تثير ردة فعل الشارع العربي والاسلامي في عدد من الدول العربية والاسلامية ضد rsquo;rsquo;الفلم المسيءrsquo;rsquo; للنبي محمد صلى الله عليه وسلم (انا شخصيا لم اشاهده واكاد اجزم ان غالبية من تظاهروا لم يشاهدوه ايضا)، ردة الفعل هذه تثير الاستغراب والاستهجان لما صاحبها من عنف غير مبرر واقتحام سفارات دول وقتل سفراء على الرغم من ادانة حكومات الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي لاي عمل يسيء للاديان. وبطبيعة الحال لايمكن تحميل حكومات الدول تبعة التصرفات والمواقف الشخصية لمواطنيها.
ليس القصد هنا التهوين من بشاعة جريمة الاساءة سواء لشخص النبي عليه الصلاة والسلام او سائر الانبياء عليهم الصلاة والسلام ولكن القضية غير واضحة برمتها. فضلا عن ان توقيتها ومن يقف خلف الترويج لها واثارة الناس بهذه الطريقة يثير الشكوك والتساؤلات.
الفلم بحسب المختصين رديء من الناحيتين الفنية والانتاجية، عليه لم يكن لاحد ان يشاهده لولا الدعاية المجانية التي قامت بها الشعوب العربية بقصد او بغير قصد، والمتحمسة دائما لقضايا لاتعنيها كثيرا اوبعبارة اخرى لا تخدم واقعها.
يبدو ان الطبيعة العاطفية التي تتميز بها شعوبنا العربية والاسلامية تجاه المسائل الروحية والقضايا الدينية قد اغرت سواء الاشخاص الباحثين عن الشهرة والمال او الدول التي تجيد فن السياسة والتدين والمتاجرة بقضايا الشعوب المغلوبة على امرها لتحقيق مصالحها القومية، قد اغرتهم لاستغلال هذه المساحة متى شاءوا وكيفما رغبوا. في ثمانينات القرن الماضي اصدر قائد الثورة الايرانية فتوى ضد سلمان رشدي واياته الشيطانية، اهدر فيها الخميني دم رشدي فحقق له الشهرة والثراء واراد الخميني من ذلك ايهام العرب والمسلمين بانه المدافع عن قضاياهم والقادر على لعب دور الموجه والمرشد..
لم يكن الترويع والقتل يوما منهجا اسلاميا للرد على المسيئين للاسلام او الذين يخالفونه الرأي بل هي المجادلة والرد بالحسنى.
لكنه الجمود الفكري وتردي العقل العربي والتشرذم السياسي وضياع الهوية، هو الذي سمح لقوى دخيلة على الاسلام لها مشاريعها القومية الخاصة ان تمثله وتعبر عنه.
ولم يتضح بعد من وراء الترويج لفلم الاساءة للنبي وتعبئة الجماهير وارتكاب جرائم قتل بحق سفراء دول بطريقة تبدو مخططا لها مسبقا، اهي ايران ايضا بهدف صرف الانظار عن الازمة التي يمر بها حليفها المجرم في سوريا ومحاولة تخفيف الضغط عنه لاسيما وان المبعوث الاممي الاخضر الابراهيمي متواجد هذه الايام في سوريا في اخر مسعى لايجاد حل سلمي للازمة السورية. او ان الهدف من ذلك توجيه رسالة واضحة لحكومات وشعوب الدول الغربية مفادها ان الثورات العربية لاتستحق الدعم والاهتمام. وفي كلتا الحالتين تكون ايران قد نجحت في مساعدة حليفها السوري. وربما هناك من يحاول تكرار سيناريو 11 سبتمبر
لم تخطيء وزيرة خارجية امريكا كلينتون عندما قالت ايحدث هذا في بلد ساعدناه. والشيء نفسه ينطبق على العراق، فبعد ان وصلت القوى والاحزاب العراقية الشيعية الى سدة الحكم بمساعدة الولايات المتحدة وامسكت بزمام السلطة وتحكمت بكل مفاصل الدولة ادارت ظهرها لامريكا وارتمت باحضان طهران..
لا شك انه امر يدعو للسخرية والحزن في الوقت معا لان الانسان العربي- المسلم لم يعد يعرف ماهية القيم التي يجب ان يحملها ويدافع عنها، اهي الفرد-القيمة ام منظومة القيم، الاولى تنتهي وتزول بموت الفرد-الرمز (من كان يعبد محمدا فمحمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت) اما الثانية فدائمة وباقية ببقاء المجتمعات وتنمو وتتطور مع حركة المجتمعات. هذا يعطينا تفسيرا لماذا ان غالبية العرب والمسلمين يقدسون الاموات والاضرحة وان عقولهم اصبحت خارج نطاق المكان والزمان المنظورين؟.
اين هي ابداعات العقل العربي المسلم في الوقن الراهن؟ اين هي المساهمات الحضارية؟ اين هي القيم الانسانية الراقية التي نادى بها رسول الله في جزيرة العرب كالمساواة والعدل ونصرة المظلوم وتحريم قتل النفس بغير حق والصدق وحفظ الامانة وغيرها من القيم الراقية التي بها ملك العقول والقلوب واتبعه الناس قبل ان ينادي بالصلاة وغيرها من العبادات.
يتفشى الفساد والخراب والقتل والجوع والجهل في معظم الدول العربية الاسلامية ولم نشاهد هذه الجموع rsquo;rsquo;الغاضبة الشجاعة التي لايهما سوى الموت في سبيل الله والرسولrsquo;rsquo; منتفضة مننددة بهذا الواقع المري؟.
دفع سوء الاوضاع الانسانية بجوانبها المختلفة الكثير من العرب والمسلمين الى الهجرة الى دول الاتحاد الاوربي وامريكا وغيرها من الدول حيث يبلغ عددهم في اوربا وحدها بحدود خمسين مليون مسلم!!!
اكثر من سنة ونصف واطفال ونساء وشيوخ وشباب سوريا يذبحون ولااحد يتحرك لايقاف المجزرة، لكن عندما ينقل خبر لايعرف مدى صحته ومن يقف خلفه عن اساءة مست النبي هنا او هناك وهذا امر طبيعي ان تصدر من عدو او جاحد او شخص مريض وجاهل، يتسابق الجميع لابراز قدراته في التزلف والتملق والمراءة واعلان الحب للنبي، وفي هذا السياق تأتي دعوةا المرجع الشيعي الاعلى في العراق علي السيستاني الى اصدار ميثاق شرف دولي يجرم المسيء للنبي فيما لم نسمع له اي تعليق او ردة فعل تجاه ما يتعرض له للشعب السوري من مذابح وجرائم وحشية. وكأن قتل الاطفال واغتصاب النساء وتجويع الشيوخ وتعذيب الرجال لا يسيء للنبي!!!
اليس الاستغراب من طبيعة ردة فعل الشارع العربي-الاسلامي في محله؟ اليس التشكيك بتوقيت بث الفلم والترويج له ومن يقف خلفه مشروعة؟
أهي ايران ام احدى قوى الهيمنة العالمية ام الامر برمته عائد لاحتضار العقل العربي؟
والخوف كل الخوف من ان تكون تداعيات هذه الازمة اعمق من تداعيات هجمات 11 من سبتمبر الارهابية التي حدثت قبل احدى عشر سنة لانهما يتقاسمان نفس الاسلوب الفوضوي مع اختلاف الادوات ويلتقيان عند ذات الاهداف : تغذية وترسيخ مشاعر الكراهية لدى شعوب وحكومات الدول الغربية ضد الشعوب العربية وتشويه صورة الاسلام.
التعليقات