&
&
زار ولي عهد المملكة المتحدة وأمير ويلز، الأمير تشارلز، في جولته الأخيرة في المنطقة والتي شملت المملكة العربية السعودية، ملتقى القوافل بين تيماء والعلا في السعودية، والذي كانت تسلكه تجارة القوافل قديما واشتهر كمعبر تجاري دولي بين الشرق والغرب.
إن زيارة الأمير تشارلز إلى منطقة "العلا" التابعة لمنطقة المدينة المنورة، والتي تحتضن "مدائن صالح"، تعكس اهتمامه الشخصي بالتاريخ والتراث والعلاقات بين الشعوب. وأتفق مع الوصف الذي نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية لهذه الزيارة عندما قالت "لا يدع الأمير تشارلز فرصة تفوته لزيادة اطلاعه على التاريخ والتراث الإسلامي أو مشاركة الشعوب التي يزورها في أرجاء المعمورة بلبس أزيائها، وعرف عنه منذ سنين احتفاظه بالمخطوطات والقطع الأثرية وشغفه الكبير بالتاريخ."
أعتقد أن زيارة ملتقى اشتهر كمعبر تجاري بين الشرق والغرب تحمل دلالات مهمة، من قبيل الحاجة إلى علاقة أكثر قوّة بين الدول الغرب والمنطقة قائمة على المزيد من التنسيق والتعاون لما فيه الخير والإزدهار والاستقرار ومواجهة التحديات والمخاطر المشتركة والتي من أبرزها تنظيم داعش الإرهابي.
وكانت زيارة ولي عهد المملكة المتحدة وأمير ويلز، الأمير تشارلز، إلى المنطقة، شملت الأردن والكويت والسعودية وقطر والإمارات في الفترة من السبت 7 فبراير/شباط إلى الخميس 12 فبراير/شباط 2015، استجابة لطلب من الحكومة البريطانية.
زيارة الأمير تشارلز في هذا الوقت تؤكد التزام المملكة المتحدة المستمر بتعزيز علاقاتها مع دول المنطقة، في وقت نواجه فيه جميعنا تحديات مشتركة، كما أنها تعكس أرفع مستوى من الالتزام الرمزي بعلاقات المملكة المتحدة مع الدول الأخرى، فضلا عن العلاقات الشخصية المتينة بين العائلة الملكية البريطانية والعائلات الملكية والحاكمة في هذه المنطقة والتي يعود إليها أمير ويلز بزيارات دورية.
نحن في المملكة المتحدة نؤمن بأن عائلتنا المالكة تمثل أحد أهم دعائم الاستقرار والاستمرارية - وهي ميزات يحتاجها العالم،& خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، حيث أثبتت العائلات المالكة والحاكمة دورها المحوري في الاستقرار والإصلاح في نفس الوقت.
لكن الرسالة الأهم من وراء هذه الزيارة هي أن المملكة المتحدة تقف إلى جانب أصدقائها في الأوقات الصعبة، فما يربط المملكة المتحدة بالمنطقة يتجاوز العلاقات السياسية والأمنية والتجارية، بل هو أعمق من ذلك بكثير. إضافة إلى ذلك، لدى أمير ويلز اهتمام وسعي شخصي لتشجيع الشباب على تطوير إمكاناتهم ومهاراتهم، وتشجيع الحوار بين الأديان - لا سيما الأديان الابراهيمية، واهتمام كبير جدا بالعالمين العربي والإسلامي وبالحفاظ على تراثهما.
والأمير تشارلز هو الرجل المناسب الذي يرمز لأهمية العلاقة بين الشرق والغرب، عبر جهوده الكبيرة من أجل دعم الحوار والتعايش بين الأديان. وهنا أذكر جيدا كلمته في مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية في عام 2010 عندما قال "نمط العيش التقليدي في الإسلام يسعى أساسا إلى الوسطية، بوصفها نموذجا يتيح الحفاظ على التوازن في العلاقات." وأضاف "القرآن يقدم رؤية متكاملة للكون؛ حيث الدين والعلم والروح والجوهر تتضافر مكتملة لتشكِّل جزءا لا يتجزأ من وعي حي واحد."
وأما الروابط المتينة مع المنطقة فتنعكس آثارها الإيجابية بوجود ما يناهز 150,000 بريطاني يعيشون ويعملون في دول الخليج وحدها، ويوجد أيضا ما يفوق 3 ملايين مسلم في المملكة المتحدة، كما أن بريطانيا تقود الجهود الدولية في التخفيف من آثار الأزمة السورية على السوريين داخل سوريا، وتوفير الدعم اللازم للمجتمعات المضيفة في دول الجوار، حيث تسجل أكبر استجابة إنسانية على الإطلاق في مساعدة اللاجئين السوريين، بمساهمات إنسانية تفوق المليار دولار.
ولذلك، بقدر ما كانت زيارة الأمير تشارلز تعكس مساعيه الدائمة نحو علاقات متينة بين الشرق والغرب قائمة على الاحترام المتبادل والحوار بين الأديان، فإنها أيضا تشير إلى الأهمية التي توليها الحكومة البريطانية للتعاون مع شركاء رئيسيين في المنطقة.

* المتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
&