في لقاء مع شبكة quot;سي إن إنquot; حذرت وزيرة الخارجية الأمريكية quot;هيلاري كلينتونquot; ndash; عقب عودتها من زيارة مصر وإسرائيل - من تحول (سيناء) إلي quot;قاعدة عملياتquot; للإرهابيين إذا لم تتم استعادة الأمن. وأضافت: quot;أن الموقف خطير بالنسبة لمصر وإسرائيل وأمريكا، لأن لدينا أمريكيون مشاركون في القوات الدولية التي تراقب تنفيذ معاهدة كامب ديفيد للسلامquot;.
إسرائيل لم تخف قلقها بشأن الهجمات العابرة للحدود التي حدثت علي مدار العام ونصف العام، وآخرها الحادث الإجرامي مساء أمس حيث هاجم مسلحون ملثمون نقطة تفتيش بالقرب من مدينة رفح المصرية أثناء تناول الجنود إفطارهم وأطلقوا الرصاص عليهم ليقتل 16 جندياً ويصيب 7 جنود. وحسب المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي quot;ياووف موردخايquot;: فإن قوات الأمن الإسرائيلي استطاعت التصدي وملاحقة منفذي هجوم سيناء لأن المخابرات الحربية الإسرائيلية كانت علي علم مسبق بالهجوم، (إسرائيل لديها 450 ألف عميل بين المواطنين الفلسطينيين)، وهو ما يمكنها من تحذير رعاياها في سيناء بمغادرة مصر في أي وقت، فضلاً عن مناشدة مواطنيها بعدم الخروج من منازلهم.
الزعم بأن هذه العملية الإرهابية ndash; وغيرها من العمليات السابقة ndash; من تدبير quot; الموساد quot; مردود عليه بأن quot; المنفذين quot; هم دائما وأبدا (من العرب والإسلاميين)، وهناك أفلام وثائقية تعلن فيها جماعة quot; أنصار بيت المقدس quot; وquot; جماعة شوري المجاهدين quot; عن مسئولياتها عن هذه الحوادث الإرهابية، مثل استهداف دورية إسرائيلية أو تفجير خط للغاز، فضلا عن الجماعات التكفيرية مثل جماعة quot; أنصار الجهاد quot; التي لا تريد أي تواجد أمني للشرطة أو الجيش المصري في سيناء. الهدف المعلن هو استغلال سيناء لفتح جبهة جهادية جديدة مع اسرائيل، حيث توجد تحصينات كبيرة إلي جانب الجدار العازل بين قطاع غزة وإسرائيل، وهي تستغل الفراغ الأمني منذ يوم 28 يناير 2011 والأنفاق والمعابر للتسلسل داخل سيناء وتنفيذ عملياتها.
حديث كلينتون quot;المفخخquot; (للسي إن إن) الذي حذر العالم من خطورة الأوضاع في سيناء، وأوحي للجميع بأن زيارتها الأخيرة والخاطفة لمصر وإسرائيل كانت لهذا السبب تحديدا، ثم تصريحات موردخاي تستعرض بفخر القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية، تكشف ndash; في العمق ndash; أن ضعف السيطرة الأمنية علي سيناء (مقصود) و(ممنهج) وهو ما جعلها مرتعا للإرهاب الدولي ومصدرا لتهديد المصريين والآخرين علي الحدود وللمصالح الدولية أيضا.
هذا من جهة، من جهة أخري فإن ما تقوم به الجماعات الإرهابية المسلحة تسليحا حديثا وتمتلك قدرات قتالية وتقنيات متقدمة في quot;التخطيطquot; وquot;التفجيرquot; وquot;القنصquot;، محسوب ومرصود من قبل أجهزة المخابرات الدولية. وستكشف الأيام القادمة أن جماعة الإخوان المسلمين التي تزايد (في الإعلام) علي قتال إسرائيل وquot;تحرير القدسquot; والمسجد الأقصي وتلقي باللائمة دائما علي معاهدة quot;كامب ديفيدquot;، تسعي ndash; في الواقع - لتحقيق حلم quot;حماسquot; في ضم جزء من سيناء لقطاع غزة بالتنسيق مع أمريكا وإسرائيل، وهو العرض الذي سبق وأن رفضه مبارك مقابل 12 مليار دولار.
هذه العملية الإرهابية الجبانة هي تأتي تأكيدا لمخاوف إسرائيل وأمريكا، أرادت أن تعلن للرأي العام العالمي: quot;أن مصر فقدت السيطرة علي سيناء إلي الأبدquot;. وهي جزء لا يتجزأ من مخطط استخباراتي عالمي، يهيئ المجتمع الدولي لصراعات دامية قد لا تجد طريقاً إلى الحل إلا بعد بلورة النظام العالمي الجديد و(رضا) كل طرف بمكانته الجديدة. أما السيناريوهات المتوقعة، فهي: الإلحاح علي مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء، أو إعادة إحتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء التي أصبحت ملاذا للتنظيمات الإرهابية العالمية (والمرتزقة).
السيناريو الثاني هو ضرورة تدخل quot;الناتوquot; - حلف شمال الأطلنطي - عسكريا في سيناء لمجابهة أية تهديدات (إرهابية) للممر الملاحي الدولي quot;قناة السويسquot;.
السيناريو الثالث تجميع كل الجماعات الإرهابية والتكفيرية التي تحلم بإقامة quot;إمارة إسلاميةquot; في سيناء، حيث تتوافق طبيعتها الجغرافية الوعرة مع الفكر الجهادي من جهة، وباعتبارها تحتل موقعا جيو - استراتيجيا بالنسبة للصراعات الحالية والقادمة، يمكن توظيف هذه الطاقات الهدامة والدموية واستخدامها وقت الحاجة وquot;لا مكرمة في الحربquot;، خاصة وأن الأحداث في سوريا يمكن أن تفجر حربا إقليمية شاملة.
التحذير الذي وجهه الرئيس الروسي quot;بوتينquot; إلي البيت الأبيض في مطلع هذا العام 2012، والذي شدد فيه علي أن روسيا سوف تستخدم القوة في تصديها لأي تدخل عسكري quot;خارج القانونquot;، يمكن أن يقدم عليه حلف شمال الأطلنطي quot;الناتوquot; في سوريا، ثم رد الرئيس الأمريكي quot;أوباماquot; ndash; بعده بأيام - بأن أمريكا يجب أن تكون علي حذر في الشرق الأوسط، هو الذي دفع الولايات المتحدة وحلفائها إلي البحث عن quot;البجعة السوداءquot;، حيث وجدوا ضالتهم في هذه التنظيمات الإرهابية (وقود الحروب) خارج القانون الدولي، والتي يمكن عن طريقها أيضا لحلف شمال الأطلنطي، الذي أصطدم بالفيتو (الروسي - الصيني) المزدوج في سوريا، أن يستصدر quot;كلquot; القوانين اللازمة لكسب معركته بسهولة.
[email protected]