يصعب حصر هموم الرئيس الامريكي اوباما مع ايران بالملف النووي، منع وصول ايران الى امتلاك السلاح النووي، صحيح انه الهم الاكبر، ولكنّه ليس الهم& الاول والاخير، ادارة اوبما تفكر جديا بانتزاع الانياب النووية الايرانية، سواء هذه الانياب موجودة حقا او ما زالت مشروعا قيد التحقق، فتلك اولا مصلحة قومية بالنسبة لامريكا، وثانيا ضرورة من ضرورات الامن القومي الاسرائيلي، وثالثا حيلولة دون تحكم ايران في مجالها الحيوي اذا صح التعبير، ومجالها الحيوي بالدرجة الاولى هو ما يُعرف بالهلال الشيعي، من جهة العراق باتجاه سوريا ولبنان، وبالدرجة الثانية مياه الخليج، فكلاهما يطلان بها على المتوسط والهندي.
الادارة الامريكية لا تفكر فقط بمنع امتلاك ايران السلاح النووي بل تفكر اضافة إلى ذلك& بالتضييق على ما تعتبره مطامع قومية وربما مذهبية ايضا ( ايرانية ) في المنطقة، وحجة اوباما جاهزة هنا، بل اكثر من حجة، منها : تنصيب ايران لنفسها حامية وضامنة لما تسميه الجهاد ضد الشيطان الاكبر، اي امريكا، وتعهدها المستمر بصيغة واخرى& القضاء على اسرائيل، ومنها ايضا تبنيها لاجندات عقدية وعسكرية فاعلة ناشطة في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين جزئيا، وعنوان ولي امر المسلمين بمثابة اعلان اممي ايراني اسلامي.
اوباما يدرك جيدا& ان ايران لا تفكر بزعزعة النفوذ الامريكي في المنطقة بشكل جدي، فهذا غير وارد في الفكر الاستراتيجي الايراني خاصة بعد التصدع الجزئي فيما يسمى بخط الممانعة الذي يشكل الشريان الحيوي لايران لامتداد نفوذها وزعامتها في المنطقة، ويردُ هنا ايضا التردي الاقتصادي غير المسبوق لايران بسبب الحصار والعبيء المذهبي ( والجهادي )، حتى بات ذلك من اسباب المفاوضات ومن دواعي التنازلات الكبيرة من قبلها تجاه الشروط الامريكية، إنما يدرك اوباما ان ايران تريد ان تكون الشريك لامريكا في ادارة شؤون المنطقة، والتحكم في مساراتها السياسية والاقتصادية وربما حتى الثقافية !
هل اوباما على حق هنا ؟
نعم !
ايران طموحة قوميا، وفي طموحها المذهبي شك، بل طموحها ان تكون شرطي المنطقة ولكن ليس تحت مظلة امريكية، بل بمشاركة امريكية، وامريكا لا تريد ذلك، امريكا تريد لايران دورا فاعلا في المنطقة، ولكن ضمن ضوابط واشتراطات امريكية، وفي مقدمتها ان لا يكون هذا الدور على حساب المصالح الامريكية الحيوية في المنطقة والعالم، وان هذا الدور لا يهمِّش دور حلفائها التقليديين، اي السعودية واخواتها، وان تكون هناك مراعاة لحقوق بعض الدول الاقليمية الكبيرة والمؤثرة في المنطقة، بصريح العبارة تركيا، ومن ثم، وفي الجوهر من ذلك، امن اسرائيل.
هنا السؤال المعكوس يفرض نفسه، ترى وما هو موقف ايران من هذه التصورات الامريكية ؟
يجيب محللون سياسيون مهتمون بالشان الايراني وقريبون مما يجري على ارض ايران باتجاهين رئيسيين .
الاول: اتجاه اديولجي قومي / اسلامي / مذهبي متشدد يؤكد على زعامة ايران المتفرد او المتحكم في المنطقة، بل هناك طموحات امبراطورية ايرانية في المنطقة، وقد عبر عن ذلك يونسي خير تعبير، ويرى هذا الاتجاه بان امريكا نمر من ورق، ويمكن اخضاعها للمعادلة الايرانية حسب رسم هذا الاتجاه وتصوراته.
الثاني : اتجاه هو الاخر اديولجي برسم التوصيفات السابقة ولكن يرى ان مصلحة ايران وحتى طموحاتها الاديولجية والقومية تحتم التفاهم مع الغرب، والتنحي عن النزعة الامبراطورية، والقبول بمبدا مشاركة امريكا في ادارة شؤون المنطقة مع مراعاة دور الآخرين، والخليج بشكل مخصوص، والاقلاع عن مفهوم تصدير الثورة، والخضوع للامر الواقع بوجود ا سرائيل، والانخراط في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية،وليس سرا ان رفسنجاني منسجم مع هذا الاتجاه، بدرجة واخرى.
ولكن ما هو موقف الشارع الايراني بشكل عام ؟
العيش المرفه، حرية التفكير، الاستمتاع بكل ما تجود به التقنية الجديدة ، الاندماج بالعالم...
فمع اي اتجاه هو ؟