كنت من الداعين إلى تدخل عسكري في سورية، ولاسباب عديدة، أهمها على الاطلاق هو طبيعة العصابة الحاكمة في سورية، التي لاتفهم سوى لغة القوة من جهة، وأن تقدم خدماتها إلى كل طرف يدعم استمرارية حكمها للبلد بنفس الاسلوب وبنفس النهج، من جهة أخرى، لهذا من أهم سمات هذا النظام هي الزبائنية في التعاطي مع الشأن السياسي الخارجي، ولأنها عصابة استقرت لها الاحوال بعدما تكرس نظاما إقليميا، على إثر انتهاء حرب تشرين مع إسرائيل عام 1974 هذا النظام الاقليمي، كان جزء منه استمرار العصابة الأسدية في حكم سورية، بنفس طريقة القمع والفساد وتصحير البلد على كافة المستويات، وضرب أية إمكانية لنشوء مجتمع صحي ومتطور مدنيا، لأن الدولة المدنية بالنسبة لهذه العصابة كانت تعني ولاتزال نهايتها الأكيدة، ومن يلاحظ ما يحدث الآن في هذه الثورة السورية- الاسطورة يجد ان هذه الثورة تواجه نظاما إقليميا كرسته دولا كثيرة وعلى رأسها إسرائيل والغرب والاتحاد السوفييتي السابق، وحلت روسيا الآن محله، والتي تغيرت سياساتها عالميا إلا في سورية كآخر موقع لها في الشرق الأوسط. استطاعت هذه الثورة رغم وقوف كل هذه الاطراف ضد التغيير عمليا في سورية، وضد تحول هذا البلد إلى بلد ديمقراطي، أن تنسف النظام الإقليمي برمته، ولم يعد صالحا للاستمرار كما هو، ولا كما يمكن أن يتم التحكم بمعطياته الجديدة خاصة بعد الربيع العربي، وهذا ما عقد حركتنا كمعارضة سورية على مستوى الخارج، لأننا كنا نتصرف بأدوات قديمة ولانزال، أمام أوضاع مستجدة وتحتاج إلى طرائق تفكير جديدة وادوات جديدة. كان العالم يتفرج ويساند هذه العصابة وهي تنشر الارهاب والطائفية والفساد في سورية ودول الجوار، وهذه الرقابة تشبه إلى حد كبير رقابة الجامعة العربية في السابق، ورقابة كوفي عنان حاليا، والذي يريد تخصيص ميزانية لعام كامل لمبادرته الرقابية هذه!! وكوفي عنان هو في النهاية مجرد موظف لا أكثر ولا أقل وليس مقررا، إلا أنه بحكم وظيفته هذه يمكن له أن يساهم في مزيد من قتل شعبنا وإعطاء الفرصة للعصابة الحاكمة، من الواضح جيدا أن السيد كوفي عنان وطاقمه سيتعاملون مع الأمر بكونه وظيفة يجب أن يستنفذوها حتى الرمق الأخير ويستنفذوا معطياتها الامتيازية، من اموال وخلافه..لهذا يجد من مصلحته استمرار مهمته إلى أجل غير مسمى، يحدده في النهاية ليس ما يجري على الارض من وقائع بل قرار من مجلس الأمن. وهذا القرار تبعا لمقدمتنا يبدو انه لايزال من المبكر الحديث عن صدوره، من الواضح أن كوفي عنان واكثرية طاقمه تحاول تحت ستار الحيادية أن تخدم استمرارية مهمتها، وهذه ستكون على حساب دماء شعبنا، والدليل انهم يتحدثون عن تقدم في وقف اطلاق النار بينما شهداء ثورتنا يتساقطون بشكل يومي، وقد اعلنت الثورة له خاصة في الجمعة الأخيرة جمعةquot; خلاصناquot; أنها ثورة سلمية ومطالبها واضحة والعصابة الحاكمة تقتل المتظاهرين السلميين، وهل قتل المتظاهرين السلميين يحتاج إلى دبابات واسلحة ثقيلة؟ لأن مبادرة عنان تركز على سحب الاسلحة الثقيلة والمتوسطة من المدن!! ربما على هذا الصعيد قامت العصابة الحاكمة بسحب بضعة تشكيلات من الاسلحة الثقيلة من بعض المدن لكنها لم تسحب شبيحتها وقناصتها، والاعتقالات مستمرة بحق الناشطين السلميين، ولهذا لم نسمع من السيد عنان ولا المتحدث باسمه يتحدث عن المعتقلين بمئات الألوف، يجب أن يتم الافراج عنهم وفقا لمبادرته هو شخصيا، لا بل ما يجري هو مزيدا من الاعتقال، ومزيدا من سفك الدماء. سورية مدولنة لأن كوفي عنان يعرف جيدا أن الوضع الدولي بغض النظر عن التباينات بين دوله حيال الوضع السوري، إلا انه وضعا يريد من خلال مبادرة عنان تأجيل البت به من جهة واعطاء فرصة إسرائيلية- روسية للعصابة الحاكمة، وبمباركة إيرانية بالطبع، لقد فضحت الثورة السورية جعجعة إسرائيل ونخبها ومعها بعض الدول الغربية حول عداءها للمشروع الإيراني وحوامله في المنطقة، وأيضا فضحت دولا أخرى لانريد تسميتها الآن. الآن لدى الجميع من هذه الدول حجة قوية وهي أنه يجب إعطاء فرصة لمبادرة كوفي عنان، وأليست المبادرة قمة الدولنة للقضية السورية!!؟ لهذا والفرصة هذه تعني التضييق على الثورة، وغض الطرف عن القتل اليومي والتدمير الخسيس للمدن وللاقتصاد السوري. لهذا يصبح من الملح ربما أكثر من السابق الاصرار على موضوعة التدخل العسكري في سورية لكي تبقى الكرة في ملعب هذه الدول، بغض النظر استجابت أم لم تستجب، ودون الدخول معها بمماحكات ومفاوضات نبيل العربي وما يمثله من اتجاه داخل دول المنطقة. ثمة أمر آخر فبعد مبادرة عنان تكفل الروس بالتفاوض مع الجميع نيابة عن العصابة الحاكمة، وتفاوض الروس يعني عمليا مزيدا من غض الطرف عن القتل اليومي..أليست هذه دولنة؟ لهذا علينا أن نبقي مطلبنا بالتدخل العسكري في رأس الأولويات من جهة، ودعم استمرار الحراك السلمي بشكل أساسي من جهة أخرى، إضافة لدعم الجيش الحر وتنظيم مقاومته المسلحة في حماية أهلنا، وضبطها تحت مظلة سياسية عجز المجلس الوطني عن القيام بها حتى اللحظة. نحن لدينا شعبنا وهم لديهم أو ليس لديهم من مبادرات وخلافه سوى انقاذ آل الأسد وعصابتهم الحاكمة. وبالتالي هم في طريق مسدود معتقدين حتى اللحظة أنه لايمكن فتح هذا الطريق المسدود إلا بإيقاف الثورة، عن طريق اعطاء الفرصة للقتل اليومي. القتل اليومي هو أيضا إرادة دولية، لكن شعبنا اثبت في الجمعة الأخيرة أن طريقهم سيبقى مسدودا حتى سوط العصابة. لهذا هم الآن يحاولون البحث عن آليات جديدة لفتح ثغرة في هذا الطريق يجدون أن مبادرة عنان تعطيهم فرصة لذلك. لهذا كان الرد العصبي والاستفزازي لنبيل العربي عندما سئل عن التدخل العسكري أجاب بعصبيةquot; من يريد التدخل العسكري عليه أن يعمل خارج الجامعة العربية. وهذا بالطبع موقف المجلس العسكري المصري بلا منازع الذي يحاول إعادة الامساك بالسلطة من جديد.. بنفس رموز الفساد المصرية. ليعطونا الروس ومعهم الايرانيين والاسرائيليين سيناريو آخر غير استمرار العصابة الأسدية القاتلة في حكم البلد؟ وبعدها نتحدث عن مبادرة عنان أو عبقرية نبيل العربي الضد تدخلية..ونقتنع مع السادة في المعارضة السورية الذين يقفون ضد المطالبة بالتدخل العسكري!! اما عن تركيا فللحديث شجون نخاف ان ينزعج منا الاصدقاء في الاخوان المسلمين لو فتحنا الملف كاملا..إلا ان الحليف التركي لم يخرج خارج الدولنة الاسرائيلية- الروسية التي تحدثنا عنها حتى اللحظة، رغم صخب التصريحات الاردوغانية..وفي هذا السياق نتمنى أن نسمع من الصديق برهان غليون رئيس مجلسنا الوطني السوري حديثا صينيا جديدا بعد عودته من بكين..!! لا أعرف ربما لدى الصنيين سيناريو يحافظ على السيادة الوطنية لسورية ضد دعاة التدخل الخارجي، ولكن لانعرف بدون آل الأسد أم ببقاءهم؟ نعوم الآن في بحر متلاطم من التدويل الذي لايزال حتى اللحظة متواطئا مع القاتل..فهل لدى أحد منكم غير هذه القراءة؟ ليسعفنا بها علنا نجد ما يجعلنا نردد مع المرددينquot; لا للتدخل الدوليquot;...طالما أن القتل توقف!! فهل توقف؟
غسان المفلح
- آخر تحديث :
التعليقات