الانفجار الأخير في قلب العاصمة السورية الذي حصد أرواح العشرات من الأهالي الأبرياء وما يحدث الآن في سوريا من عمليات إرهابية تطال المدنيين وتزرع الموت الجماعي البشع والخوف والرعب بين أوساط الناس، والذي سبقه في بغداد حينما حصد أرواح مئات الآلاف من العراقيين المدنيين الذين لا علاقة لهم بأي شيء الا كونهم مواطنين أبرياء، تم استنساخه تماما وطبق الأصل مما حصل هنا في بلادنا وأهلنا منذ سقوط نظام صدام حسين وحتى يومنا هذا، حيث دأبت كل أجهزة النظام البعثي الخاصة من الأمن والمخابرات وتنظيمات الحزب على ابتكار أفضل الأساليب لترويع الأهالي وكسر شوكتهم وإشاعة المذلة والاستكانة بينهم.

ويبدو ان المشهد هو ذاته في أدق تفاصيله واليات تنفيذه وأهدافه، حيث استقدم نظام صدام حسين قبل سقوطه بوقت قصير مجاميع كبيرة من شذاذ الآفاق والمنحرفين المرتزقة الإرهابيين الذين أطلق عليهم اسم المجاهدين ظلما وبهتانا، ومن مختلف الدول العربية بما فيها سوريا اليوم التي تشهد ذات السيناريو الدموي، وأمدهم بكل ما يسهل عملياتهم من إيواء وتدريب وتغطية نفقاتهم وتخصيص رواتب تقاعدية ضخمة لأسرهم بعد ( تفجيرهم بسيارات مفخخة ) وسط الأهالي الأبرياء، ويتذكر العراقيون جيدا أفواج الارهابين وعصاباتهم التي كانت ترتع في الشام وتستمد قوتها ودعمها من امن ومخابرات وحزب النظام السوري، في طريقها لذبح العراقيين أطفالا ونساء وشيوخ، وهي اليوم ذاتها تنفذ تلك العمليات القذرة في دمشق وكثير من المدن والبلدات السورية سواء دفاعا عن النظام أو ضده، فالموضوع لا يعنيها أبدا كونها عصابات جريمة منظمة تعمل لمن يدفع لها أكثر ليس إلا!؟

دعونا نتذكر قليلا بطولات النظام السياسي في سوريا اليوم، حيث أطلق سراح مئات المشبوهين والمجرمين من الدول العربية والمسجونين في معتقلاتهم عشية الحرب مع نظام صدام حسين في مارس 2003م، بشرط أن يذهبوا إلى العراق ليجاهدوا ضد المحتلين مقابل تلك الهدايا الثمينة التي أرسلها النظام العراقي إلى قرينه في دمشق قبل سقوطه بأشهر قليلة جدا، ولم يكونوا اولئك الا قنابل موقوتة بيد نظام دكتاتوري قرين لنظامهم، لكي يستخدمهم في تقتيل شعبه وتدمير بلاده، وهذا ما حصل فعلا حيث أصبحت تنظيمات النظام السابق بعد سقوط هيكله المخزي حاضنة بائسة لكل قوى الإرهاب والجريمة في العالم.

واليوم يستنسخ نظام الأسد ذات السيناريو في استخدام تلك القوى من اجل بقائه فهم أي نظامهم السياسي والبوليسي يتعاون ويستخدم هذه القوى الآن لسحق الشعب وكسر شوكة التحدي لدى الأهالي، ولا يدركون أنها أي هذه القوى ستنقلب عليهم أيضا ذات يوم، متناسين ما حصل لأقرانهم في بغداد حينما لم تتسع الأرض والسماء لهروبهم المخزي، فتعاونوا مع كل أشرار العالم ومجرميه من اجل تحطيم البلاد وتدمير شعبها، ورغم أننا لا نتهم مباشرة النظام السوري بجريمة دمشق الأخيرة لأننا لا نملك وثيقة إدانة، رغم ان الاتهام يليق بهم تماما وما حدث يعكس ثقافتهم وسلوكهم كما اقرانهم في بغداد على طول فترة حكمهم السوداء، الا انهم لا يبرؤون منه بأي شكل من الأشكال، فهذا زرعهم وهذا حصادهم أيضا، ويبدو أن دولاب الهوا كما يقولون يجعلهم اليوم في ذات حمام الدماء الذي انشأووه للعراقيين وقبلهم للبنانيين إبان احتلالهم لوطن السلام والمحبة لبنان.

[email protected]