&قرابة عقدين من الزمن وحزب العمال الكوردستاني يحاول الوصول الى اتفاق سلام مع الحكومات التركية المتعاقبة حول الحقوق القومية في كوردستان الشمالية وكان مجيء حزب السيد اوردوغان والشجاعة التي ابداها العديد من مسؤولي الدولة في التصدي للموضوع الكوردي المحرم اصلا في تركيا والدخول في مفاوضات غير مباشرة واحيانا مباشرة سببا وجيها لنشر التفاؤل والامل بالمستقبل الذي يضمن للكورد حقوقهم القومية ولتركيا المزيد من التقدم وكانت ايضا سببا في تعزيز العلاقات بين الحكومة التركية وحكومة اقليم كوردستان العراق وفتح الابواب امام المئات من الشركات والمؤسسات الاستثمارية التركية للعمل في اقليم كوردستان رغم التوتر القائم مع بغداد.

لما سبق كانت خيبة الامل الكوردية كبيرة ومريرة حقا من الموقف التركي الرسمي لا بسبب اعتبار تركيا بانها المحرضة والموجهة للعصابات الارهابية بالهجوم على اقليم كوردستان ردا على اصرار القيادة الكوردية باجراء استفتاء حول شكل العلاقة مع بغداد كما يذهب الكثيرون وانما بسبب الصمت التركي وعدم تقديم اي مساعدة للاقليم عندما كانت العصابات الارهابية على بعد بضع كيلومترات من العاصمة اربيل على عكس الموقف الايراني الذي كان اول من وقف الى جانب الكورد وقدم المساعدة اللازمة كما قال السيد رئيس اقليم كوردستان وزاد الطين بلة الموقف التركي من الهجوم البربري الذي تشنه العصابات الارهابية ضد مدينة كوباني الكوردية دون ان تتدخل رغم تأثير نتائج هذه المعركة بالذات على مسار الحرب ضد الارهاب الذي لا يقف تهديده عند حدود المنطقة وانما هو تهديد حقيقي للامن والسلام الدوليين وبالتأكيد لن تنجو تركيا منه هذا بالاضافة الى تصريحات السيد اوردوغان الغريبة حقا والتي قوبلة برفض واسع النطاق حول عدم وجود اي فرق بين داعش الارهابية وحزب العمال الكوردستاني لتنهي كما يبدو أي تفاؤل بالوصول الى حل سلمي حضاري للقضية الكوردية في تركيا وعزز هذا التوجه الخطير بمواجهة المتظاهرين الكورد في العديد من المدن التركية بالحديد والنار والقمع المفرط وسقوط اكثر من (30) ضحية قتلى نيران قوات الشرطة والامن التركي ولعل ابلغ دليل عن موقف الحكومة التركية من المسألة الكوردية لحد الان هي تلك الدبابات الواقفة على مشارف مدينة كوباني وكأنها في انتظار دفن المدينة بمن فيها للاحتفال بسقوطها.

من الواضح ان هذا الموقف الذي يتعارض كليا مع مصالح تركيا الاستراتيجية والذي اطلق رصاصة الرحمة على المفاوضات مع حزب العمال الكوردستاني من جهة وعدم تقديم العون لاقليم كوردستان من جهة اخرى ستكون له تداعيات كثيرة سواء من ناحية احتمال عودة حزب العمال الكوردستاني الى الكفاح المسلح بعد ان فشلت جهوده ومساعي اقليم كوردستان العراق في التوصل لحل سلمي او من ناحية انفجار الغضب الشعبي في تركيا كما هو الحال الان او في ضرب المصالح التركية اينما وجدت والتي لن تكون بمأمن من هذا الغضب العارم.

ان سقوط اكثر من 30 ضحية في المدن التركية دليل على التوجه السائد في الشارع الكوردي ضد مواقف حكومة اوردوغان الذي لا يجد احراجا في وضع عصابات القتلة والمجرمين الارهابيين في سلة واحدة مع حزب العمال الكوردستاني الذي يقود الحركة الوطنية التحررية في كوردستان الشمالية.

ان امام تركيا الحديثة خيار واحد لا غير و هو اما ان تحترم حقوق الانسان والمباديء الديمقراطية وتتمسك بالحل السلمي للقضية الكوردية وتعيد النظر بموقفها المهزوز من تقديم العون والدعم الضروريين لاقليم كوردستان ولمدينة كوباني البطلة وللتحالف العالمي ضد الارهاب واما ان تواجه عزلة مريرة عن المجتمع الدولي عامة والشرق اوسطي خاصة وايضا مواجهة قريبة مع العصابات الارهابية التي على الاغلب لن تقبل من تركيا باقل من تقديم فروض الطاعة والولاء والجزية في احسن الاحوال.

&

*[email protected]