المشكلة الأخلاقية كما أراها الآن ليست إن كان النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي ام المعارضة هي من فعل، بل المشكلة لماذا نصدق أمريكا في كل ما تقول؟
بالأمس صدقنا ما قالته عن أسحلة صدام حسين الكيماوية. فاحتلت العراق وقتلت مليون عراقي. ثم اكتشفنا ان القصة كانت كذبة كبيرة، ولا سلاح كيماوي ولا ما يحزنون.
البشرية تكرر أخطائها. وما حدث مع العراق سيحدث مع سوريا. ثم نكتشف الخطأ المكرر. ثم نكرره لألف مرة أخرى قبل أن نكتشف أننا أخطأنا الف ومائة مرة.
أخشى ان الحرب واقعة على سوريا. لكني لست هنا في وارد الحديث عن الضربة، بل عن صداها.
شخصيا، لا أحب الأنظمة الدينية في السلطة. حتى الحزب المسيحي الإيطالي أنا ضده لدلالته الدينية. وبالمثل هم جماعة الإخوان المسلمين في مصر. لا أحب من يحكم باسم الإسلام، ويفرض علينا قراراته باسم الإسلام لأن كلنا مسلمون. رغم هذا، فمن الغباء ان ننكر رفض الشارع العربي، في أغلبه، لما حدث في مصر ضد مرسي.
قرات ما كتبه بعض أعداء مرسي في الماضي، فإذا هم اليوم متعاطفون معه. وأخال الشارع العربي كذلك في أكثره.
قد لا يكون تعاطفه حبا في زيد بل كرها في عمر. وفوق ان هذا الشارع حانق فهو مرتبك ومشوش.
ذلك أنه قد نشأ وتربى على أنظمة ترفع راية الإسلام، فإذا بهذه الأنظمة تعادي الإخوان المسلمين، ولن تقنع أحدا بسهولة أن الإخوان المسملين لا يمثلون الإسلام.
الرابط بين موضوع الإخوان في مصر وما سيحدث في سوريا، هو خوفي من أن أي ضربة غربية ضد سورية لن تكون قصيرة المدى، بل طويلة. وقد تمتد لحرب استنزاف. وهذا ما سيزيد من ارباك الشارع العربي المخلخل بما حدث في مصر.
فما الذي يمكن ان يحدث لو طال ضرب سوريا أو طالت الحرب فيها؟
في رأيي ان الشارع العربي لن يبقى، ولو بعضه على الأقل، صامتا مع سوريا كما صمت مع مصر. فتلك الأنفس التي امتلأت بالرفض لما حدث في رابعة العدوية، باتت مهيئة لرفض دماء قد تسيل في ساحة العباسيين في دمشق.
ولن يطول الوقت قبل ان تجد من سيقول ان الحرب ضد مرسي كانت ضد الإسلام، والحرب الثانية ضد العرب. وبذلك جًمع المجد من طرفيه: مسلمون وعرب يتعرضون لإعتداء غربي. وإسرائيل في آمان.
هل سيضل الشارع العربي صامتا بعدها..؟ وإلى متى؟
المخرج للمأزق هو أن تكون الضربة سريعة وحاسمة. لكن من يضمن ان تكون كذلك؟
قالت أمريكا ان حربها على العراق سريعة وحاسمة. وقد بلغ من سرعتها انها ما تزال قائمة حتى اليوم رغم مرور أكثر من عقد على بدئها.
لم يكن لأمريكا يوما ضربة سريعة وحاسمة. فهي تواجه دولة لا عصابات. والحرب ليست عملية كوماندوز او لقطة من فيلم هوليوودي.
لقد بات العالم يعرف متى تبدأ أمريكا اي حرب. لكنه لم يعرف يوما تاريخ لنهايتها. واخشى ان يتكرر الأمر في سورية. إن حدث ذلك، فن استغرب لو تحرك الشارع العربي عكس اتجاه السير.