ثمة جهات اقليمية ودولية تريد جر الشعب الكردي الى مستنقع الطائفية الآخذ اتساعا في المنطقة، وحشره في المعسكر المعادي لquot;المحور الشيعيquot;!. هناك محاولات حثيثة ومراهنات على بعض القوى والشخصيات الكردية هنا وهناك لتحقيق ذلك الهدف. وهذه المحاولات تتخذ في بعض الأوجه لبوسا quot;ثورياquot; ولكن بدعم من جهات اقليمية غارقة في الظلامية والقمع. يٌراد للكرد ان يعلنوا عدائهم للعالم الشيعي الذي تقول هذه الجهات بان ايران وquot;حزب اللهquot; وquot;القوى الشيعية في العراقquot; تمثله. وبغض النظر عن الموقف من القوى المذكورة والملاحظات على سياساتها، الا ان لب القضية مذهبي بحت، والتموقع له اصل طائفي وليس سياسيا كما يصوّره البعض. وانطلاقا من التخوف الحاصل لدى الدول العربية السنيّة، اضافة الى تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية ( الاخواني الانتماء) من quot;التمدد الشيعيquot; في المنطقة بقيادة ايران، فان هناك مشروعا متكاملا له اذرع عسكرية واعلامية لاشعال المنطقة والنيل من ايران وحلفائها. وهذا المشروع من الواضح انه يتم بمباركة من الولايات المتحدة الاميركية وبتحريض منها. وتداخلت مؤخرا المنظمات quot;الاهليةquot; الاصولية مع السياسة العامة المعادية للشيعة في المنطقة. وكان لافتا بان quot;الاصولية السنيّةquot; التي يٌراد لها ان تكون تحت سيطرة الدول العربية ذات الشأن، بدأت تطرح خطابا طائفيا تحريضيا وعبر قنوات اعلامية عدة، هدفه تقسيم المنطقة على اساس عقائدي/ايماني، بحيث يكون معسكرها quot;معسكر الايمان الصحيحquot; وquot;الثورةquot;، والمعسكر الآخر هو quot;معسكر الانحراف والضلالquot;، وquot;معسكر السلطة الظالمةquot;!. وكانت المحاولة الأولى في ربط القيادات السياسية في اقليم كردستان العراق بتركيا وبعض دول الخليج رسميا وعبر الاقتصاد والاعلام وغير ذلك، بينما تتغلغل quot;المنظمات الأهليةquot; وquot;الجمعيات الخيريةquot; الاصولية التكوين والهدف ضمن المجتمع الكردي هناك، حيث تنشر فكرها وتتمدد بخطاب اصولي معادي للخطاب القومي الكردي. ولعل جماعة رجل الدين الاصولي التركي المعروف quot;فتح الله غولانquot; والتي افتتحت المدارس والجامعات في الاقليم خير مثال على ذلك. وثمة الان ملامح لرضوخ رسمي كردي للهيمنة التركية والخليجية. ورغم رفض رئيس الاقليم مسعود البرزاني لمثل هذه الهيمنة ومحاولاته الحثيثة الرامية لابقاء الوضع تحت السيطرة والاحتفاظ باستقلالية القرار السياسي الكردي وريادة الفكر القومي الذي يمثل الأساس الذي يقوم عليه حزبه، الحزب الديمقراطي الكردستاني، الا ان هذه المنظمات والدول التي تقف خلفها قد حققت قدرا لايٌستهان به من النجاح. وفي الفترة الاخيرة وعلى وقع الثورة السورية ظهرت اصوات تنادي بضم الشعب الكردي الى المحور المعادي للشيعة في المنطقة. ويتم ذلك عبر وكلاء ظهروا مؤخرا وبدأوا يٌسوّقون لهذا الخطاب نظريا وماديا. وغالبا مايتم ذلك عبر البوابة التركية وتحت يافطة quot;دعم الثورة السوريةquot;. ويٌشرف تنظيم الاخوان المسلمين السوري على المشروع. والهدف هو: ضم الكرد وقواهم السياسية الى السياسة الرسمية التركية (بعد ابعادهم عن الفكر القومي) وتحويلهم الى quot;اوراق ضغطquot; في الصراع المحاورّي مع النظام السوري، يمكن التضحية بهم في كل وقت ومناسبة!. ونظرة واحدة الى هوية الشخصيات التي تعمل داخل المعارضة السورية المرتبطة بتركيا وبدول الخليج ( المجلس الوطني السوري بشكل خاص) وملاحظة التطوّر الحاصل في خطابها وبعدها رويدا رويدا عن الحقوق القومية الكردية، سيلاحظ ملامح المشروع القائم بابعاد الكرد في سوريا عن الفكر القومي ومحاولة الحاقهم بالمشروع الاقليمي الطائفي( التركي/الخليجي) دون أن يكون لهم أي فائدة يمكن ان يتم استحصالها من وراء هذه السياسة. وفي سوريا تحاول الاحزاب السياسية الكردية ان تبتعد عن الموجة الطائفية القوية التي تجتاح قواعد وقيادات الثورة السورية. هي احزاب وقوى قومية تتمسك بالحقوق القومية للكرد في الدولة السورية، وتناضل لاستحصال هذه الحقوق بأقل الخسائر ودون التورط في الاحلاف والمحاور الاقليمية. وتستفيد هذه الاحزاب من نصائح الاحزاب الكردستانية الكبيرة مثل حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، حيث نجح مؤخرا كل من العمال الكردستاني والديمقراطي الكردستاني في الضغط على القوى الكردية في سوريا لتقليص خلافاتها وتشكيل اطار سياسي موحد هو ( الهيئة الكردية العليا) والتي باتت الآن تمثل الشعب الكردي في سوريا بشكل رسمي. وهذا الاجراء كان السبب في تصاعد هجمات المعارضة الطائفية القومجية على الشعب الكردي وقواه السياسية، حيث ظهرت تصريحات كثيرة من رموز هذه المعارضة وكتابها ضد الكرد وتكررت الاسطوانة القديمة في quot;اتفاق الاكراد مع نظام بشار الأسدquot; و quot;عدم مشاركة الاكراد في الثورة بشكل فعّالquot; أو quot;تسليم نظام الاسد 5 محافظات للأكرادquot;!. وهذه الحملة تتم برعاية من الدولة التركية وبتحريض منها، ولاداعي لتقديم الأدلة على تبعية اغلبية قوى المعارضة السورية للدولة التركية وحزبها الحاكم!. والحقيقة بان الشعب الكردي وفي كل كردستان لن يجني أية فائدة من معاداة العالم الشيعي. فتلك ليست قضيته ولن تساهم في انتزاع حقوقه من الانظمة الغاصبة في تركيا وايران والعراق وسوريا. هذا ناهيك عن وجود ملايين الكرد من الشيعة والعلويين، وهؤلاء من أبناء الامة الكردية ومشاركين في نضالها التحرري ولايمكن معاداتهم لأسباب طائفية ابدا. الخطاب الطائفي الذي يٌراد له ان ينتشر بين ابناء الشعب الكردي ويدفع باتجاه العداء للمذهب الشيعي، يريد كذلك ان يفعل فعل المخدر الذي يٌبعد الكرد عن الفكر القومي والخصوصية القومية. وهذا الخطاب حظه من النجاح قليل، لكن اصرار تركيا وبعض دول الخليج على الاستفادة من quot;الورقة الكرديةquot; باعتبار ان quot;معظم الكرد من السنّةquot; وشرائهم ذمم الكثيرين من الساسة والمثقفين الكرد، سيخلق صراعا جديدا داخل المشهد الكردي. وهنا يأتي دور الاحزاب السياسية الكردية والتي قرأت الواقع بشكل عقلاني وحاولت ان تنأى بالكرد عن الصراع الطائفي الدائر في المنطقة. انه صراع اقليمي ذو بعد دولي. وهو صراع تؤججه ويتلقى دعما واضحا من قوى اقليمية ودولية شتى تختلف بالايديولوجية والفكر، ولكن مصالحها تتقاطع الآن. مصالح تشبه تلك التي وقفت ذات مرة خلف دعم quot;المجاهدينquot; في افغانستان لمحاربة الغزو السوفييتي quot;الشيوعي/ الكافرquot;!!.
- آخر تحديث :
التعليقات