الشيخ الفاضل صبحي الطفيلي غني عن التعريف، وفقط لتذكير من لا يعرف أو نسي بعض المعلومات عن هذا العلامة الفاضل المميز، أذكّر إنه من مواليد لبنان عام 1948، درس العلوم الفقهية في مدينة النجف العراقية على يد الإمام محمد باقر الصدر، وكان أول من أسس (تجمع العلماء المسلمين) في لبنان عام 1979، ثم كان أول أمين عام لحزب الله اللبناني عام 1989، وبقيّ في هذا المركز حتى منتصف عام 1991 عندما تسلم منه قيادة الحزب الشيخ عباس الموسوي الذي اغتاله الجيش الإسرائيلي في فبراير 1992، وتسلم منذ ذلك الوقت وحتى اليوم قيادة الحزب السيد حسن نصر الله.

اشتهر الشيخ صبحي الطفيلي بمواقفه الإنسانية المؤيدة للطبقات الفقيرة المهمّشة المحرومة، ومن هذه المواقف إعلانه العصيان المدني على الدولة اللبنانية بسبب ما أسماه تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للشيعة اللبنانيين، وهو الموقف الذي أدّى لفصله منحزب الله في يناير 1998، ودارت إثر ذلك اشتباكات مسلحة بين مؤيديه وقوات الحزب، سقط فيه العديد من القتلى والجرحى. المقصود من هذا التعريف هو التوضيح أن الشيخ صبحي الطفيلي ليس شخصية عادية بل هو مرجعية شيعية لبنانية وعربية، وإلا ما كان سيتوصل ليكون أول أمين عام لحزب الله اللبناني. وقد عرف بمواقفه الجريئة التي هي غالبا عكس التيار، هذه المواقف التي لو صدرت عن شخصية عادية لقوبلت بانتقادات حادة ربما تصل لحد القتل، ولكن لأنها صادرة من شخصية في مقام الشيخ صبحي الطفيلي فقد تعامل معها المعنيون بالاحترام والتقدير أو السكوت، لعدم قدرتهم الردّ عليها أو مناقشتها لاعتمادها على حقائق غالبا من القرآن الكريم والسنّة النبوية أو الوقائع التي تراعي مصلحة الشعوب لا الحكام المستبدين ووعاظهم فاقدي الحس الإيماني المراعي لتعليمات الله وتوجيهاته. ومن أهم أفكاره السابقة التي أحدثت جدلا واسعا رفضه لنظرية ولي الفقيه التي اعتبرها لا أساس لها في القرآن والسنّة النبوية و أصول الفكر الشيعي.

وكذلك جرأته الشجاعة في اعتباره

- حرب تموز2006 بين حزب الله والجيش الإسرائيلي قرارا إيرانيا مئة بالمئة، ومما قاله في لقاء تلفزيوني مع قناة quot;الآنquot; بهذا الخصوص: (حقيقة حرب تموز غير مشرفة) ، (ما في حدا بيشن حرب من أجل أسير)، (هل حررنا القدس في تموز؟). وفي مقابلة أخرى قال حرفيا: (من يقول في لبنان أنّ إيران لا تتدخل كاذب، القرار ليس في بيروت وإنما في إيران ) ، وهذا يعيدنا لما ورد حرفيا في البيان التأسيسي لحزب الله الصادر في شهر فبراير من عام 1985 : ( هدفنا الاستراتيجي اقامة جمهورية اسلامية في لبنان مرجعيتها الفقهية في قم بإيران).و أنّ الحزب ( يلتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه وفي آية الله الخميني)، ولقد كرّر إبراهيم الأمين أحد قادة الحزب ذلك بصيغة أكثر استفزازية عندما قال ( نحن لا نقول إننا جزء من إيران، نحن إيران في لبنان ).

أما مواقفه الجديدة بنفس مستوى الصراحة الإيمانية:

1 . تأكيده أنّ قوات حزب الله تقاتل في سوريا، مما يعني أنّها تقاتل ضمن صفوف قوات بشار الوحش النظامية ضد ثوار الشعب السوري المطالبين بالحرية والديمقراطية وازاحة حكم عائلة متسلطة على سوريا شعبا ووطنا وثروة منذ ما يزيد على 42 عاما.

2 . رأيه أو فتواه ب ( أنّ من يقتل من حزب الله في سوريا ذاهب إلى جهنم ولا يعتبر شهيدا). وهذا هو المنطق الإلهي الإيماني فكيف يكون شهيدا من يقاتل دعما لبقاء طاغية قتل منذ عامين ما يزيد على 80 ألفا من الشعب السوري نسبة عالية منهم من الأطفال والنساء، وشرّد حتى الآن قرابة مليون إلا ربع لاجىء سوري، بالاضافة للسجناء والمفقودين بعشرات الآلآف، وسرقة ثروة الشعب السوري هو وامبراطورية أخواله الاقتصادية آل مخلوف. ويؤكد الشيخ صبحي الطفيلي أنّ (حزب الله يتحمل مسؤولية كل قتيل شيعي في سوريا ).

3 . إعلانه الصريح الشجاع ب (أن الشيعة في سوريا ليسوا بحاجة لمن يدافع عنهم ونحن مَنْ سبّب لهم المشاكل، فالسيدة زينب ليست بحاجة لمن يحميها لأنها أيضاً محبوبة من الطائفة السّنية، لكن كل ما يحصل هناك هو الدفاع عن النظام وعن الإجرام وقتل شعبه وهو لم يقصف فلسطين يوماً )، يقصد قصف الاحتلال الإسرائيلي الذي كان وما يزال هذا النظام المتوحش يمنع إطلاق أية رصاصة على الاحتلال من الحدود السورية. مستنكرا ارسال حزب الله شبابه للقتال مع وحش سوريا بدلا من المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. مطالبا بضرورة التحرك للوقوف إلى جانب المظلومين في سوريا، وأنّه سيفعل كل ما بوسعه لمنع الفتنة السنية الشيعية.

4 . أما عن الوضع الداخلي اللبناني فقد انتقد الشيخ صبحي الطفيلي ما يشبه غياب الدولة اللبنانية، حيث ( لا أخلاق ولا محرمات وكل شيء مستباح ولا أمل بالسياسيين في لبنان بل بالناس ) أي الشعب اللبناني الذي حسب تجربتي ومعيشتي لسنوات في لبنان لم يكن يعرف أية تفرقة بين سنّي و شيعي و ماروني قبل ظهور حزب الله التابع علانية للولي الفقيه الإيراني الذي لا يهمه سوى نشر نظريته التي لا أساس لها في الفكر الشيعي الصحيح الذي نحترم ونقدّر، ولا أحد من هذا النظام الإيراني يستطيع أن يزايد علينا في محبة وتقدير الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكافة آل البيت الكرام رضي الله عنهم. ولن أنسى أنّه في مصر زوار مسجد الإمام الحسين والمصلين فيه هم السنّة المصريون وكذلك مقام السيدة زينب في القاهرة و دمشق. فليسكت نهائيا النافخون في نار الفتنة الطائفية، فكلنا عباد الله تعالى، وهو المسؤول عن حسابنا وثوابنا.


الشيخ الفاضل صبحي الطفيلي،

تحية وتقديرا عاليين على هذه المواقف الإيمانية الداعمة للشعوب المظلومة في مواجهة الطغاة والمستبدين، وسنظلّ نتذكر لك هذه المواقف الشجاعة النقيضة لمواقف وعاظ السلاطين أمثال( حسّون سوريا) الذي لم يتعب من الغناء الكريه في قفص وحش سوريا، ولا البوطي الذي لم يحترم على الأقل عمره ولا إدعائه بأنّه ينطلق من تعاليم القرآن الكريم والسنّة النبوية واساسهما العدل والأمانة، وهو يدعم الظلمة والسارقين واللصوص القتلة.

[email protected]