بمجرد ظهور الفلم المسيء لنبي الاسلام محمد (ص) مدبلجة ومترجمة للعربية من لقطات فيديو رديئة فنيا، وعرضها على شبكة الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي بالرغم من تواجده منذ شهور بالانكليزية، خرج الغضب الشعبي في العالم الاسلامي وبدأ بتفريغ ما يحمله من كبت سياسي ونفسي مضطرب على السفارات الامريكية والاوربية في العواصم العربية وفي دول العالم الاسلامي، والهجوم الغاضب الذي حصل على مقر القنصل الامريكي في بنغازي بليبيا وقتل القنصل وبعض افراد القنصلية، كان بمثابة شرارة الانفجار والانطلاقة الاولية لتفجير الغضب الاسلامي الذي عم ليبيا ومصر وتونس وباكستان وافغانسان وايران وغير ها من الدول في اسيا وافريقيا. وبالرغم من الاراء المتنوعة والمعلومات المتناقضة عن اصل الفلم ومنتجه ومخرجه، لكن التقارير تشير الى ان الفلم المسيء كان موجودا من شهور عديدة على الموقع الالكتروني يوتيوب وباللغة الانكليزية، ولكن عندما عرض بدبلجة وترجمة عربية تحول المشهد الى شرارة نار وانفجر الغضب الاسلامي خلال ايام قليلة وشهدت ساحات الاحتجاجات ضحايا من القتلى والجرحى لاسباب انفعالية لا اكثر ولا اقل. وهنا من خلال دراسة وتحليل المشهد الراهن في العالم الاسلامي يمكن طرح السؤال التالي: من يقف وراء الفلم المسيء والاحتجاجات في العالم الاسلامي؟ وللاجابة نطرح احتمالات الاجوبة التالية: اولا: تشير معطيات الصراع الدبلوماسي حول الملف النووي الايراني الى صعوبة الوصول الى حل بسبب تعنت نظام المرشد الديني في طهران، وصدور قرار الوكالة الدولية للطاقة بادانة ايران، وتخوف اسرائيل من التقدم النووي وقرب تصنيع السلاح النووي الايراني، وتواصل المحادثات بين تل ابيب وواشنطن بخصوص القرار الاسرائيلي لضرب المفاعلات والمنشآت النووية الايرانية، وتخوف ايران من ضربها من قبل تل ابيب، فان هذه المخاوف قد حفزت طهران لاشعال المنطقة وبلدان العالمين الاسلامي والعربي بتظاهرات اسلامية عارمة لاحراج الحكومة الامريكية برئاسة اوباما، وتخويف اسرائيل، وتقليل الاهتمام الدولي ببرنامج التسليح النووي للنظام في طهران، وخاصة بعد اتفاق اعضاء الوكالة الدولية للطاقة على ادانة ايران. باختصار هذه هي الرؤى المحتملة لتحليل البروز والظهور المفاجيء للاحتجاجات الغاضبة التي عمت العالم الاسلامي والكثير من دول الشرق الاوسط واسيا وافريقيا، وتقديم صورة عن احتمالية الجهات التي تقف وراء انتاج الفلم المسيء بغية دفع المنطقة الى الدخول في ازمة جديدة جانبية لالهائها بدوافع مبيتة غير مرئية على ارض الواقع، وفي كل الاحوال فان ايران وسوريا وروسيا هي الدول الاكثر استفادة من الفلم والاحتجاجات الغاضبة القائمة وهي بالتأكيد رسالة متقصدة ومتعمدة موجهة الى المجتمع الدولي والولايات المتحدة، ولكن يبقى احتمال انقلاب الموقف واردا في المنظور القريب، وكم لعبة انقلب فيها السحر على الساحر وراح لاعبها ضحية للانقلاب. كاتب صحفي ndash; كردستان العراق
ثانيا: استفتاءات الرأي العام في الولايات المتحدة الامريكية اشارت الى صعوبة تقدم مرشح الحزب الجمهوري رومني على مرشح الحزب الديمقراطي باراك اوباما، وبالرغم من تنديد المرشح رومني للفلم المسيء الا ان هذا لا يبعد احتمال تورط الحزب الجمهوري ومرشحه بعملية انتاج الفلم المسيء من باب تأجيج منطقة الشرق الاوسط والتأثير على السياسة الخارجية لحكومة الولايات المتحدة، وبالتالي التاثير على الموقف الانتخابي للمرشح الديمقراتي باراك اوباما.
ثالثا: الفترة الحرجة والضغط الثوري للشعب الثائر في سوريا على نظام بشار الاسد في دمشق يلقي بظلال احتمال وقوفه وراء اندلاع الاحتجاجات في منطقة حساسة ومهمة لارباك المجتمع الدولي وتقليل تسليط ضوء الاهتمام والاعلام على الوضع الراهن في سوريا والمتسم بارتكاب جرائم ضد البشرية واستخدام العنف العسكري الشديد بالمدافع والدبابات والطائرات ضد المدنيين والثائرين السوريين.
رابعا: التيار الاسلامي المتطرف من السلفيين والمتشددين في بعض دول الربيع العربي وخاصة في مصر، واستغلال الحدث والفلم المسيء للتعبير عن احتجاجات عنيفة، رسالة قوية يرسله هذا التيار لابراز موقفه سياسيا وتذكير الغرب ان الحكم الجديد اسلامي متشدد وهو مغاير تماما للحكم السابق، وتعامل الرئيس المصري والحكومة بدون جدية مع الحدث وتواصل الضغوطات والاحتجاجات على السفارة الامريكية في القاهرة وامتعاض الرئيس باراك اوباما من الرئيس محمد مرسي دليل على ان العلاقة بين الطرفين ليست على مايرام، خاصة وان تقارير امريكية اشارت الى ان الفلم منتج من قبل جمعية خيرية مسيحية يرأسها امريكي من اصل مصري قبطي.
خامسا: دور روسيا السلبي في المنطقة ووقوف هذه الدولة المارقة الى جانب النظام المستبد في دمشق ووقوفها ضد تطعات وثورة الشعوب الثائرة لنيل حريتها وكرامتها، يقرب من احتمال استغلالها للحدث ووقوفه وراء اندلاع التظاهرات الاحتجاجية الغاضبة لتقليل الضغط على النظام السوري واحراج امريكا ودول اوربا من خلال استهدافهم من قبل التيارات الاسلامية المتشددة في المنطقة.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات