أشد ما أسعدني هو أن أهالي رفح بمحافظة سيناء الشمالية قبلوا أن يخلوا منازلهم طوعا بدافع من وطنيتهم حفاظا على الأمن القومي المصري، بعد أن حول الأرهابيون حياتهم إلى جحيم لا يطاق، شاء حظهم أن تقع منازلهم على الحدود بعد جلاء إسرائيل عن سيناء بمقتضى اتفاقية السلام، وباتت هذه الحدود مرتعا للإرهابيين المأجورين، وتجار المخدرات، ومهربي الأسلحة، والأموال، والبضائع، والبشر من قطاع غزة إلى سيناء، والعكس.

كان القرار قد اتخذ بنقل سكان رفح المصرية بعيدا عن الحدود بنحو 500 مترا، ثم بدأ التنفيذ على الفور، في ذات الوقت كانت محافظة شمال سيناء تعرض على أهل رفح خيارات عدة مقابل ترك منازلهم وهي أن يحصلوا على تعويض مناسب، أو مسكن يخصم ثمنه من مبلغ التعويض، أو يحصلوا على قطعة أرض، ومبلغ من المال للبناء فوقها بالإضافة لمبلغ يصرف لهم فورا ليستأجروا مساكن في الثلاث الشهور المقبلة وتبين أن 65% من سكان المنطقة يفضلون التعويض المادي.

أسلوب جديد في إدارة الأزمة لم نتعود عليه في مصر من قبل، أسلوب يقدم للمواطن المصري خيارات، ويمنحه حقه قبل بالكامل، ويتابع ذلك أرفع مسؤول في الدولة المصرية، كان الأسلوب الذي أعتدنا عليه في الماضي هو أن يتحمل المواطن من&من أجل الوطن، مشاريع كبيرة ترتبط باسم الزعيم مثل شرق العوينات، وتوشكى وشرق التفريعة، ومدن تسكنها الاشباح مثل مدينة السادات، ومدينة التحرير وغيرها ثم يكتشف المواطن أن هذه المشاريع سراب. كل المشاريع التي ترتبط بالجيش مشاريع ناجحة، فالجيوش هي قاطرة التنمية في كل المجتمعات، قادرة على الانطلاق بشعوبها إلى أفاق رحبة، يصدق هذا الكلام على الجيوش في العالم كله حتى الولايات المتحدة. لهذا السبب يريد أولاد الأبالسة وشياطين الإنس والجن أعداء مصر في الداخل والخارج تفكيك عرى المحبة بين الجيش المصري، والشعب تمهيدا لتدمير مصر كلها، الكل يعلم أن مصر تسير بخطى ثابتة وراء مشروع وطني خالص قادر على النهوض بها من كبوتها، فتأتي سهام الغدر من كل حدب وصوب.

غني عن القول إن ما يحدث في مصر ليس منعزلا عما يحدث في المنطقة، فتنظيم داعش الإرهابي يصول ويجول في عين العرب السورية تحت وسمع وبصر ضربات دول التحالف وعلى رأسها أميركا صانعة هذا التنظيم، وممولو التنظيم الإرهابي في الدوحة ينفقون المليارات وتوفر لهم أنقرة الدعم اللوجستي. أيعقل أن تعلن أميركا أنها لا تزال تخشى سقوط عين العرب في قبضة الإرهاب وهي التي أسقطت نظام صدام حسين في ثلاثة أسابيع؟

لقد أصبحت عين العرب رمزا يشير إلى مستقبل المنطقة العربية لكن البشائر تأتي من ليبيا بانتصار الجيش الليبي على الجماعات الإرهابية المتأسلمة في بنغازي&وقريبا في طرابلس الغرب، وفي لبنان يحقق الجيش اللبناني انتصارات على الإرهابيين في حرب شوارع شرسة في طرابلس، وفي تونس فقد اختار شعب تونس حزبا جديدا هو نداء تونس، وأعطاه أصواتا أكثر مما حصل عليه حزب النهضة، هذه النتيجة تشير بوضوح إلى أن شعوب العالم العربي ليست في حاجة إلى تجار الدين، بل في حاجة الى حكومات تصنع لهم حياة كريمة على الأرض.

&

إعلامي مصري