مايقوم به ثلاثي أضواء المسرح السياسي العراقي(علاوي، بارزاني، الصدر)، من حملة غير مسبوقة من أجل إزاحة نوري المالکي عن رئاسة الوزارة، بقدر ماتثير التعجب فإنها تبعث على السخرية و التهکم البالغين، ذلك أنquot;الاحقاد و المنافسات الشخصيةquot;، هي التي وقفت و تقف خلف هذه الحملة الشعواء.

لست من أنصار نوري المالکي و قد کتبت الکثير الکثير ضده و ضد سياساته على مختلف الاصعدة، لکن الاسلوب و النهج الاستثنائي الذي رافق و يرافق هذه الحملة خصوصا من جانب مسعود بارزاني رئيس إقليم کردستان، تلفت الانتباه و تثير أکثر من تساؤل عن حقيقة و واقع هذه الحملة و دوافعها و أبعادها النهائية، إذ أن أياد علاوي يمثل التيار العروبي في العراق، فيما يمثل مسعود بارزاني التيار القومي الکرديquot;الاکثر إندفاعا للإستقلال عن العراقquot;، ويمثل مقتدى الصدر تيارا إسلاميا شيعيا غير واضح و محدد المعالم رغم أنه مازال يخضع لتبعية لاخلاف عليها للنظام الايراني، وهکذا تحالفquot;مسخquot;وquot;غير متجانسquot;، عندما يتفق على هدف ما، فلابد من التساؤل عن مرحلة مابعد تحقيق ذلك الهدف و البرنامج و الآلية التي وضعت او ستوضع لقيادة الشعب العراقي و تحقيق أمانيه و طموحاته بعد کل هذه المصائب و الکوارث و الاحداث المأساوية التي مر بها، وهل أن هذا الثلاثي قد وضع حقا برنامجا ما من أجل إنقاذ العراق او نصرة شعبه؟

هل أن هذا الثلاثي المندفع کفرس جموح لايلوي على شئ فکر مليا بالتساؤلات التي ستطرح عليهم بعد إنتهاء لعبةquot;سحب الثقةquot;، وهل أنهم يحملون الاجابات و التبريرات و الاهم من ذلك هل أنهم يحملون في جعبتهم البرنامج العملي الواضح على الارض لتقديم الافضل للشعب للعراقي؟ يقينا ليس يجرؤ أحد على أن يجيب بالإيجاب، فاللعبة من أساسها غامضة و غريبة و غير مفهومة بقدر ماهي واضحة على أنها لعبة مواجهة و تجاذب بين وجوهquot;رماديةquot;على السلطة و النفوذ وquot;الأناquot;، ولعل رئيس الجمهورية جلال الطالباني و نوشيروان مصطفى قائد حرکة التغيير الکردية المعارضة، قد أدرکا خطورة مستحقات مابعد رحيل المالکي و لذلك فقد إتخذا موقفاquot;أميبياquot;وquot;هلامياquot;غير محدد المعالم او على اقل تقدير موقف من يقف على التل ليرى النتيجة النهائية للصراع الدائر.

لم أجد البارزاني ساذجا و سطحيا کما وجدته في لعبة إزاحة المالکي و التي ستکلفه الکثير مستقبلا و سيدفع ضريبة ذلك رغم أنفه و عن طيبة خاطر، وفي نفس الوقت تعجبت للدهاء و المکر البالغين اللذين إتسم بهما الدکتور علاوي في دفعه للبارزاني بإتجاهات و سياقات تخدمه و تخدم أجندته و أهدافه السياسية الخاصة، لکن، المشکلة الکبرى التي ستواجه أياد علاوي ستکون بعد رحيل المالکي او إتمام عمليةquot;سحب الثقةquot;الى مرحلتها النهائية، حيث يجب على علاوي و الصدر و بارزاني أن يعرفوا جيدا أن الشعب العراقي سيکون أکثر جدية و صرامة و حسما في مفاتحتهم و مطالبتهم بحلول حاسمة أو على الاقل مناسبة للمشاکل و الازمات التي يعاني منها الشعب العراق على أصعدة مختلفة و سيکون السؤال الاهم هو: ماذا عن نفوذ النظام الايراني في العراق و القرار السياسي العراقي؟ هل سيتمکن هذا الثلاثي الهجين أن يطرح إجابة شافية لهذا السؤال المشروع؟

أما البارزاني، فإن قصته ستکون قصة، حيث انه سيدرك يومها لماذا کان الطالباني يغازل المالکي و لماذا کان موقف نوشيروان مصطفى غير واضحا!