قالت أخبار عمّان، أن الحكومة الأردنية، وأطقمها الأمنية، بدأت بوضع خطط، وسيناريوهات، لمراقبة، وتأمين ، ومتابعة مسيرة جماهيرية ضخمة، أعلن quot;الإخوان المسلمونquot; أنهم سينظمونها في الخامس من الشهر المقبل (اكتوبر) لتأكيد المطالبة بإصلاح النظام!
وتم الإعلان في عمان، عن انضمام 72 مجموعة نشاط وتنسيق حراكية، لمسيرة quot;الإخوان المسلمينquot;، التي تستعرض قوة quot;الجماعةquot; في الشارع، مقابل تثبيت برنامج مقاطعة الانتخابات.
وقد يقوم الحاكم الإداري، بمنع هذه المسيرة، استناداً إلى صلاحياته القانونية، التي تتيح له منع أي نشاط في الشارع، وفقاً لتقديرات أمنية غير مبررة.
quot;الربيع العربيquot; في نسخته الأردنية
وهدد الإسلاميون، بجمع ما لا يقل عن 50 ألفاً من المشاركين في أضخم مسيرة بعد موجة quot;الربيع العربيquot;، الأمر الذي يُعبِّر عن مستوى القلق العام، إذا جاء اليوم الموعود، معلناً ضمنياً عن تدشين موسم quot;الربيع العربيquot; في نسخته الأردنية.
وقد عقد الإسلاميون مع شركائهم في بقية الحراك الشعبي الأردني، اجتماعاً تنسيقياً، تضمن تعيين لجنة تحضيرية، تتولى الإشراف على تحضيرات المسيرة الضخمة.
إخوان مصر وإخوان الأردن
كان إخوان مصر واضحين وصريحين مع نظام حسني مبارك السابق. وربما كان سبب هذه الصراحة، وذاك الوضوح، اعتبار ذلك العهد امتداداً لثورة 23 يوليو 1952، التي أذاقت الإخوان المر، فحبستهم، وشتتهم، وشنقتهم، ثم منعتهم من ممارسة أي عمل سياسي، وأصبحوا طيلة ستين عاماً من عمر ثورة 1952 من quot;الجماعات المحظورةquot;. وكان يُشار إليهم بالجَرَب، والطاعون وخبائث الأمراض الأخرى. فانتقموا من عهد مبارك، وكانوا لا ينادون بالإصلاح، بل بإسقاط النظام، لكي يتولوا هم رئاسة النظام. وكان لهم ذلك.
أما إخوان الأردن، فلا يجرؤون على المناداة بإسقاط النظام، لأن النظام هو من حماهم ووضعهم في حِجْره طيلة عشرات السنين السابقة، منذ 1957 عندما ألغى النظام كافة الأحزاب السياسية على الساحة الأردنية، واستثنى منها quot;جماعة الإخوان المسلمينquot; التي ظلت اللاعب السياسي الوحيد على الساحة الأردنية، مما أكسبها قوة على قوة، وشعبية على شعبية، مستمدة من شعبية النظام، لدى بعض العامة من سواد الشارع الأردني القبلي والعشائري في معظمه، والذي يخشى التغيير، ويخاف من الجديد، ولا يركن الى الليبراليين الرومانسيين، ويريد معظمه - من أصل فلسطيني - الاستقرار، بعد أن عانى سنوات طويلة من الشتات، والهجرة، والتشرد.
عظام رقبة النظام
ومنذ ذلك الحين (1957) اعتُبرت quot;جماعة الإخوان المسلمينquot; في الأردن، من عظام رقبة النظام. وهي الحامية له. وهي سنده، وعضده في الشارع الديني الأردني. ولم تفزع مما تمَّ للإخوان في مصر، وفي سوريا، في القرن الماضي. فكانت تشاهد عبد الناصر وحافظ الأسد وهما يذبحان الإخوان في القاهرة وحماة بدم بارد، وهي غير مكترثة بما يجري هناك. وكان همهم ndash; أي إخوان الأردن - الأول والأخير حماية النظام الأردني، والتزلف له، حتى لا يصبح مصيرهم كمصير اخوتهم في مصر، وسوريا.
جميل الشعب وجميل النظام
من المعروف تاريخياً، أن quot;جماعة الإخوان المسلمينquot; كانت ملكية الهوى السياسي، وتسعى لإقامة خلافة إسلامية، بديلاً عن الخلافة التي أسقطها اتاتورك 1924. وبعض المؤرخين يؤكدون، أن quot;الجماعةquot; التي تأسست 1928 ، كانت من أجل هذا الهدف، الذي سعت لتحقيقه مع شيخ الأزهر آنذاك (مصطفى المراغي) ومع الملك فؤاد، ثم الملك فاروق، ثم الشريف حسين في مكة آنذاك. ولكن الخلافة في 1924، كانت تفاحة فاسدة (مخمِّجة) ما أن هزَّ شجرتها أتاتورك حتى سقطت. ولم تكن التفاحة صالحة لا للأكل ولا للنقل. وكان quot;الإخوانquot; بذلك، ينفخون في quot;قربة مقطوعةquot;، لا جدوى منها، ولا فائدة. وحفظوا بذلك جميل الأنظمة ومنها النظام الأردني، ولم يحفظوا الجميل للشعب الأردني الذي احتضنهم، وربما حماهم، ودافع عنهم، عندما سجن النظام قادتهم لفترة قصيرة من الزمن (نفى جلوب باشا مرشد quot;الإخوانquot; الراحل محمد عبد الرحمن خليفة الى دمشق 1955، ومنعه من دخول الأردن. كما سجنت الحكومات الأردنية المتعاقبة خليفة في سجن [الجفر]، عدة مرات في الخمسينات، وبداية الستينات.) وكانت وصية عبد الرحمن خليفة للجماعة، عدم الصدام مع النظام، وما زال الإخوان محافظين على هذه الوصية، لأن quot;الإخوانquot; يعتبرون أنفسهم من quot;عظام رقبة النظام، والنظام يعتبرهم كذلك. ولو فعل غيرهم من الأحزاب السياسية الأردنية ما فعله الإخوان الآن في الأردن، لكانت هناك مجزرة شبيهة بالمجزرة الأسدية في سوريا.
سؤال إجابته واضحة!
لو سألنا أنفسنا السؤال التالي:
- لماذا لم يقاوم quot;الإخوان المسلمونquot; الأردنيون الفساد المستشري في البلاد، وهم يعلمون تمام العلم، من هو رأس هذا الفساد، ومن هو حاميه وديدبانه؟
والجواب عن ذلك بكل بساطة، أنهم لا يريدون الصدام مع رأس النظام، كما أوصاهم المؤسس الراحل حسن البنا الذي رفض الصدام مع الملك فؤاد، ثم مع الملك فاروق، ووقف معهما ضد quot;حزب الوفدquot;. وكما أوصى الراحل محمد عبد الرحمن خليفة quot;الجماعةquot; في الأردن، برفض الصدام مع الملك المؤسس عبد الله الأول، والملك حسين، وها هم يرفضون الصدام من جديد مع رأس النظام الآن، انفاذاً لوصية الأولياء منهم.
الأمل الضعيف الباقي
بما أن الإخوان المسلمين يسيطرون على الغالبية العظمى من الشارع الأردني، مقابل ضعف الأحزاب والفعاليات الشعبية الأخرى، وبما أنهم يحمون quot;شرعيةquot; النظام، ويريدون إصلاحه، لا الانقلاب عليه، وهم بذلك ينفخون في قربة مقطوعة. وهو، ما حاولوه منذ أكثر من نصف قرن (1957)، رغم أنه نظام غير صالح للإصلاح، ولا نفع فيه، ولا رجاء منه، فسيظل البغل يدور هكذا حول quot;الساقيةquot;، أو quot;المعصرةquot;، إلى أن يهرم، ويقع، ويموت.
ويظل الأمل الوحيد والضعيف، في الجيش الأردني الباسل، وفي قائده وضباطه الآخرين المتحدرين - في معظمهم - من عشائر وقبائل أردنية عريقة. وبدون الجيش فمن الصعب تحقيق الأمل الكبير، ولنا من مصر وسوريا الآن المثال الواضح، والحي.
فهل quot;الزحف المقدسquot;، يوم الجمعة القادم (5/10/2012) سيكون من أجل انقاذ الوطن، وانصاف الشعب الفقير، والمقهور، والمسروق، والمنهوبة ثروته، أم من أجل الكراسي، والقبض على المراسي؟
السلام عليكم
التعليقات