مثيرة للغاية تلك الضجة التي أحدثتها ( تغريدات ) الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي والتي إنتقد فيها جماعة الأخوان المسلمين المصرية وكذلك الرئيس الإخواني الأول لمصر بعد ستين عاما من ثورة 23 يوليو التي تصادمت مع الإخوان صداما دمويا عنيفا إستمر لعقدين كاملين قبل أن تضع الحرب أوزارها وتدخل الجماعة في تفاصيل التطورات الداخلية المصرية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات الذي فتح بوابات الإنفتاح السياسي و الإقتصادي رغم صدامات كانت محدودة ومؤطرة لا تشابه في كثير أو قليل مرحلة السجون الحربية و المخابرات أو سجون الواحات، الفريق خلفان وهو ينتقد تاريخ ومسيرة جماعة الإخوان المسلمين كان يعبر عن رأيه الشخصي و الخاص جدا وهو رأي مرتبط في النهاية بالموقف ألأمني من جماعات الإسلام السياسي التي تعتمد المنهج التدريجي المتسلل في فرض أجنداتها وخياراتها الفكرية و السياسية، والإخواني السابق و الرئيس الحالي المنتخب لجمهورية مصر العربية ليس مجرد ظاهرة عابرة و مصادفة في التاريخ المصري المعاصر بل أنه تعبير عن خلاصة وضع سياسي وفكري و تاريخي لتجذر الجماعة في عمق النسيج المجتمعي المصري وهو تجذر تنامى وترسخ مع فشل الرؤساء من ذوي الخلفيات العسكرية في تحقيق مكاسب حقيقية للجماهير المصرية التي تعاني في غالبيتها العظمى من الفقر مما وسع من قواعد الجماعات الدينية التي إنتشرت طوليا وعرضيا في المجتمع المصري وخرج الكثير من عناصرها من تحت عباءة الإخوان المسلمين الجماعة الأهم و الأقدم منذ أن وضع الشيخ حسن البنا اللبنات التنظيمية الأولى عام 1928 وهو تطور مهم إنعكس على مستقبل السياسة و المجتمع في مصر، للجماعة آيديولوجية فكرية و تنظيمية هائلة و زوايا سرية غير معلنة للجماهير و إستقالة محمد مرسي من عضوية الجماعة لاتعني أبدا خروجه من الجماعة بل أن التنظيم الأساسي لفكر الجماعة يعتبر ( الإخواني ) يظل كذلك حتى و إن إنعزل أو أبتعد لظروف ما عنها!!

وهي نفس الآيديولوجية التي تبناها حزب الدعوة الشيعي في العراق والذي هو في النهاية الفرع الشيعي لجماعة الإخوان المسلمين ! فالدعوي يظل كذلك حتى ولو إنتمى لأحزاب أخرى، ولعل ميزة الصبر و الصبر الطويل هو الذي ميز النشاط الإخواني إضافة للموارد المالية الكبرى المتحققة من التبرعات أو الزكاة أو المساعدات الخارجية من المهاجرين أو دوائر أخرى فالإخوان المسلمون تنظيم دولي يتخطى الحدود الإقليمية الضيقة و للجماعة فكر أممي و تحرك دولي يحظى بإهتمام و متابعة ولربما رعاية القوى الدولية النافذة، وحينما يتحدث الفريق ضاحي خلفان الضليع الأول في القضايا الأمنية في دولة الإمارات العربية المتحدة فهو بالتأكيد لا يتحدث من لغو بل أنه يعرف تماما مايقول ويصرح ويعلن، فخطر تسلل الجماعة وترسيخ ركائزها في العديد من الدوائر السياسية و الأدبية في دول الخليج العربي بالذات أمر ليس بالجديد،بل أنه حقيقة ملموسة ميدانيا يشاهدها الجميع ويشاهد تفصيلاتها يوميا وحجم الأموال المرسلة من دول الخليج لتمويل الجماعات الإخوانية أو السلفية باتت من حقائق الربيع الثوري العربي!

كما أن حجم تواجد كوادر وقيادات الإخوان العاملة في الخليج العربي تعطي المرء تصورات واضحة عن طبيعة السيناريو التكتيكي الإخواني القائم، وقد أثبت الأخوان المسلمون عبر تاريخهم الطويل والحافل بالمناورات و الذي يصل لما يقارب التسعين عاما عن أسلوبهم الصابر الطويل في الزحف نحو السلطة و تكوين المجتمع الإخواني الذي دعا إليه مؤسس الجماعة وشيخها الرمز حسن البنا الذي مثل أكبر ظاهرة نهضة دينية سياسية في القرن العشرين، ورغم عمره القصير في القيادة ( أغتيل عام 1948 ) أي عشرين عاما من العمل الميداني إلا أن ماتركه من تراث وفكر وسياسة إخوانية ممنهجة قد ترك مؤثرات كبرى على الوضع الداخلي المصري في زمن تميز بسيادة الأفكار الشيوعية و الإشتراكية والثورية وحتى الفرعونية ثم القومية العربية التي تصادمت دمويا ايام عبد الناصر بعد وضوح و تبلور المشروع السلطوي الإخواني الذي كان يعتبر مرحلة تنظيم الضباط الأحرار الذين أبعدوا الملك فاروق و إنهاء الملكية في مصر مرحلة إنتقالية ستنتهي بتحويل السلطة لهم وذلك عبر تفعيل نشاط الجهاز السري وهو ما أدى لمعركة وجود دموية مع نظام عبد الناصر كلفت مصر والجماعة وحتى النظام الشيء الكثير..

الفريق ضاحي خلفان بخبرته الأمنية و بإطلاعه على ملفات خاصة لايتاح المجال الإطلاع عليها للعموم هو في النهاية قاريء للتاريخ ومتابع للحالة الإخوانية وملم بالتكتيك الإخواني، لذلك فهو يعلم علم اليقين بأن رئاسة محمد مرسي لمصر هي مجرد مرحلة ستتبعها مراحل كثيرة لتأسيس الإمبراطورية الإخوانية العظمى!! وهو نفس الشيء الذي حدث قبل ثلاثة عقود في إيران بعد عودة الخميني وماتركته تلك العودة على أوضاع الخليج العربي!!.. الفريق خلفان لم يقل شيئا سوى أنه فكر بصوت عال.. فويل للعرب من شر قد إقترب...!

[email protected]