&عاجلاً أم آجلاً ستضع الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة أوزارها، وحينذاك سيكون على حركة حماس تكريس جهودها لتحقيق مكاسب سياسية توزاي حجم التضحيات الجسام لأبناء الشعب الفلسطيني.

&
صحيح أن ليس باستطاعة الحركة فرض شروطها السياسية في المرحلة الراهنة على الأقل، في ظل تراجع دور التيار الإسلامي الذي يتعرض لوابل من "المفخخات" السياسية والأمنية بدءاً من تونس وليبيا مروراً بسوريا ومصر واليمن وصولاً إلى فلسطين المحتلة، إلا أن مجرد صمود المقاومة في الميدان من شأنه أن يغيّر الوقائع ولو بعد حين.
&
لا شك أن وفد حماس التفاوضي يخوض في هذه اللحظات حربا سياسية شرسة لا تقل ضراوة عن نظيرتها العسكرية، لاسيما وأن سلطات الاحتلال وجدت في المبادرة المصرية فرصة لا تعوض للهروب من تحمل تبعات العدوان والمجازر، وهو ما عكسته بشكل فاضح تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي أكد غير مرة أن مبادرة القاهرة (صنفت قبل أشهر حماس حركة ارهابية) هي "الوحيدة" المطروحة على جدول أعمال "إسرائيل"، قاطعا الطريق على مبادرة أطلقتها حليفة كيانه التاريخية الولايات المتحدة الأميركية!
&
ربما كان من البديهي والطبيعي في الظروف العادية أن تترجم مكاسب المقاومة سريعا برفع الحصار وفتح المعابر وإنهاء معاناة الغزيين المستمرة منذ ما يزيد على 7 أعوام، بيد أن المفارقة تكمن في أن خوف وقلق "الوسيط" المصري ومن خلفه محور "الاعتدال العربي" يحولان دون تحقيق هذه المكاسب لأسباب تتعلق أولاً وأخيراً بـ "فوبيا" الإسلام السياسي، الذي بات يشكل من وجهة نظر هؤلاء خطراً يفوق خطر النازيين القدامى والجدد على حد سواء.
&
وعليه، فإن إنجازات المقاومة السياسية لن تكون كما يبدو على قدر التضحيات والتكتيات العسكرية غير المسبوقة، ودائما بفضل جهود المحور المذكور، والذي يرمي بثقله لتقزيم إنجازاتها، وبالتالي إرغامها على الاكتفاء وكما في المرات السابقة بهدنة شكلية لا تقدم ولا تؤخر.
&
ورغم علمها المسبق بحجم وشكل الضغوطات السياسية التي ستُمارس عليها لتمرير مثل هذا الاتفاقات الفارغة، لن تجد قيادة المقاومة المثقلة والمثخنة بأعباء التشريد والتهجير النقص الحاد في الغذاء والدواء وانقطاع الوقود والكهرباء وغيرها من الاحتياجات الملحة في نهاية المطاف ما يعينها على ترجمة ثبات رجالها في الميدان وتحقيق ولو الحد الأدنى من طموحات الفلسطينيين البسيطة.
&
على أن قتامة المشهد لا تعني بالضرورة أن حماس وفصائل المقاومة لا تملك أوراقاً تمكنها من قلب المعادلة رأساً على عقب، بل على العكس إطلاقا فهي ستكون قادرة على إحداث انعطافة استراتيجية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي إن سلكت طريقاً آخرا أقرب جغرافياً وأمضى سياسياً.
&
قلب الطاولة على رئيس سلطة "أوسلو" محمود عباس هو الطريق الوحيد لا بل الأوحد الذي ينبغي على المقاومة أن تكرس كل جهودها لجعله أمرا واقعا، لاسيما وأن السنوات العشر الماضية أثبتت بما لا يدعى مجالا للشك بأن ما يجمع أبا مازن وفريقه الأمني والسياسي مع قادة الاحتلال أكثر مما يفرقهما.
&
إذا، توجيه ضربة قاصمة لسلطة "دايتون" على غرار تللك التي وُجهت لها في قطاع غزة قبل عدة أعوام، سيكون من وجهة نظر الكثيرين كفيلا بتغيير موازين القوى على الأرض لصالح نهج وخط المقاومة.
&
لا يعقل بعد كل الدماء الطاهرة التي سفكت وتسفك كل يوم في القدس وغزة ورام الله والخليل والنقب وحي شعفاط، أن يبقى محمود عباس وطغمته الفاسدة في "السليطة" (تصغير سلطة) يفرطون كما يحلو لهم بالقدس والمقدسات وبحق العودة، ينسقون مع الأجهزة الأمنية والمخابراتية الإسرائيلية لاعتفال وقتل المقاومين، ويتجاهلون كل محاولات تهويد المسجد الأقصى المبارك، ويشطبون وزارة الأسرى ويحملون الشهداء مسؤولية موتهم.
&
عقود سوداء سجل خلالها رجال المفاوضات والاستسلام الذين برعوا في مخدع ليفني، نجاحا منقطع النظير في التفريط بحقوق وثوابت الشعب الفلسطيني، لذا آن الأوان وبعيداً عن زيف شعارات الوحدة الوطنية الكاذبة ومسرحيات حكومات المصالحة، أن تضع المقاومة نصب أعينها إشعال انتفاضة عارمة تطوي صفحة "أوسلو - عباس" إلى الأبد، حينذاك فقط ستبدأ مسيرة التحرر والتحرير، حينذاك فقط سيزهر ربيع غزة والمقاومة ويزهر ربيع فلسطين... كل فلسطين.
&
&
صحافي لبناني
&