تقلبات المواقف السياسية لجنرال بيروت ميشال عون أسرع بكثير من تقلبات أي أراجوز في أشهر سيركات العالم، وكلها تقلبات بسرعة ضوئية ركضا وراء المصالح الشخصية والمنافع العونية، متناسيا أنّ هذه التقلبات جعلت منه مثالا للانتهازية داخل لبنان وفي كافة أرجاء الوطن العربي، خاصة عند الذين رصدوا أشهر حركاته البهلوانية التي لا تعطيه أي احترام بل النقد الشديد، والتركيز على هذه التقلبات كمثال لأشهر الانتهازيين الذين عرفهم تاريخ لبنان المعاصر. ويكفي التذكير بما فعله فيه النظام الوحشي في سوريا في زمن الوحش حافظ.
قصف القصر الجمهوري وهروبه لاجئا للسفارة الفرنسية
مواقف ميشال عون الداعمة بخزي وعار مشين لنظام وحش سوريا وحلفائه اللبنانيين والإيرانيين، تجعل أي شخص محايد يتأكد كم أنّ هذا الجنرال انتهازي مستعد لبيع كرامته وكرامة الشعب اللبناني مقابل أية مصالح شخصية ولو مجرد لقاء مع ديكتاتور متوحش ضد شعبه. وما يثير عدم الاحترام لهذا الجنرال هو: كيف ينسى الطريقة التي طرده بها الوحش حافظ أمن إسرائيل من القصر الجمهوري اللبناني في الثالث عشر من أكتوبر 1990 ؟. لقد قامت طائرات حافظ الوحش في اليوم المذكور بقصف القصر الجمهوري المتحصن فيه الجنرال ميشال عون بعد تسلمه السلطة من الرئيس أمين الجميل لتشكيل حكومة عسكرية في مواجهة حكومة سليم الحص المدنية، خاصة أنّ الجنرال قد رفض بعض بنود اتفاق الطائف الخاصة بانتشار القوات السورية في لبنان. و استمر قصف القصر الجمهوري إلى لحظة هروب الجنرال متخفيا في السفارة الفرنسية تاركا وراءه عائلته، وظلّ مختبئا كفأر مذعور في السفارة الفرنسية طوال319 يوما، إلى أن أمنت السفارة خروجه لاجئا إلى باريس التي بقي فيها طوال 15 عاما غير قادر على العودة إلى لبنان، حتى لحظة اندلاع ثورة الأرز اللبنانية عقب اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وخروج جيش حافظ الوحش ذليلا مقهورا من لبنان، فعاد الجنرال في السادس من مايو2005 إلى بيروت.
وفورا يبدأ موسم حجه إلى الوحش الوريث ووكلائه في لبنان،
يزور دمشق للقاء الوحش بشار الوريث غير الشرعي لوالده الانقلابي، معلنا هذا الجنرال عن اعجابه بالنظام وانجازاته إلى حد كاد أن يقبل يد ورأس الوريث بشار، وفي لبنان اختار التحالف مع حزب حسن نصر الله الإيراني بسبب تحالف هذا الحزب مع الوريث بشار، متناسيا بانعدام أية ذرة من كرامة كل ما قاله وصرّح به في باريس ضد نظام الوحوش في سوريا إلى درجة أنّه في فبراير 2004 حضر جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي لإقرار قانون (محاسبة سوريا) متحدثا عن جرائم النظام في لبنان وضد اللبنانيين، معلنا بوضوح شديد استعداده للعمل مع أية دولة من أجل طرد النظام السوري من لبنان.
ثم الحج إلى طهران الملالي
وفي الثاني عشر من أكتوبر 2008 استكمل مسيرته الانتهازية بزيارة عاصمة الملالي القمعيين مثله ملتقيا العديد من قياداتهم خاصة أحمد ي نجاد الواعد منذ سنوات بتدمير دولة الاحتلال الإسرائيلي دون أن يجرؤ على إطلاق رصاصة واحدة عليها، ويلقي عون خطابات إيرانية لا تختلف عن خطابات أحمدي نجاد و علي لاريجاني، لدرجة انّه أصبح يستحق لقب ( آية الله ميشال عون غير العظمى ) وكل ذلك امتثالا لتحالفه المشبوه مع دويلة حزب حسن نصر الله داخل الدولة اللبنانية.
ويستكمل انتهازيته المصلحية على حساب حضارة شعب البحرين،
بتصريحاته المنافقة أيضا يوم الثالث عشر من فبراير 2012 ولقناة العالم الملالية الإيرانية مدّعيا التضامن مع ما أسماه ثورة البحرين قائلا: ( إن الثورة البحرينية منصفة للقائمين فيها وأن المؤسف هو قيام ثورة سلمية لمدة 3 سنوات وتحملها كل التضحيات والظلم دون أن يكون لها الصدى الكافي في جميع انحاء العالم). ونحن نتضامن مع أية مطالب سلمية لشعب البحرين، ولكن هل يعي هذا الجنرال المنافق أنّ حكومة البحرين لم ترتكب نسبة واحد في المليار من جرائم حليفه وحش سوريا الذي قتل حتى الآن ما يزيد على ثمانين ألفا من الشعب السوري يطالبون بحريتهم وكرامتهم، وهذا الجنرال ساكت سكوت الخرسان وكأنّه من عائلة ( الأخرس ) التي تنتمي لها زوجة وحش سوريا. إنّ الشعب البحريني صاحب الحضارة العريقة بكافة ألوان طيف مجتمعه من سنّة وشيعة لا يمكن لأحد مثل عون وغيره أن يجرّهم لصراع طائفي بغيض كما جرّ عون وحلفاؤه الإيرانيون الشعب اللبناني. عون عليه أن يعرف ويتذكر إن كانت لديه ذاكرة تاريخية أنّ الشعب البحريني العريق صوّت بالإجماع سنّة وشيعة عام 1969 للاستقلال وليس للتبعية الإيرانية كما يدّعي ملالي طهران اليوم، وأعلنت البحرين دولة مستقلة عام 1971 معترفا بها دولة كاملة العضوية في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكافة المنظمات الدولية. لذلك فإنّ حكومة البحرين مستمرة في حزمة اصلاحات بطريقة سلمية غير طريقة وحش سوريا الذي يصفق له عون بانتهازيته المعروفة. وإلا لماذا لا يدين الجنرال تصريحات حلفائه الجدد من الملالي الذي يهددون بضم البحرين وتدمير كافة دول الخليج العربي؟. وما رأيه في اعتبار هؤلاء المولي الاحتلاليين أنّ العراق هي المحافظة الإيراينة رقم 35 ؟. وما رأي هذا الجنرال آية الله في احتلال ملاليه للأحواز العربية والجزر الإماراتية؟. إنّ البحرين وشعبها العريق بشيعته وسنّته يضربون المثل الحضاري في كيفية التعبير عن رؤاهم الإصلاحية رغم بعض الخروقات التي يرتكبها بعض المضللين الذين لا يعرفون أنّ وضع البحرين في مسألة الأمن والحريات لا يمكن أن يصل له جنرال بيروت بعد قرون في التعامل مع خصومه الكثر في لبنان.
لذلك كانت ردة دول مجلس التعاون الخليجي العربية،
عنيفة على تصريحات هذا الجنرال المتقلب تقلب الحرباء حسب مصلحته وبقائه في المشهد السياسي، فمن شتائمه وتهجماته على وحش سوريا في باريس طوال 15 عاما، إلى ذليل يقبل يديه في دمشق طالبا التضامن معه رغم كل جرائمه ضد الشعب السوري، ثم التحالف مع حليف الوحش حزب نصر الله، ثم الهجرة إلى طهران الملالي ارضاء للوحش وحزبه حزب حسن نصر الله، ثم الانسجام معهم في استغلال الحراك الشعبي البحريني بطريقة انتهازية ازدواجية. والتاريخ اللبناني نفسه لن ينسى له هذه المواقف وسيضعها في خانة صفحاته السوداء. لذلك فدول الخليج العربي معها الحق في البدء بفرض العقوبات على هذا الجنرال غير الوطني في مواقفه، لأنّه يستحق أية عقوبات من هذه الدول التي لم تقصر في مساعدة لبنان والوقوف معه والمساهمة في تعميره من جراء الخراب الذي جرّه حليفه حزب حسن نصر الله. ولن يرحم التاريخ اللبناني ولن ينسى مواقف هذا الجنرال الانتهازية المنافقة القافزة على مصلحة لبنان الوطن من أجل مصالحة الشخصية.
[email protected]
التعليقات