الطلب الذي تقدم به قاضي التحقيق العسكري الأول في لبنان quot;رياض أبو غيداquot; يوم الأربعاء العشرين من فبراير 2012 ، بإنزال عقوبة الإعدام بالمسؤول المخابراتي السوري اللواء علي مملوك والوزير اللبناني السابق ميشال سماحة، بتهمة نقل المتفجرات من سوريا إلى لبنان بنية قتل سياسيين ورجال دين لبنانيين، هو قرار في منتهى الجرأة والشجاعة الوطنية التي تليق بلبنان حرية وكرامة وديمقراطية ما قبل احتلال نظام وحوش سوريا المباشر له من عام 1976 حتى عام 2005 واحتلال غير مباشر من خلال عملائه اللبنانيين وسفارته في بيروت حتى اليوم. كما أنّ هذا القرار أيا كانت صعوبة أو استحالة تنفيذه طالما نظام الوحش قائما ومستمرا في جرائمه بحق الشعبين السوري واللبناني إلا أنّ له دلالات عديدة أهمها:
1 . يستند هذا القرار إلى حيثيات وحقائق مؤكدة تدين نظام الوحش في استمراره ممارسة جرائمه بحق الشعب اللبناني الذي قام بثورة الأرز التي أدت إلى هروب وخروج جيشه بطريقة مذلة في السادس والعشرين من أبريل 2005 أي قرابة ثلاثة شهور بعد أبشع جرائمه وعملائه اللبنانيين المتمثلة في اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق في الأول من فبراير 2005 . وهذه الحيثيات والحقائق المؤكدة هي التي أعقبت اعتقال الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة في التاسع من أغسطس 2012 بعد مراقبته بدقة من قبل فرع المعلومات بقوى الأمن الداخلي اللبناني عقب عودته من سوريا إلى لبنان، حيث قامت هذه القوى بمداهمة منزليه في بلدة الخنشارة بقضاء المتن وبحي الأشرفية في بيروت، وصادرت متفجرات وعبوات ناسفة وأموال كان قد أحضرها من دمشق، تسلّمها بناءا على أوامر وتعليمات اللواء علي المملوك الصادر بحقه حكم الإعدام، وقد أدلىquot; فارس بركاتquot; سائق ميشال سماحة بمعلومات أكّدت تحريات فرع المعلومات الذي كان يرأسه اللواء وسام الحسن الذي جرى اغتياله في التاسع عشر من أكتوبر 2012 انتقاما منه لأنّه هو رئيس الفرع الذي قام بمراقبة تحركات ميشال سماحة وإصدار قرار اقتحام منزليه واعتقاله. لذلك تشمل التهم الموجهة إلى الوزير السابق ميشال سماحة و مسؤول مخابرات الوحش اللواء علي مملوك التخطيط لتنفيذ تفجيرات وتجهيز عبوات ناسفة ومتفجرات نقلها من سوريا إلى لبنان لوضعها في أماكن عامة واحتفالات في مناسبات رمضانية بهدف اغتيال نواب ورجال دين وسياسيين ، حيث ثبت أنّه هو من أصدر قرار تسليم المتفجرات والأموال وأسماء من يجب اغتيالهم لميشال سماحة.
2 . الجرأة والشجاعة في قرار قاضي التحقيق العسكري الأول في لبنان، أنّ قراره لم يقتصر على إعدام ميشال سماحة وعلي مملوك، بل شمل أيضا استدعاء مستشارة الوحش quot;بثينة شعبانquot; لسماع أقوالها حول هذه القضية التخريبية الإجرامية، وهذا الاستدعاء ليس من فراغ إن لم تكن هناك شبهات حولها، ربما في الحد الأدنى علمها المسبق بهذه المحاولات التفجيرية والاغتيالية أو مشاركتها في التخطيط واقتراح الأسماء المقصود اغتيالهم من خلال رصدها للشخصيات المناوئة للوحش وتخريبه في لبنان، بحكم عملها كمستشارة للوحش الحالي ووالده من قبله. وكذلك يطلب قرار القاضي العسكري اللبناني استمرار جمع المعلومات حول المدعو ( العقيد عدنان) حيث تؤكد المعلومات أنّ هذا هو اسم الشخص الذي قام بتسليم المتفجرات لميشال سماحة بناءا على تعليمات وأوامر اللواء علي مملوك. هذا ومن المعروف إعلاميا في لبنان أنّ سماحة اعترف بكل هذه التهم الموجهة له، والمؤكد أنّ هذه المعلومات عن بثينة شعبان والعقيد عدنان مصدرها سماحة أو سائقه.
3 . يتم التأكد من جرأة وشجاعة قرار قاضي التحقيق العسكري الأول في لبنان، عند التذكير بخلفية اللواء علي مملوك ودوره الإجرامي في سوريا منذ أن كان مديرا لأمن الدولة منذ عام 2005 ، وقبل ذلك كان من مؤسسي وأهم ضباط فرع المخابرات الجوية، وكان من المقربين والموثوقين للغاية من طرف الوحش الحالي، إذ كان وما يزال من أهم الأدوات القمعية للنظام، لذلك سلّمه مسؤولية رئاسة مكتب الأمن القومي برتبة وزير بعد اغتيال رئيسه السابق هشام بختيار في تفجير مقره في الثامن عشر من يوليو 2012 . فعندما يتجرأ قاضي التحقيق العسكري اللبناني بإصدار حكم الإعدام على هكذا شخصية فهذا دليل جرأة وشجاعة وطنية تريد أن تعود بلبنان لاستقلاليته وكرامته وديمقراطيته التي عرف بها قبل عام 1976 .
لذلك فالخوف على حياة القاضي العسكري
الأول اللبناني quot;رياض أبو غيداquot; وارد بنسبة عالية، حيث ما زالت يد نظام الوحش السوري طويلة وعاملة في الساحة اللبنانية من خلال عملائه المحليين وعمل سفارته في بيروت التي هي أقرب لكونها خلية أمنية منها سفارة دبلوماسية. وعلى القاضي اللبناني وأجهزة الأمن اللبنانية أن تتذكر وتأخذ عبرة من جريمة اغتيال اللواء وسام الحسن رئيس فرع المعلومات بقوى الأمن الداخلي اللبناني، إذ تمت هذه الجريمة بعد قيام الجهاز الذي يرأسه اللواء وسام الحسن باعتقال عميل المخابرات السورية الوزير السابق ميشال سماحة الذي شمله قرار الإعدام أيضا. لذلك ليس مستبعدا من خلال رصد تاريخ هذا النظام المتوحش أن يقوم باغتيال القاضي رياض أبو غيدا كي يقول للبنانيين أنّه ما زال قادرا على أن يفعل ما يخدم مصالحه مهما كانت نوعية الجرائم التي تقتضيها هذه المصالح، وأنّه يتحدى أي لبناني يعترض طريق هذه المصالح، وفي كل الأحوال فإنّه من الصعب تنفيذ هذه الجرائم بدون دعم ومشاركة عملائه المحليين بين اللبنانيين.
التعليقات