القرار الحكومي العراقي الجديد الذي أعلنه الناطق الحكومي العراقي الرفيق علي الدباغ بشرعنة إستعمال السلاح لحماية الأسر العراقية هو أمر تجاوز المهزلة بكثير ليدخل ضمن آفاق أعلى درجات الفشل الحكومي المؤطر لحكومة دولة القانون العتيدة التي فشلت جيوشها من الشرطة والمخابرات وقوات الجيش و بجنرالاتها المتكرشين من خريجي مدارس محو الأمية في حماية الشعب العراقي وفي توفير أقل درجات الأمن المطلوبة لحماية الدولة والمجتمع ومما يجعل شرعية السلطة تتآكل بالكامل و المطلق و يسحب عنها الغطاء الشرعي و القانوني بعد أن قرر الجهابذة في وزارة الداخلية بقيادة وكيلها الأقدم الرفيق المضمد اللواء أركان حرب ( عدنان سرنجة الأسدي ) و الجنرالات المحيطين به الإعلان الرسمي عن فشلهم و تطبيق ستراتيجية الرفيق غوار الطوشة وهي ستراتيجية: ( كلمين إيدو ألو )!
أي أن تتخلى الدولة عن واجباتها المنوطة بها لتتولى الأسر العراقية حماية نفسها ذاتيا بأسلحة فردية مرخصة حكوميا! مما يعني تكريس سياسة إنتشار السلاح و تقديس حمله بإعتباره ( زينة الرجال )!! وفي ظل مجتمع عراقي متأزم تاريخيا وأحقاد إنسانية متراكمة عبر العقود إضافة للحالة العصبية والإنفعالية المعروفة للشعب العراقي فتكون النتيجة عندئذ قيام الحكومة العراقية بتسجيل أعداد القتلى لتمارس عملية توسيع المقابر بينما تكتفي فيالق الشرطة و الجيش بالتكفل بحماية المسؤولين و عوائلهم و مواكبهم و يترك أمن العوائل الفقيرة و التي لاغطاء لها للقضاء و القدر و الظروف.
لقد مارس نظام البعث العراقي البائد سياسة العسكرة و تمجيد الموت و تقديس السلاح منذ أوائل الثمانينيات من خلال الحرب مع إيران وهي حرب قاسية وطويلة ومرعبة تركت بصماتها على صورة المجتمع العراقي لعقود طويلة قادمة، ثم تكرست هذه الصورة وأضحت وضعا عراقيا خالصا مع غزو الكويت والهزيمة النكراء التي حدثت بعد ذاك، لتتكرس مرحلة الفوضى و الضياع السلطوي و الإعتماد على مظاهر العسكرة ولبس البدلة الزيتوني حتى عشية الإحتلال الأمريكي عام 2003 والذي أفرز هو الآخر وضعا فوضويا قلقا تمثل بفتح بوابات العراق للمواجهة مع العصابات و الميليشيات المسلحة من قاعديين أو إيرانيين أو ميليشيات جديدة من إنتاج الأحزاب و العصابات الجديدة التي نشأت مع تدهور الوضع العراقي وتغلغل الإيرانيين وسطوتهم في العمق العراقي وبطريقة لاسابق لها ولا مثيل في التاريخ الحديث حتى تحول العراق لمحمية إيرانية في ظل هيمنة أحزاب هي في ألصل مشروع سياسي إيراني معد منذ وقت طويل.
وتأتي خطوة حكومة الفشل المالكية في شرعنة السلاح كخطوة عاجزة وصريحة لحكومة تائهة في بحور الخلافات وفي صراع المشاريع السياسية للهيمنة على العراق وفي ظل نقص فظيع في القدرة والكفاءة وتحمل المسؤولية، فحكومة حزب الدعوة المالكية ليس لها من هم سوى السيطرة الكاملة على السلطة في العراق وضمان إستمرارية حزب الدعوة الفاشل في السلطة والتي جاءت نتيجة للقصور المجتمعي العراقي وللصدفة التاريخية أيضا، والدعويون يعلمون أنه مع تفريطهم بالسلطة فإنهم لن يعودوا لها مطلقا وهذا ما يفسر نظرية نوري المالكي المعروفة ( ماننطيها )!! والتي أضحت فضيحة معروفة، وحيث يتناسل الفشل الإداري والسلطوي اليومي و يتعانق مع إصرار الحكومة على تكريس الفشل ورفع مستوى إدارة الصراع الداخلي مع الفرقاء الآخرين تاركين مسؤولية حماية الشعب لتتحول لمسألة ثانوية ولقطاع خاص ولربما لتسيير ذاتي حيث يحمي الشعب نفس بنفسه وتتولى الحكومة مسؤولية ( الشفط واللهط وتضخيم الكروش والقفز على المناصب الخاوية )!.. في شرعنة حمل السلاح إقرار فظيع بالفشل و بفشل الخطة الأمنية وهي مسألة يبدو أن البرلمان العاجز المريض لايوليها أدنى إهتمام لأن البرلمانيين محميين بأموال الشعب من فيالق الحماية الخاصة وهو المهم أما عموم الناس الذين يتعرضون لمفخخات الموت المجاني وحتى للدغات الأفاعي الطائفية فلهم الله!!.. كان على الحكومة العراقية أن تخجل من قرارها المعيب والفاشل، ولكن وكما يقول المثل المصري المعبر...
( اللي إختشوا ماتوا ).. وهلهولة لحزب الدعوة الصامد!
التعليقات