توصل مؤتمر المناخ في باريس ليل الجمعة السبت إلى صيغة نهائية لمشروع الاتفاق العالمي لمكافحة التغير المناخي، والذي سيعرض ظهر السبت على ممثلي الدول الـ195 المشاركة في المؤتمر قبل التصويت عليه رسميًا لاحقًا، كما أعلنت الرئاسة الفرنسية للمؤتمر.


لوبورجيه: بعد ستة أعوام على مؤتمر كوبنهاغن، الذي باء بالفشل، توصل مؤتمر المناخ في باريس ليل الجمعة السبت إلى صيغة نهائية لمشروع اتفاق عالمي لمكافحة التغير المناخي، سيعرض ظهر السبت على ممثلي الدول الـ195 المشاركة في المؤتمر، قبل التصويت عليه رسميًا لاحقًا.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية للمؤتمر ليل الجمعة السبت، وبعد إعادة قراءة متأنية للنص، أنه تم التوصل إلى صيغة نهائية لمشروع الاتفاق. وسيقدم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس رئيس المؤتمر هذا النص في جلسة عامة تعقد عند الساعة 11:30 (10:30 تغ) من السبت، وهو الوقت اللازم لترجمة مشروع الاتفاق إلى اللغات الست التي تعتمدها الأمم المتحدة.

ويبدو أن هناك توافقًا على النص، لكن ستتم الدعوة إلى اجتماع عام آخر بعد ساعات لإقراره رسميًا، ولكن ليس بالتصويت. وقال فابيوس مساء الجمعة بعد 12 يومًا من المفاوضات في لوبورجيه (شمال باريس) حيث يعقد المؤتمر، إن "كل الشروط اجتمعت للحصول على اتفاق عالمي طموح".

وعند افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة الحادي والعشرين للمناخ، حضر رؤساء 150 دولة، لتأكيد ضرورة التحرك في مواجهة الاحتباس الحراري، الذي يؤدي إلى تفاقم الظواهر الطبيعية من موجات الحر والجفاف إلى الفيضانات... ويهدد الإنتاج الزراعي واحتياطات المياه في عدد كبير من المناطق. كما يهدد ارتفاع مستوى مياه المحيطات جزرًا، مثل كيريباتي، وتجمعات سكنية ساحلية مثل بنغلادش.

وفي الأيام الماضية جرت اتصالات هاتفية بين رؤساء عدد من الدول، وخصوصًا الصين والولايات المتحدة وفرنسا والهند والبرازيل، لضمان نجاح المفاوضات في لوبورجيه.
وفي مفاوضات ليل الخميس الجمعة أبدت بعض الدول تصلبًا في مواقفها، ما أثار مخاوف من عرقلة المفاوضات. وعاد المندوبون، الذين يبدو عليهم التعب أكثر فأكثر يومًا بعد يوم، فجرًا إلى فندقهم، من دون التوصل إلى تسوية، قبل أن يبدأوا يومًا جديدًا من المحادثات الجمعة.

وكان فابيوس صرح أنه "في موضوع بهذا التعقيد، لا يمكن لكل واحد أن يحصل على مئة في المئة مما يطلبه. وعندما تكون هناك 195 دولة تطالب كل منها بمئة في المئة فإن النتيجة ستكون صفرًا".

اختبار الصيغ
ويفترض أن يسرع هذا الاتفاق الذي سيدخل حيز التنفيذ في 2020 العمل لخفض استخدام الطاقة الأحفورية، مثل النفط والفحم والغاز، ويشجع على اللجوء إلى مصادر للطاقة المتجددة، ويغيّر أساليب إدارة الغابات والأراضي الزراعية. والتعهدات التي قطعتها الدول حتى الآن لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تسمح بألا يتجاوز ارتفاع الحرارة ثلاث درجات عمّا كان عليه قبل الثورة الصناعية، بعيدًا عن 2 بالمئة، يعبترها العلماء أساسية للحدّ من الاضطرابات المناخية.

ولضمان قبول النص من قبل الدول الـ195، كان على الرئاسة الفرنسية إيجاد توازن دقيق بين "الخطوط الحمر" للدول وللصيغ المبهمة التي تجرد النص من أهميته. بهذا الهدف أجرى فابيوس الجمعة مشاورات في مكتبه مع رؤساء وفود عدد من الدول، بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين وجنوب أفريقيا والمجموعة الأفريقية. وقال الوزير الفرنسي، الذي عمل طوال الليل من أجل إنجاز النص، إن "ذلك سيسمح لنا بالقيام بآخر تصحيحات، وبأن نقدم النص النهائي صباح غد" السبت.

وصرح ماتيو أورفيلان الناطق باسم مؤسسة نيكولا أولو لوكالة فرانس برس أن "الأمر كان يتعلق باختبار صيغ مختلفة للتوافق مع الوفود التي استقبلها". وكانت نقاط الخلاف الأساسية تتعلق بدرجة الحرارة التي يجب اعتبارها عتبة للاحترار يجب عدم تجاوزها، و"التمييز" بين دول الشمال والجنوب في الجهود لمكافحة الاحتباس الحراري، ما يعني ضرورة تحرك الدول المتطورة أولًا باسم مسؤوليتها التاريخية في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وقالت سفيرة جنوب أفريقيا نوزيفو مساكاتو ديسيكو الناطقة باسم مجموعة الدول النامية "لا يمكن أن يطلب من ليسوتو التزامات نفسها المترتبة على بولندا أو أن يكون على بوتسوانا القيام بما هو مترتب على الولايات المتحدة".

أما النقطة الثالثة فهي القضية الحاسمة التي يشكلها التمويل، الذي يجب أن تحصل عليه الدول الأكثر ضعفًا لمواجهة آثار الاحتباس الحراري. وتطالب الدول النامية بزيادة المئة مليار دولار سنويًا حتى العام 2020، في السنوات التالية. أما الدول المتطورة فتريد إشراك دول ناشئة في التمويل، مثل كوريا الجنوبية والبرازيل والدول النفطية.
&