حرق القميص في quot;دهشورquot; مركز البدرشين محافظة الجيزة هي بداية إحراق مصر وتقسيمها، فالصراع بين فصائل الإسلام السياسي لإثبات الوجود من جهة وبينه وبين العسكر علي مساحة السلطة من جهة أخري، بلغ حدوده القصوي من الخسة والندالة إلي حد تأليب العامة والدهماء للإعتداء علي شركاء الوطن من الأقباط، ونهب ممتلكاتهم وحرق بيوتهم وكنائسهم كوسيلة لكسر quot; الإرادات quot; ولإشعال البلد وتمرير مخططات خارجية دنيئة علي حساب الوطن وتاريخه ومستقبله.
من أطفيح 4 مارس 2011 والمقطم 8 مارس 2011 ثم إمبابة 7 مايو 2011 والماريناب 30 سبتمبر 2011 والتى انتهت بمذبحة ماسبيرو، تم تهجير مسيحيى قرية العامرية 27 يناير 2012 وصولا إلي تهجير 120 أسرة من مسيحي قرية دهشور أول أمس، يمكن أن نتتبع السياسة الممنهجة للعقاب الجماعي للأقباط لا لشئ إلا لكونهم quot; مسيحيون quot;، فما حدث ويحدث منذ عامين 2011 و2012 ليس quot; فتنا طائفية quot; كما يشاع في وسائل الإعلام دائما، وإنما هي quot; عنصرية مقيتة quot; ووصمة عار جديدة علي جبين الإسلاميين ndash; لو علموا - الذين أثبتوا بكل السبل أنهم لا يستطيعون (التعايش) مع شركاء الوطن .. فكيف يتعايشون مع العالم الخارجي أو quot; الآخر quot; المختلف في العرق والثقافة والدين أو اللآ دين؟
لا يوجد أطراف مشتبكة فى دهشور (مسلم ومسيحى) ولكن يوجد طرف واحد متشدد، يقوم بأعمال سلب ونهب وحرق فى وجود قوات الأمن وفى وضح النهار وغياب تام للمسئولين في الدولة ؟ .. مكوجي قبطي حرق قميص زبون مسلم أعقبه انتقام جماعي من الأقباط ووفاة شاب مسلم تصادف مروره متأثرا بحروقه، هل هذا شعب متدين (يصوم ويصلي) ويعرف ربنا أصلا .. قتل مواطن مسلم برئ وحرق ونهب وتهجير 120 أسرة قبطية؟
وأسال هنا سيادة الرئيس محمد مرسي : ماذا ستفعل مع quot; أهلك وعشيرتك quot; ndash; كما ناديتهم في خطابك الأول ndash; الذين أحرقوا بيوت الأقباط ومتاجرهم وكنيستهم وهجروهم إجباريا من دهشور، ماذا فعلت وهم يعدون العدة الآن (نصا وتطبيقا) لدستور طائفي عنصري يقسم مصر إلي الأبد ويخدم أجندات خارجية وقوي إقليمية ودولية .. هل هذا ضمن برنامجك في أول 100 يوم لولايتك؟
الفرق بين أعظم دولة وأسوأ دولة في العالم هو quot; الدستور quot; وتطبيق quot; القانون quot; العادل والصارم علي الجميع دون استثناء، وقوة أمريكا ndash; التي درست سيادتك في جامعاتها وأولادك يحملون جنسيتها - ليست في أساطيلها أو حتي في هذه الجامعات، فهذه هي القوة وليست سببها أو مصدرها. كذلك ليس مصدر قوتها هو اتساع أراضيها أو تنوع مواردها (روسيا تعادلها) لكن quot; دستورها quot; وقوانينها هي التي أعطتها القوة التي مكنتها من كل شئ.
لذلك لا يتضمن الدستور الأمريكي نصا حول اللغة الرسمية للدولة، وتلك لم تكن هفوة بل قرار قصدي دعي إليه أبو الفيدرالية الأمريكية quot; توماس جيفرسون quot;، لأنه لم يرد لذلك الدستور ان يحتوي علي أي نص يوحي بالعنصرية العرقية أو الدينية أو الفئوية، فما بالك بquot; دين quot; الدولة !.
البند الثالث من الدستور الأمريكي يقول : نحن لا يهمنا لونك أو دينك، يهمنا فقط أن تعطي هذا البلد أفضل ما عندك وسيعطيك هذا البلد أفضل ما عنده. وفي مذكرة تفسيرية لهذا البند الثالث يقول quot; توماس جيفرسون quot;: ما الذي يعنيني إذا كنت تعبد إلها أم تعبد حمارا، إن المواطنة علاقة quot; أفقية quot; أما علاقتك بالإله ndash; أيا كان هذا الإله ndash; فهي quot; رأسية quot;. وإذا لم يتأسس دستور مصر الجديد علي هذه العلاقة الأفقية بين المواطنين وعلي مبدأ المواطنة المتساوية أمام القانون، فلا أمل ولا رجاء ولا نهضة أو تقدم أو سلام، بل أقول إن مصر ستصبح أسوأ من الصومال والسودان وأفغانستان، ومركز الإرهاب المتأسلم في العالم.
في الدول الديمقراطية الدستورية المتقدمة، ينصهر جميع المواطنين في (بوتقتها) بلا استئناء، لأن دستورها يتميز بالمساواة الكاملة ولا توجد فيه مادة ثانية أو ثالثة لقهر المختلفين في الدين وتركيعهم، وبالتالي لا يوجد تمييز ديني عنصري يستخدم تعبيرات مثل quot; أقلية quot; وquot; أغلبية quot;، بل يصعب أن تتحدث مثلا عن quot; الأقلية quot; الزنجية في الولايات المتحدة أو الأقلية quot; المسلمة quot; في الهند التي يتميز سكانها بعدم التجانس أصلا، ويشكلون أكبر فسيفساء تضم 1500 طائفة عرقية ودينية ولغوية، ويصل عدد لهجاتها المحلية 1552، لأن هؤلاء وأولئك هم أصحاب quot; حق quot; في الأرض لهم ما لأهلها كلهم من حقوق وعليهم ما عليها من واجبات بالدستور والقانون.
[email protected]