لا تتوقف مساخر وجرائم نظام الأسود منذ استيلاء الأسد الأب على السلطة عام 1970، مرّسخا نظاما استبداديا شموليا طائفيا عائليا،لا مثيل له بين الأنظمة التي تطلق على نفسها لقب أو صفة (جمهورية). وآخر هذه المساخر الأسدية التي تستدعي الضحك والبكاء والدعاء عليه وله بالرحيل ومصير يليق بجرائمه وجرائم والده، هي مسخرة الحكم بالإعدام على الناشط في مجال الحريات وحقوق الإنسان ، المواطن السوري محمد عبد المولى البالغ من العمر ( 37 ) سنة بتهمة الخيانة العظمى. وهو من خريجي كلية الهندسة بجامعة دمشق، و من النشطاء في دعم ثورة الشعب السوري من مدينة درعا التي شهدت في يناير 2011 اندلاع الثورة ضد نظام الطاغية الأسد الإبن.

ما هي الخيانة العظمى التي بسببها سيتمّ إعدامه؟

الناشط المواطن السوري محمد عبد المولى لقد تمّ اعتقاله من قبل المخابرات الأسدية في السادس عشر من أبريل 2012 ، فور الانتهاء من مداخلة هاتفية مع قناة ( الجزيرة الإخبارية ) وصف فيها الوضع الأمني الممارس ضد المواطنين والقمع الذي يتعرض له نشطاء الثورة السورية، ونقل إلى سجن صيدنايا العسكري المعروف بحجم الجرائم التي ترتكب بداخله، وفي هذا السجن الأسدي تعرض لتعذيب وحشي أدّى إلى إصابته بشلل نصفي منذ اليوم الأول لاعتقاله مما يبين حجم التعذيب الذي تعرض له، ورغم ذلك رفض مجرمو الأسد في السجن تقديم أية مساعدة طبية له، مواصلين تعذيبه لانتزاع اعترافات منه بالتعامل مع جهات أجنبية وهي حقيقة القنوات الإخبارية العربية، مما أدّى لصدور قرار من القضاء العسكري الأسدي بإعدامه.

هذه هي الخيانة العظمى التي ارتكبها المواطن السوري محمد عبد المولى، وهي التواصل مع القنوات الإخبارية لنقل وقائع العذاب الذي يعيشه الشعب السوري، وتنظيم المظاهرات السلمية، وشجاعته فائقة في أنّه كان يتعامل مع كافة وسائل الإعلام من مدينته درعا باسمه الحقيقي. وهذا النوع من التهم المسخرة هي صناعة أسدية وحشية بامتياز مشين، فقد سبق أن تمّ اعتقال الشابة السورية (طل الملوحي ) في فبراير 2011 ، لكتابتها نقدا لنظام الأسد ودعما لثورة الشعب السوري في مدونتها الخاصة، فتمّ اعتقالها وهي في سن دون الثامنة عشرة، والإدعاء من قبل سلطات القمع الأسدي أنّها كانت تتخابر مع السفارة الأمريكية في القاهرة، وإزاء الاحتجاجات العربية والدولية إزاء هذا الاعتقال غير الإنساني، قدّمت الناطقة باسم الإعلام الخارجي في وزارة الأسد الخارجية (بشرى كنفاني) تفاصيل مفبركة عن علاقات الشابة طل الملوحي، الفيلم الهندي وأفلام الخيال العلمي أكثر قدرة على الإقناع من روايتها البائسة. وكالعادة تمّ تهديد والديها ليقول الوالد جملة واحدة أمام بعض وسائل إعلام الأسد مفادها أنّ ابنته كانت تتعامل مع السفارة الأمريكية في القاهرة، وكل من شاهد وسمع طريقته في نطق هذه الجملة يدرك أنّه قالها تحت التهديد بالقتل والموت.

بالمقارنة من ارتكب الخيانة العظمى محمد عبد المولى أم الأسدين؟

هذا هو الجرم الذي ارتكبه المواطن السوري محمد عبد المولى، ومقارنة بأعمال الأسدين الأب والإبن، يستطيع القارىء والمراقب المحايد أن يحكم: من ارتكب الخيانة العظمى ومن يستحق الإعدام؟. وهذه عينات يعرفها الجميع سوريون وعرب من أفعال الأسدين طوال 42 عاما:

1 . انقلاب الأسد الأب في نوفمبر من عام 1970 على رفاقه البعثيين، ووضعه رفيقاه صلاح جديد ورئيس الجمهورية نور الدين الأتاسي في السجن، وظلّ صلاح جديد في السجن لمدة ثلاثة وعشرين عاما إلى أن مات في التاسع عشر من أغسطس 1993 . هذا رغم أنّ صلاح جديد كان هو من أعاد الأسد الأب للجيش السوري بعد انقلاب عام 1963 وكان مطرودا منه منذ عام 1961 ، ورقّاه صلاح جديد عام 1964 دفعة واحدة من رتبة رائد إلى رتبة لواء ليصبح عام 1970 وزيرا للدفاع. وكان السبب الرئيسي لانقلاب الأسد الأب على رفاقه البعثيين هو النقد الحاد الصارم الذي وجههه له صلاح جديد بسبب أدائه ووزارة دفاعه أثناء حرب 1967 خاصة في الجولان التي أعلن حافظ الأسد سقوطها تحت الاحتلال الإسرائيلي قبل سقوطها فعلا بأربعة وعشرين ساعة، وطلبه من الجيش السوري الانسحاب قبل سقوط الجولان، مما يدلّل على أنّ هناك صفقة سرية كانت بين الأسد الأب والاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما كتبت عنه مصادر عربية، وإسرائيلية إدّعت أنّ الصفقة تضمنت تأجير الجولان للدولة الإسرائيلية لمدة 99 عاما، وهذا ربما يفسّر قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي فور احتلالها للجولان بضمها لحدودها، وإعطاء سكانها السوريين الحق في الحصول على الجنسية الإسرائيلية كما حدث مع الفلسطينيين الذين بقوا في أرضهم ووطنهم عام 1948 .

2 . مذبحة أو مجزرة حماة التي نفذها حافظ الأسد وجيشه وسرايا دفاعه بقيادة شقيقه رفعت الأسد في الثاني من فبراير عام 1982 واستمرت لمدة 27 يوما، تمّ فيها حصار المدينة وقصفها بالطائرات والمدفعية واجتياحها بوحشية أدت لمقتل ما لا يقل عن خمسة وثلاثين ألف مواطن سوري بحجة أنّهم من الإخوان المسلمين.

3 . الدعم الكبير والصريح الواضح الذي قدّمه جيش حافظ الأسد للقوات اليمينية اللبنانية في أغسطس 1976 عند اقتحامها وحصارها لمخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ذلك الاقتحام والحصار الذي أوقع ما لا يقل عن ثلاثة ألاف قتيل فلسطيني.

4 . طرد الأسد الأب للرئيس ياسر عرفات وخليل الوزير من دمشق عام 1983 وتخطيطه مع مخابراته لانشقاق أبو خالد العملة وأبو موسى عن حركة فتح، ثم حصاره لياسر عرفات والفدائيين الفلسطينيين في طرابلس اللبنانية وإيقاع مئات القتلى منهم، بمساعدة ومشاركة قوات جماعة أحمد جبريل الذي يسمّي نفسه الأمين العام للجبهة الشعبية، القيادة العامة، وهو الذي بدأ الانشقاقات في الصف الفلسطيني عند انشقاقه عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1968 بعد شهور قليلة من تأسيسها، ومن يومها وهو يعيش في دمشق ملتزما بتعليمات الضابطة الفدائية السورية بعدم إطلاق رصاصة على دولة الاحتلال الإسرائيلي من الحدود السورية، بل أقام قواعده داخل لبنان لتكون حتى الآن مركزا للمخابرات الأسدية بعد طرد جيشه من لبنان عام 2005 .

5 . ألاف اللبنانيين والفلسطينيين والأردنيين المختفين والمفقودين في سجون الأسدين منذ ما يزيد على ثلاثين عاما، ولا أحد يعرف أية معلومة عنهم، وسبق أن نشرت أسماء المئات منهم وعناوين عائلاتهم للاتصال بها ممن يعرف أية معلومة عنهم.

هذه نماذج قليلة من جرائم الأسدين الأب والإبن،

وقد نفّذ عزرائيل في الأب قرار الله تعالى بخطف روحه في يونيو عام 2000 بعد أن اذاق الشعب السوري الموت والسجون لمدة ثلاثين عاما فقط. ثم تمّ التوريث المخزي لابنه الأسد بشار، الذي يمارس نفس الإجرام بحق الشعب السوري منذ منتصف مارس 2011 ، حيث أوقع حتى اليوم ما يزيد على خمسة عشر ألف قتيل سوري، غير ألاف السجناء والمفقودين. ويضاف لذلك عمليات التزوير والفبركة لكل ما يسمى انتخابات من تغيير الدستور على مقاسه حيث تمّ توريثه، ثم انتخابات رئاسته لسنوات طويلة قادمة، تلاها انتخابات مجلس نوابه وليس مجلس الشعب السوري. وها هو يستمر طوال 12 عاما هو وعائلته وأخواله يتحكمون في الشعب والوطن والثروة السورية بحقد عائلي، يتمّ شحنه بفتنة طائفية لم يعرفها الشعب السوري طوال تاريخه.

بناءا على هذه الوقائع والحقائق،

نسأل من ارتكب ويرتكب الخيانة العظمى فعلا؟ الأسدين الأب والإبن أم المواطن السوري محمد عبد المولى الذي كل ما قام به هو وصف ممارسات النظام الإجرامية بحق الشعب السوري للقنوات التلفزيونية. وبالتالي من يستحق حكم الإعدام الذي صدر من محكمة الأسد العسكرية؟ المواطن محمد عبد المولى أم الأسد الإبن ورموز نظامه؟. هذا الحكم الذي نتمنى أن يصدر من محكمة الشعب السورية دون غيرها.

.