quot;قتلي لعدوي عدلٌ، وقتل عدوي لي ظلم، رأيي وديني صواب، ورأي المخالفين ودينهم خطأ، هذا منطق كل الأذكياء وكل الأغبياءquot;..
وهذه تماماً هي العباءة التي تغطي معظم دول الخريف العربي من سوريا النازفة الى مصر الشقيقة، والملامح هي ذاتها نفس الملامح: القمع الفكري والزحف البنلادني السلفي هو ذاته والدماء العربية اثبتت للعالم انها حمراء كباقي الشعوب، لكنها بنكهات متعددة ومريرة!

أذكر المعري حين قال:
quot;يوماً ما سنرى رجال الدين يمشون في الناس بأثقالهم وأوزارهم وصغارهم ويتخذون من الدين مطية حتى يستدعي الأمر الشك بالدين نفسهquot;،وكأنه تنبأ بما سيحدث ولو بعد حين...
تزحف الى سوريا اليوم كل العاهات الفكرية المتوحشة والجماعات المتأسلمة الأصولية حاملةً في دمها كل فيروسات الحقد الحيواني منذ القرون الوسطى، والتي دخلت اليها بعد تدريب وغسيل دماغ لا يشرب عصيره المسموم إلا الأغبياء وحثالة البشر( هذا ان استطعنا نسبهم للبشر اصلاً)، فمنذ عهود العصر الحجري ومشاهد القرود والإنسان القديم لم نشهد مثل هذه المناظر والأشكال:
الأكتاف العريضة والعضلات التي تكاد تخرج من اللحم المقزز والشعر الطويل الأشعث واللحى المطلقة لا اعرف الى اين، وإذا غضضنا البصر عن مناظرهم الخارجية فأيديهم وألسنتهم وأفعالهم تشهد وتدل عليهم، والتي كان افظع جرائمها التعسفية القاء الجثث من الطوابق العلوية للمباني الشاهقة هناك، وأي عقل وقلب بشري يستوعب كل هذا الاجرام النازي؟

وطبعاً هؤلاء لا يختلفون عن النظام السوري الحاكم بأي شيء ابداً فهو ايضاً مجرم حرب ومصّاص دماء ونيرون نفسه لا يساوي شيئاً امام هذا السفاح الذي لو اراد في البداية منع الزحف السلفي الى الشام لكان فعل ذلك، ولكن المعارضة المكونة من السلفية والناتو لا تصب في مصلحة احد بقدر مصلحته اللئيمة المتوحشة...

وما يحدث في مصر ليس افضل حالاً بل على العكس، لأن الفكر الفاشي اخٌ للنازي، ولطالما كانت حرية التعبير والرأي والرأي الآخر والأدب والإعلام اهم اعمدة الحياة المستقيمة الحرة الديمقراطية، ولطالما عاش القبطي مع المسلم والمسلم مع اليهودي بسلام وكانت الحياة quot;مية فل وعشرةquot;، أما اليوم فأسرار الإله مفضوحةٌ في كتاب الكون وأسرار الشياطين تنام مرتاحةً في عمامات هذا العصر.. للكذب وجهٌ قبيح واحد وللحقيقة مئات التأويلات والأوجه.. كذب التجّار ولو صدقوا!

ويبدأ مسلسل الفكر السلفي الوهابي من الفتوى التي اعلنت ان من سيخرج في ثورة 24 اغسطس الماضية هم خوارج ويحلُّ قتلهم الى تأليه مرسي باشا وعدم المساس quot;بالذات المرسيةquot; الى انتشار مشاهد الدعارة اينما ذهبت بتوزيع ملكات الايمان على من يدفع اكثر الى اغلاق قناة الفراعين ودعم قناة المنقبات، الى التحكم بحرية التعبير في الصحف المصرية، وآخر العنقود تكفّر كل الآراء المخالفة، والتأثير على عقل الشباب المصري الذي بالكاد يجد لقمة عيشه وراحة باله، الى تحريم وتجريم وسب الفنانين والفنانات خصوصاً.. من عادل امام الى الهام شاهين الى لبلبة ووصفهم بأبشع وأقذر الصفات التي لا تدل الا على ان quot;كل اناءٍ بما فيه ينضحُquot;!
وبهذا المسلسل يثبت فعلاً ان quot; توريث منزل يحتاج الى اعلان وراثة بينما توريث بلد بأكمله يحتاج الى بوستر فقطquot;.

فمن هؤلاء الذين يريدون اعادة مصر آلاف السنين الى الوراء؟ وماذا قدموا هم لمصر غير الظلمة والانغلاق؟ وأين كان هؤلاء حينما استشهد من استشهد في ميدان التحرير؟ وأين كان هؤلاء حين كان الأوباش يتحرشون بالفتيات المصريات وفي وسط الشارع العام؟ وأين كانوا حينما كانت اسرائيل تقصف غزة بالفوسفور؟
quot;وهل ابكي بدموع فوسفورية حتى يعرف شعبي العربي كم اتألم لأجله؟quot;
فلنضرب تعظيم سلام للدعم الأجنبي والتمويل الامريكي الذي اوجد هؤلاء العملاء على خارطة الشرق الاوسط اذن!
بتنا لا نعرف من يهاجم من؟ ومن يقتل من؟ وهل كل شيخ يفتي صار أميراً للمؤمنين؟ وهل ذاك الشيخ الذي نصّب مرسي إلهاً هو شيخ فعلاً ام مجرد موظفٍ مأجور يقبض من شقوق الطاولة المستديرة؟ وهل ذاك quot;البدرquot; الذي هاجم الهام شاهين بكل سفاهة وأساء اليها ولفنّها ولعراقة السينما المصرية له دخلٌ بالفن اصلاً ؟ وكيف ينصب الأزهر استاذاً كهذا في جامعته، وهو سائرٌ في الارض يسب المسلمات ويقذف المحصنات دون رادع؟ اهو اصولي سلفي ام اخونجي يقبض من quot;طرف الجيبquot;؟

واذا قلنا انه ليس اخوانياً وانما سلفي، فلماذا يتكاثر مثل هؤلاء في عهد مرسي؟ ولماذا لم تكن هذه الاوبئة منتشرة في عهد مبارك؟ لولا انهم جزء من لعبة مرسي السياسية التي لا يصدقها إلا الأحمق، فهو يريد تمثيل الأب الرئيس حامي حمى الوطن، ولو انه كان يخاف فعلاً على شعبه لمنع مثل هؤلاء من التفوه حتى بكلمة واحدة، وهو قادرٌ على ذلك!
ولذاك quot;البدرquot; اقول ان عمر السينما المصرية يفوق المائة سنة، وعمر فن الهام شاهين اكثر من عشرين عاماً، فمن انتَ لتأتِ وتمحو مجد الثقافة والفن المصري الجميل؟
مصر ndash; ام الدنيا، ام السينما والإنتاج الاعلامي، ام الحضارات ولن يخدشها ظفر سلفي وهابي رجعي مثلك!

وأمثال هؤلاء لا يتصرفون بدافع الغيرة على الدين،لأن الدين دين تسامح واعتدال، والله محبة، ومن يتصرف بهذه الطريقة لا يمثل ذرة انسانية واحدة فكيف يمثل ديناً؟
ان هؤلاء لا يبحثون الا عن الشهرة على اكتاف من تعب سنيناً ليبني صرحاً سينمائياً مصرياً يحتذى به بين الامم، او تضغط عليهم طفولة معنّفة او تعرضوا لغسيل دماغ جعلهم يتخيليون ان كل البشر وحوشاً و بدأوا يخلطون الحابل بالنابل كما شاء جلاّدهم..

ولا تهمني اسباب تشويههم النفسي بقدر ما يهمني البحث عن مخرج لهذه المعضلة المسماة ثقافة تكفيرية ارهابية، فهم يتعاملون مع الشباب المصري بدماغوغية مكشوفة تماماً، وللأسف فإن هذه الافكار التي تلصق الكراهية والحقد للآخرين تتم في اوكار دعاوى سرية وتستغل منابر المساجد لبث هذه الأفكار.
والمضحك اكثر من كل هذا ان هؤلاء يدّعون بأن الاسلام سينتصر ويحتل العالم، وأي انتصارٍ هذا وهم ابعد ما يكون عن الاسلام والعولمة والثورة العلمية والفكرية والتكنولوجية ؟
quot;فأمة كل علاقتها بالفضاء، quot;شمس الدينquot; وquot;قمر الدينquot;، ماذا نتوخى منها عندما يصل الامريكان الى المريخ؟ سيصبح عندنا quot;مريخ الدينquot; مثلاً quot; ؟

الاسلام الحقيقي بريء من امثال هؤلاء، فلعنة الله على القاتل والمأجور والعميل الاجنبي وقاذف المحصنات ومصاص الدماء والمكفّر لغيره بسببٍ وبدون سبب..
لعنة الله عليهم وعلى قبورهم من بعدهم!
وإذا قلنا للصهاينة:quot; اخرجوا من برنا وبحرنا وملحنا وجرحناquot;، لكم نقول اخرجوا من رغيف شقيقنا المصري ومن صحفه وإعلامه وفنه وسينمائه وإبداعه، وأعطوا ما لقيصر لقيصر، لأن مصر من انجبت نجيب محفوظ ونوال السعداوي وطه حسين، والتاريخ وحده من سيفرق بين القامات والأحذية!
quot; ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماءquot;


يافا- فلسطين المحتلة