السؤال عنوان هذه المقالة تتداوله أوساط إعلامية وسياسية عربية حول امكانية انعقاد القمة العربية المقرّرة في الكويت يومي 25 و 26 من مارس الحالي أم لا. وذلك في ظل ما طرأ عربيا من مستجدات خاصة ثلاثة منها:
1 . مرض أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، واحتمال وجوده في الخارج لاستكمال العلاج أو عدم تمكنه من حضور القمة إن كان موجودا داخل الكويت أثناء يومي القمة المقرّرة.
2 . استمرار الثورة السورية ضد نظام الأسد وهي ثورة تدخل عامها الرابع، وسط تجاهل دولي لدعمها وانقسام عربي حولها، حيث تتوزع المواقف العربية من مؤيد للنظام خاصة من طرف النظامين الجزائري والسوداني ورفضهما اتخاذ أية عقوبات في مواجهة نظام الأسد، وأنظمة أخرى سحبت أو جمدت بقاء سفرائها في دمشق، وفي الوقت ذاته يتذبذب دعمها للفصائل المقاتلة ضد النظام حسب مصالحها خاصة إزاء الجماعات التي تتخذ صفة quot;الإسلامquot; ملحقا بأسمائها، وتتدخل في الملف السوري حسب مصالح وقتية كما حصل في صفقات عديدة آخرها ملف الإفراج عن راهبات معلولا بعد قرابة تسعين يوما من اعتقالهن من قبل بعض هذه الجماعات، ويضع البعض دولة قطر على رأس قائمة هذه الدول ذات المصالح الذاتية الوقتية استغلالا للملف السوري الشائك. وما سيزيد تعقيد الموقف هو رؤية العديد من الدول العربية لتسليم كرسي سوريا في القمة للمعارضة السورية خاصة بعد تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية منذ قرابة العامين، وهذا لن توافق عليه كل الدول التي ستحضر مؤتمر القمة المرتقبة.
3 . وهو الأهم والأكثر تأثيرا والتصاقا هو الخلاف الخليجي ndash; الخليجي الذي وصل أوجه بسحب سفراء المملكة السعودية والإمارات العربية والبحرين من دولة قطر، في ظل توتر بين هذه الدول الثلاث ودولة قطر، وصل حدّ التهديد بعقوبات أخرى قريبة ضد دولة قطر إن لم تستجب لطلبات الدول الثلاثة التي تقول أنّها شبه اتفاقية أمنية وافقت عليها قطر سابقا ولكنها لم تلتزم بتنفيذها، وازدادت الهوة خاصة بعد قرار السعودية تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا وبذلك تكون الثانية بعد الحكومة المصرية التي أعقبت عزل الرئيس الإخواني الدكتور محمد مرسي. هذا في نفس الوقت وحتى هذه اللحظة تبدو دولة قطر مصرّة على موقفها خاصة الداعم لجماعات الإخوان المسلمين وبالذات المصرية في مواجهة الحكومة التي أعقبت عزل الرئيس مرسي والمدعومة من القوات المسلحة بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي . ويترافق هذا مع عدم أي تغيير في مواقف وأداء قناة الجزيرة كما تطالب الدول الثلاث، بل يلاحظ تصعيد الجزيرة بعد سحب السفراء في حملتها ضد النظام الجديد في مصر وتكثيف اللقاءات مع قيادات الإخوان المسلمين الذين يتواجد غالبيتهم في قطر بعد خروجهم من مصر. وقد أدّى الإصرار القطري على المواقف المستفزة للدول الثلاث التي سحبت سفرائها إلى تصعيد في المقاطعة حيث طلبت السلطات السعودية من كافة السعوديين العاملين أو المتعاونين مع قناة الجزيرة والإعلام القطري بوقف تعاملهم وهذا ما حدث فعلا حيث استقالات علنية، وترشح أخبار عن قرب إغلاق مكاتب الجزيرة في السعودية والإمارات، وربما عقوبات أخرى منها منع الخطوط الجوية القطرية من التحليق في أجواء الدول الثلاثة وغيرها من عقوبات اقتصادية وتجارية بين هذه البلدان.
إزاء هذه المواقف السائدة عربيا فنحن أمام احتمالين:
الأول: هو أن تعقد القمة في الكويت في موعدها ولكن بحضور يغيب عنه غالبية الرؤساء والملوك العرب، أي بتمثيل على مستوى رؤساء الوزارات مثلا أو أقل من ذلك، وأساسا لم تخلو قمة عربية منذ عام 1946 من غياب أكثر من رئيس أو ملك عنها لأسباب مختلفة، ومثلا لا أتذكر أن السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، قد سيق له أن شارك في أية قمة عربية منذ توليه السلطة عام 1970 بعد انقلابه على أبيه السلطان سعيد بن تيمور.
الثاني: هو أن يعلن فجأة قبل موعد انعقاد القمة بأيام قليلة عن تأجيلها لموعد قادم دون تحديده، ويرجع الإعلان عن التأجيل إلى اعطاء الوقت لوساطات رأب الصدع في الحالة العربية. وهذا الاحتمال سبق أن مورس عندما تمّ تأجيل القمة العربية التي كان مقررا عقدها في تونس في أبريل 2004 بعد اغتيال الاحتلال الصهيوني لقائد حماس الشهيد الشيخ أحمد ياسين، وربما كان السبب آنذاك هو عدم جرأة الأنظمة العربية مجتمعة على إدانة عملية الاغتيال، أو قيام الدول التي بينها وبين الكيان الصهيوني علاقات دبلوماسية بسحب سفرائها احتجاجا.
حسابات الربح والخسارة من عقد القمة أو تأجيلها
ليس تشاؤما مني ولكن اعتمادا على رصد نتائج القمم العربية منذ القمة الأولى في إنشاص المصرية في مايو 1946 وحتى القمة الرابعة والعشرين في الدوحة بقطر في مارس 2013 ، لم تتحقق أية خطوة على طريق الوحدة أو الاتحاد العربي في أي مجال من مجالات الشعوب العربية، ما عدا الوحدة القوية في مجالات القمع ومصادرة الحريات وسرقة الثروات والاستمرار في الطاعة الكاملة للأب الروحي الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة العربية وخارجها. وبالتالي فلا خسارة سوف تلحق بالشعوب العربية من إلغاء القمة أو تأجيلها، وأيضا لا ربح للمواطن العربي من عقدها...وهكذا انعقدت القمة أو تأجلت أو ألغيت نهائيا فلا خسارة جديدة للشعوب العربية.
www.drabumatar.com
التعليقات