&&

على مدى إسبوعين متتالين إستضافت عاصمة النور والأضواء باريس، قمة المناخ الأخيرة التي أنهت أعمالها يوم الأحد الماضي، بتوقيع إتفاق تاريخي يحدد تخفيض سقف درجة حرارة كوكبنا بواحد ونصف درجة، وهو إنجازم مهم للغاية، وذلك يعود لثلاثة عوامل رئيسية وهي:

- العامل الأول:

تحديد درجة حرارة كوكب الأرض بواحد ونصف درجة، وهذا يساعد في الحافظ على البيئة، وبالتالي حماية الكثير من النبتات والحيونات من الإندثار، ويجنبا كبشر من المزيد من الكوارس المناخية القاسية.

- العامل الثاني:

هو إلزامية الإتفاق لكافة الدول الموقعة عليه، وهذا يمنح الهيئات المختصة من ملاحقة الدول والشركات، التي لن تلتزم ببنودها، ومقضاتها أمام القضاء.

- العامل الثالث:

هو إنضمام الولايات المتحدة الأمريكية والصين للإتفاقية، وهما أكبر دولتين ملوثتين للبيئة في العالم.

وبتوقيع هذا الإتفاق تكون البشرية، قد خطت خطوة عملاقة لحماية البيئة على الأرض، من خلال الضوابط التي وضعتها لذلك، من أجل إنقاذ كوكبنا من الكوارث البيئية التي تهدد مستقبل الاقتصاد العالمي، ومعه مستقبل الحياة عليه بشكل عام.&

لم يكن من السهل أبدآ الوصول إلى هذا الإتفاق، لأن الرأسمالية المتوحشة ظلت طوال العقود الماضية ترفض التقيد بأية ضوابط وقوانين، تقيد نشاطهم الإقتصادي المضر بالبيئة وصحة الإنسان وكافة الكائنات الإخرى. ولكن بسبب زيادة وعي الناس حول العالم، وكثرة أعداد اولئك الناس أجبروا حكوماتهم، على القيام بخطوات جدية ولو متدرجة، لوضع حد لجشع الرأسمالين، الذين لاهم لهم سوى الربح، ولو كان ذلك على حساب البيئة وحياة البشر.

السؤال الأن، هل ستلتزم الدول الصناعية الكبرى وخاصة الصين وأمريكا وروسيا واليابان ببنود هذه الإتفاقية؟ ومن يستطيع إجبارهم في حال عدم إلتزامهم بذلك؟&

أنا شخصيآ لدي شكوك كبيرة حول صدقية هذه الدول في الإلتزام بالإتفاقية، وخاصة إذا علمنا هناك العديد من الإتفاقيات والمعاهدات الدولية الملزمة، ولم تلتزم بها هذه الدول. لأن المصالح الإقتصادية هي التي تتحكم في سياساتها، والإقتصاد يتحكم فيه حفنة قليلة من الرأسمالين الجشعين، المستعدين لإرتكاب أفظع الجرائم البيئية وغير ذلك من الجرائم، من أجل الكسب المادي. ومن هنا يمكنني القول: بأن مناخ الطبيعة ومنطقها، لا يمكن أن يلتقيان مع مناخ الرأسمالية ومنطقها الإستغلالي الجشع.

ولهذا نحن بحاجة إلى متابعة دقيقة، من قبل الجهات الدولية المسؤولة عن البيئة وكافة المنظمات المعنية بذلك، لتنفيذ بنود هذه الإتفاقية، ووضعها موضع التطبيق العملي، كي لا تلاقي مصير الكثير من الإتفاقات والمعاهدات الدولية، التي سبقتها وإنتهت على الرفوف وغطتها طبقات من الغبار. وهذه مسؤولية الجميع أفرادآ ومؤسسات وحكومات.

لأن قضية البيئة تعنينا جميعآ، أينما كنا وكيفما كنا. لأنها تمس حياتنا اليومية ومصيرنا كبشرية، بغض النظر عن هوياتنا القومية والسياسية وعقائدنا الدينية وألوان بشراتنا.

مازال المشوار طويلآ أمامنا، ونحن بحاجة إلى جهدٍ كبير لإصلاح ما ألحقنا من ضرر بالبيئة كبشر، ولهذا علينا أن نكون صبورين ومثابرين ومصرين على كسب المعركة، لأنها معركة الحياة والموت. وفي النهاية لا بديل لنا، عن هذا الكوكب الأزرق الرائع الجميل.