية النهمة والتي لا تعرف الشبع؟ وإلا فبالله عليكم ماهي الإنجازات الحقيقية لحكومة المالكي والمستمرة منذ إجبار إبراهيم الجعفري على التنحي وإحلال البديل الصدفة مكانه وكان نوري المالكي أحد العاملين في السراديب السرية لحزب الدعوة الإيراني والمتورط حتى الثمالة في ملفات إرهاب إقليمية كبرى بدأت في لبنان أيام بواكير العمليات الإنتحارية ضد الأميركيين والفرنسيين هناك والقوات الدولية و أستمرت فصولها الدموية المرعبة في دولة الكويت أعوام 1983 و 1985 وحتى عشية الغزو العراقي عام 1990 و تواصلت في العراق ذاته في تفجيرات منشآت مدنية وترفيهية وحكومية طيلة ثمانينيات القرن الماضي لم تمس مصالح نظام البعث العراقي الذي كان بل طالت دماء الأبرياء من أبناء الشعب العراقي و نتيجة للتخطيط والتآمر بين المخابرات الإيرانية وحليفتها السورية وبتنفيذ من عناصر حزب الدعوة والمجلس الأعلى و الذين كانوا هم و يالسخرية الأقدار في طليعة الركب الذي رافق و أتبع قوات الإحتلال الأمريكية و التي لطالما حاربوها بسيوف و مدافع و فتالوى آيات الله!

إنها فعلا دنيا عجيبة وغريبة! و منعطفات و مفارقات تتجاوز السوريالية بكثير ، المهم إن المالكي بات يخطط علنا و كما تابعنا مراحل و طبيعة إدارة الصراع لهيمنة مستمرة وطويلة لقيادته الشخصية ولحزبه الفاشل العقيم على مرتكزات السلطة في العراق متسلحا بالمدد و العون الإيراني وقدرته على تقليم أظافر المتافسين الآخرين كمقتدى الصدر الذي تحول لألعوبة إيرانية بعد أن كان نكرةوقاطع طريق ويحمل أوزار ملفات إجرامية بشعة سواء ضد خصومه الشيعة او ضد الآخرين، أما عمار الحكيم و أمام إنشقاق عتاولة و شيوخ المجلس الأعلى من أهل المشروع الإيراني كهادي العامري مثلا ومن يرى رأيه فقد تحجم كثيرا و ماعادت له السطوة و السيطرة على أمور البيت الشيعي العراقي في ظل ضغوط إيرانية يعرفها جيدا في حالة إصراره على التغريد خارج القطيع أو ضمن الإطار المرسوم ولعله يتذكر جيدا مصير عمه المرحوم محمد باقر الحكيم بعد أن حاول الإنفصال عن المشروع الإيرانيواصبح (شهيدا ثان للمحراب ) على إعتبار إن شهيد المحراب الأول كان الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه و أرضاه، كل حسابات الحقل العراقي الملغوم باتت تتجه اليوم في ظل الهيمنة الإيرانية و التوافق الأمريكي المخجل مع تلك الهيمنة تتجه لتكريس و تأسيس حالة جديدة من الإستبداد في العراق عبر التلاعب بالنصوص الدستورية و بإدارة المناورات السياسية و بتشتيت الآخرين و بالتصعيد مع الأكراد لأهداف قومية مزيفة ولو إقتضى الأمر إجبار القيادة الكردية على إعلان الإنفصال عن العراق لخلق حالة توتر جديدة في الشرق الأوسط و بما يخفف حدود الضغط القاتل عن بقايا الفاشية في الشام وحتى النظام الإيراني و حلفائه، الإيرانيون يضعون بيضهم بالكامل في سلة نوري المالكي و تحت عبارة أهلا و سهلا بالفارسية ( خوش آمديد ) يمارسون ضغوطهم لإجبار القوى السياسية العراقية الهشة أصلا على الموافقة على ترسيم نوري المالكي أميرا للأمراء لنعود لعصر الهيمنة البويهية على الدولة العباسية منتصف القرن الرابع الميلادي و لنشهد ولادة مشروع دكتاتوري جديد يرفع شعار ( قائدنا للأبد ) أو ( مافي بالبلد غير هالولد )؟. خصوصا و إن إنهيار نظام بشار النعجة في الشام سيجعل أمور النظام الإيراني في غاية التعقيد ، و في النتيجة سيخسر الإيرانيون الرهان لأنهم راهنوا على الحصان الخاسر.. و الأيام بيننا..
[email protected]