ميزانية تقترب من البليون دولار لم تستطع اعادة بناء الدولة العراقية على مدار 10 سنوات كما لم يعاد بناء وتأهيل الجيش العراقي بكامل مؤسساته رغم إطلاع المتميزين بالسلطة على حاجة الدولة لجيش قوي ونظامي نظرا للأخطار والتهديدات والتحديات التي تواجه الدولة العراقية داخليا وخارجيا.
&
التاريخ يعيد نفسه فبعد الانقلاب على الملكية ضعف الجيش العراقي الذي دخل في حرب مريرة مع الاكراد المدعومين من قبل شاه إيران في الشمال وبات الجيش بحاجة للسلاح وفرغت مستودعاته من العتاد (جيش بميزانية محدودة وبلا سلاح بلا عتاد وإدارة سياسية مرتبكة هشة قائمة على الدم) واليوم (مسمى جيش وبميزانية عملاقة وبلا سلاح بلا عتاد بلا مجندين بلا عقيدة وادراة سياسية مرتبكة هشة قلقة قائمة على العنف والمحاصصة وخطابات مفلسة وإرادة مسلوبة ومهانة) اليوم ايضا مع الفارق يعيد التاريخ نفسه تستعين السلطات العراقية بالمرجعية الدينية لمواجهة داعش الارهابية كما اراد الرئيس العراقي الاسبق عبدالسلام عارف في حينه الحصول على فتوى من السيد محسن الحكيم المرجع الديني الشيعي الاعلى في حينه تقضي هذه الفتوى بقتال الاكراد وعلى ما يبدو أن عبدالسلام عارف ارادها حربا دموية ابادية على اكراد العراق دون تمييز ورفض السيد محسن الحكيم ذلك وكان بالفعل حكيما في رفضه مراعيا لحدود الله وحرم قتال أناس آمنون في ديارهم مؤدون لفروض الله حافظين لحدوده لاسباب سياسية سلطوية وتوجهات غير سديدة لكل من حمل السلاح وهدد أمن الابرياء.، ولا يمكن بالطبع ان تقارن الحركة الكردية بجماعة إرهابية خارجة كداعش الخارجة عن حدود الله وكل القيم الانسانية.، وعلى اكراد العراق في الحزب الديمقراطي الكردستاني الموحد أيضا أن يراجعوا التاريخ وينتبهوا للمراحل التي تتأتى بعد القرارات سواء كانت قرارات تكتيكية او ارتجالية...؟ عبث كبير ساد تاريخ العراق والمنطقة ولكنها الآفات تحارب بعضها بعضا وتأكل بعضها بعضا.
&
سلطة بلا إرادة في العراق إنصاعت لرغبات إيران التي تريد حماية نظامها وأمنها على حساب العراق وارادات من العراق ان يكون سياجا أمنيا كبيرا لنظامها السياسي ولأمنها ووفق هذه الرغبات طلب المتسلطون في العراق من الجيش الامريكي وباقي قوات التحالف الدولي بالإنسحاب وكان ذلك اكبر جريمة سياسية ارتكبتها السلطة السياسية الهاوية الخاوية في العراق وقد سبقتها جرائم الحاكم المدني الامريكي بول بريمر واهمها تعجله والادارة الامريكية بتسليم السلطة الى إدارة عراقية غير راشدة وغير مهنية وغير متفقة كذلك تم اهمال الليبراليين والديمقراطيين العراقيين وتحجيمهم لتصبح ادارة العراق غير الراشدة وغير الرشيدة بيد المتطرفين القوميين والاسلاميين و الجهلة واللصوص الذين تعجلوا بصياغة دستور مسموم ولازال مسببا للآلام والمصائب بالعراق.، وتعجلوا باخراج الامريكان بدعوى وطنيتهم فائقة الوصف المستعرضة على الدوام رغم عمالتهم الرخيصة ولاكثر من طرف.، ورغم مسعاهم باخراج المحتل الذي تعاونوا معه وتميزوا من خلاله ومالم يستحي الانسان يصنع ما يشاء.. ورغم مسعاهم هذا الا أنهم لم يستطيعوا ان يكونوا بديلا بالحد الادنى المطلوب للنهضة في جميع المؤسسات وجميع نواحي الحياة.، ولم يكن هناك مستفيدا من هذا الخروج سوى نظام إيران الصعداء الذي تنفس الصعداء وخلت الساحة من الضوابط وأصبحت مهيأة لتصفية الحسابات بالدم والرعب المتصلين الممتدين الى يومنا هذا وستستمر الى ما شاء الله.
&
لم يكن خروج الجيش الامريكي من العراق بالامر المضر بالولايات المتحدة الامريكية لكنه كان بمثابة تعرية لكيان العراق حيث لم يكن مسمى الجيش العراقي بالجاهزية اللازمة ولا بالتسليح والتكنيك اللازم لحماية دولة في مهدها الاول لتستكمل الادارة السياسية للدولة العراقية بناء الجيش وباقي منشأت الحكم على اساس المحاصصة التي صيغ بها الدستور وبروح الميليشيا وبولاءات غير شفافة فهي اما حزبية او طافية او عرقية وطائفية في آن واحد او ولاءات خارجية إضافة الى تحويل مشاريع الدولة ومتطلباتها ادامتها الى غنائم محددة لمن له الحق بالافتراس كالمشاريع واحتياجات الوزارات والجيش والمؤسسة الامنية في اطار عقود وصفقات ومكافآت ورشاوى..إنه الفساد سادتي القراء الفساد الذي بدأ من الضمائر الفاسدة الى العقول الفاسدة ورجال الدين المتواطئين مع الساسة إنه الفساد والجهل اللذان يمثلان هالة عملاقة من الافلاس التي دفعت الى ادارة العراق بخطاب بائس تفوح منه رائحة الطائفة والعنصرية العفنة التي لن تسمح بوجود سليم داخل تلك الادارة متعدد الافاعي القائمة على الافتراس فلا ابقوا على حقوق أنسان ولا رحمة بحيوان وماذا تنتظر من سلطة لا تمتلك ما تتحلى او تتزين به من قيم جميلة مبتعدة عن الاعراف والقيم التي يقوم عليها العالم اليوم كقواسم مشتركة.
&
إيران التي لم تكن راغبة في تغيير الدكتاتور صدام حسين بعد منتصف التسعينات كحاكم ضعيف للعراق لاضرر منه وافضل من مجهول قادم تخلت عن شعار الموت لاميركا فجأة وشاركت الامريكان في اسقاط صدام حسين وبعد ذلك عملت على اخراج الامريكان من العراق لتبدأ مرحلة حكمها للعراق وهدمه ليعود العراق الى سوابقه التاريخية وليعيد التاريخ نفسه ففي العشرينات لم تقم للعراق قائمة فكان الخيار لملك حجازي سني مناسب للسنه وهاشمي مناسب للشيعه الا ان السلطة التي تأسست على الدم عام 1958 كانت بداية للدم والرعب بالعراق وهاهو الهرج والمرج لا يفارق العراق والكل مسئول عن ذلك وكل الجوار مسئول عن ذلك.
&
*كاتب وليبرالي ديمقراطي عراقي