بعد تسعة عشر شهرا من عمر الثورة السورية، لايزال المجتمع الدولي يرى أن هنالك فاض دم سوري يجب هدره وصرفه في اسواق السياسة الدولية..المشكلة الآن ليس في أن يتدخلوا أم لايتدخلوا لوقف هذا القتل الذي قامت به وتقوم به العصابة الأسدية، لأنهم أصلا تدخلوا منذ البداية من أجل استمرار العصابة الأسدية.. المشكلة تكمن في انهم لايزالوا يرون أن العصابة المجرمة طرفا في الحل!! لم تتدخل جهة واحدة لا في الشرق ولا في الغرب في مسارات الثورة إلا من أجل استمرار العصابة الأسدية في قتل الشعب السوري.هذه نتيجة حدثت وتحدث على الارض منذ بداية الثورة وحتى اللحظة. ربما هنالك دول تحاول حقيقة وقف القتل لكنها ضعيفة الحضور على المستوى الدولي.

سورية منذ بدء الثورة شهدت تدخلا كثيفا بعدة أشكال من اجل دعم العصابة الأسدية، او على الأقل تحت هذا العنوان. حتى أن من أوهموا البشر أنهم مع تنحية الأسد كانت تدخلاتهم وحتى اللحظة من أجل هدر فائض الدم السوري كما قلت. واخص بالذكر امريكا اوباما وبريطانيا ديفيد كاميرون وألمانيا انجيلا ميركل وفرنسا الآن بقيادة فرانسوا هولاند..لكن هؤلاء ليسوا مهتمين بمن ستكون الغلبة له في النهاية قوى الثورة أم العصابة الأسدية..لن يسمحوا للعصابة بالانتصار لكنهم لن يسمحوا حتى اللحظة بقيام سورية حرة ديمقراطية. لم يحسموا امرهم في هذا الاتجاه.أما بقية العصابة الدولية مثل روسيا والصين فلاداعي لذكر تدخلهم السافر والمجرم في سورية. منذ أن بدء القتل في سورية كنت أؤكد على أن ما يحدث في حق شعبنا هو جريمة دولية بكل ما تعني الكلمة من معنى. فتات النقود للنازحين والمهجرين ما هي إلا عبارة عن ذر للرماد في العيون، فيما تبقى من ضمير عالمي. أمريكا لم تكن تحتاج لقرار من مجلس الأمن كي تقوم بحظر طيران منذ اليوم الأول لاستخدامه في قتل شعبنا، في كل المناطق النفطية بالعالم وفي الخليج العربي أمريكا تتخذ القرارات التي تراها مناسبة للمصالح القومية العليا للولايات المتحدة الأمريكية دون الرجوع لأي طرف دولي أو اقليمي!! ولا الاطلسي أيضا بحاجة لقرار من مجلس الامن..ولو اتخذ هذا القرار بحظر الطيران الأسدي لما قاومته روسيا او الصين.. وحظر طيران هو أقل ما يمكننا الحديث عنه كي تثبت هذه المجموعة الدولية أنها لا تنظر لشعبنا بوصفه دم فائض! او علامة تجارية..

رهاننا على شعوب العالم كان رهانا خاطئا على ما يبدو، هنالك شريحة كتيمة تقف خلف هذه الجريمة الدولية النكراء لأول مرة بتاريخ البشرية المعاصر يقف المجتمع الدولي كعاجز تماما..والسؤال لماذا؟

للآسف منذ بداية الثورة والجميع يعرف انهم لن يتدخلوا وبدلا من اتباع استراتيجية الضغط المعنوي والأخلاقي والسياسي والتوجه للرأي العام في الدول الفاعلة، تبنينا خطتهم تجاه سورية، وهي رفض التدخل العسكري، وكانت النتيجة أننا الآن نناقش قضايا الأقليات والأكثريات وقضايا وحدة المعارضة والحكومات الانتقالية والمجالس الوطنية والعسكرية، ويجتمع الكتبة في أكثر من مكان لكي يدبجوا أوراقا عن مستقبل سورية، ومعدل القتل يرتفع كلما قبلت هذه النخبة المعارضاتية الدخول معهم في نفس اللعبة.

لا يتدخلوا لأنهم عاجزين!! فيها وجهة نظر، لكنهم لا يتدخلوا لأنهم يريدون التخلص من فائض الدم السوري، يريدون محو سورية المجتمع الحر والفاعل عن الخارطة الاقليمية والدولية..لأنها كانت دولة فاشلة وسلطة مجرمة على يد العصابة الأسدية، ويريدونها إما دمارا أو محكومة من عصابة أسدية.. الناس البسطاء عندما يقولون لو كانت سورية غنية بالنفط لتدخلوا هذا الكلام صحيح 100%. ولو لم تكن إسرائيل على حدودنا وتريد ذلك لتدخلوا..أن يترك الشعب السوري وحيدا هذه هي الجريمة بعينها. وعلى النخب السورية المعارضة ألا تتواطأ مع هذه الشريحة الكتيمة..إنها الدولة السوداء على الصعيد الدولي..تماما كما هي حال الدولة السوداء في تركيا سابقا..الدولة السوداء صاحبة اليد الطولى بالقرار الدولي.. ماذا سيفعل المندوب الايراني في القاهرة في مؤتمر الرئيس مرسي الرباعي حول سورية؟ كيف يمكن للرئيس مرسي الجلوس مع من هو شريك كامل في الجريمة ضد شعبنا؟ كلهم الآن يتحدثون عن مصر وتونس وليبيا واليمن والحرية والربيع العربي، لماذا وصلت الامور إلى شعبنا سورية وباتوا يتحدثون عن اسلاميين وحروب اهلية أو طائفية، عن جهاديين كما فعل المدعو روبرت فيسك الذي ذهب لسورية وتنعم هنالك بتغطية على نفقة شعبنا!! لو كانوا لا يريدون هدر الدم السوري الفائض لكانت تغطية الميديا الغربية لاحداث الثورة مختلف تماما عن الآن..عندما يغطون الاحداث هناك يغطونها عندما يريدون تبرير عدم تدخلهم وشراكتهم للعصابة الأسدية في قتل شعبنا..أنا لا اتحدث عن الروس لأنهم انفسهم يعلنونها مرارا وتكرارا أنهم شركاء في الجريمة.. ويخرج باحثون سوريون يتحدثوا عن أن المشكلة تكمن في الأكثرية السنية!!

لايريدون التدخل حسنا لكن يجب عدم تغطيتهم... ويجب عدم الانجرار وراء ترهات لم نر مثلها في العراق عندما قرروا التدخل!! ولم نرى مثلها في افغانستان..او البوسنة وكوسوفو..

نعم إنه فائض الدم السوري..