منذ اكثر من عشر سنوات قمت مع صديق لي محامي أمريكي من أصل عربي فلسطيني بإنشاء جمعية خيرية أمريكية أطلقنا عليها اسم:
"ائتلاف المسلمون الأحرار ضد الاٍرهاب"
واستطعنا جمع عدد محدود من الأعضاء المسلمين وغير المسلمين ايضا، وتم انتخابي من قبل مجلس إدارة لكي أكون رئيس مجلس الادارة للجمعية وتم اختيار شريكي لمنصب الرئيس والجمعية للأسف نشاطها محدود جدا نظرا لعدم إقبال المسلمين على الانضمام إلينا وايضاً لضعف التمويل (بالرغم من ان سفارات بعض الدول العربية في واشنطن حاولت مساعدتنا ماليا الا اننا رفضنا الحصول على اي تمويل من اي جهة حكومية عربية كانت ام غير عربية).
وبالرغم من ضعف الإقبال من قبل المسلمين الذين يعيشون في أمريكا الا اننا قررنا الاستمرار في محاولة اداة دورنا كمسلمين في مقاومة الاٍرهاب وذلك لإيماننا بان المسلمين وحدهم هم من يستطيع ان يتغلب على الاٍرهاب، لان الارهاب اذا فقد وجوده في الشارع الاسلامي سيسقط تلقائيا مثلما سقطت منظمات ارهابية كثيرة في العالم مثل منظمة الالوية الحمراء في إيطاليا ومنظمة بادر مانهوف في ألمانيا ومنظمة الجيش الأيرلندي الأحمر في ايرلندا ومنظمة جيش الخلاص اليابانية ، تلك المنظمات جميعا سقطت من الداخل لانها فقدت أسباب وجودها كما انها فقدت الشارع وفقدت المريدين والمؤيدين ، اما المنظمات الإرهابية الاسلامية لان لها شعبية ووجود في الشارع (رضينا ام لم نرض) فما زالت تجذب المريدين وتجندهم بإعداد وفيرة ومازالت تحظى بملايين من المؤيدين سرا وعلنا (بالطبع تذكرون كيف ان الشربات والحلوى كانت توزع علنا وسرا في بعض العواصم والمدن العربية احتفالا بجريمة ١١ سبتمبر في نيويورك).
...
ودائما كنت اتعجب لماذا يخرج الآلاف في مظاهرات حاشدة في المدن الاسلامية وغيرها للاحتجاج على رسومات كاريكاتورية فيها سخرية من الاسلام ولا يخرج عشرة أفراد احتجاجا على الاعمال الإرهابية التي تحدث يوميا باسم الاسلام ؟؟؟ من يسيء اكثر الى الاسلام رسم كاريكاتوري ام تفجير انتحاري في مسجد يوم صلاة الجمعة؟؟ من يسيء اكثر للإسلام كاتب عادي مثل سلمان رشدي ام تنظيم داعش الإرهابي ؟؟؟ من يسيء للإسلام اكثر الرسم الكاريكاتوري وكتابة الرواية وفيلم سينمائي ام القتل والحرق والذبح والتدمير اليومي للمسلمين أنفسهم قبل غيرهم؟؟؟
...
ورغبة مني ومن الزملاء في منظمة FMCAT قررنا منذ عدة سنوات في القيام بمظاهرة في واشنطن استنكارا منا للارهاب الاسلامي ولكي نظهر بان المسلمين ليسوا ارهابيون، وبالفعل اخذنا تصريحا من الشرطة والمرور لإجراء المظاهرة وحددنا مكانا في ميدان الحرية في مدينة واشنطن العاصمة، وكان اختيارنا لميدان الحرية هو اختيار رمزي لكي يوضح بأننا نؤمن بالحرية مثلنا مثل باقي المواطنين الأمريكان، وقمنا بدعوة العديد من اجهزة الاعلام ومنها محطات تليفزيونية محلية ودولية كما قمنا بدعوة عدد من الصحفيين لتغطية الحدث، وفي نفس الوقت قمنا بدعوة العديد من المنظمات العربية والإسلامية الموجودة في أمريكا لكي تنضم إلينا في المظاهرة.
والمظاهرة كانت فضيحة بجلاجل، حيث ان عددالصحفيين ورجال الاعلام الذين جاءوا لتغطية المظاهرة كان اكبر من عدد المتظاهرين المسلمين. واذكر ان احدى مذيعات المحطات الامريكية أخذت حديثا صحفيا قصيرا معي وفي النهاية سألتني سؤالا غاية في الأهمية (وخاصة عندما رأت ضعف إقبال المسلمين للاشتراك في المظاهرة) حيث قالت: هل تعتقد أنكم تحاربون معركة خاسرة؟ وكانت إجابتي ديبلوماسية بقدر الإمكان حيث قلت: بالرغم من ضعف الإقبال على المظاهرة الا ان المسلمين في غالبيتهم العظمى لا يؤيدون الاٍرهاب وسوف نستمر في مقاومة الاٍرهاب.
(وبالطبع قناة الجزيرة لم تخف شماتتها في ضعف إقبال المسلمين على المظاهرة في خبر قصير مقتضب).
...
وبعد ان أدليت للمذيعة بهذا التصريح كنت دائماً اتساءل بيني وبين نفسي: هل ما قلته لمذيعة التليفزيون الأمريكي كان صحيحا او دقيقا؟ وهل بالفعل ان الغالبية العظمى من المسلمين لا يؤيدون الاٍرهاب ؟؟
اذكر منذ حوالي ١٥ سنة كنت في مصر وكنا نشاهد التليفزيون مع بعض أفراد العائلة الذين يعيشون في مصر، وكنا نشاهد على شاشة التليفزيون خبرا عن تدمير أتوبيس إسرائيلي في تل ابيب& وكنا نشاهد اشلاء جثث أطفال ومدنيين ودماء على الارض وبالرغم من هذا المنظر اللاإنساني الا أني وجدت بعض الأطفال من العائلة يرقصون طربا لهذا المنظر، وحتى الذين لم يرقصوا لم يستطيعوا اخفاء فرحتهم، ولم يبد الاستياء من هذا المنظر سوى العبد لله وشاب اخر من العائلة كان يعيش في كندا وحضر لقضاء إجازته في مصر (ولم اشاهده بعد هذا الموقف)!!
...
واعود الى سوْال الصحفية الامريكية: "هل نحن نحارب قضية خاسرة؟" وإذا كانت الإجابة بالنفي فبماذا نفسر عدم ثورة المسلمين وتظاهرهم ضد الاٍرهاب الاسلامي والذين يحصد ارواح المسلمين قبل غيرهم ؟
قد يقول قاريء بان المسلمين كسالى بطبعهم وأنهم غير إيجابيون، اذا كان صحيحا ما تقول يا صديقي فلماذا ينزلون بمئات الألوف في مظاهرات تنديد بالرسوم الكاريكاتورية في كافة أنحاء البلاد الاسلامية وأحيانا يقتل منهم العديد اثناء تلك المظاهرات، ولا يتظاهرون ضد الاٍرهاب .
وحتى اليوم لم اشاهد مظاهرة إسلامية واحدة تندد بما يقوم به الارهابيون من داعش وبوكو حرام والقاعدة الشباب الصومالي وطالبان وغيرها من تلك المنظمات الإرهابية والتي تنتشر انتشار النار في الهشيم.
وهزيمة الاٍرهاب لن تتم بالطرق الأمنية فقط او بالطائرات او الأباتشي او حتى بالقوات البرية، فمن تاريخ حرب العصابات في العصور الحديثة، لم يحدث ان استطاع جيش نظامي مهما كانت قوته ان يتفوق على الميليشيات، في فيتنام استطاعت قوات الفيت كونج ان تهزم الجيش الامريكي بكل جبروته، وفي أفغانستان لا تزال ميليشيات طالبان تسيطر على اجزاء لا يستهان بها من أفغانستان بالرغم من تواجد القوات الامريكية هناك منذ اكثر من ١٣ عاما، ليس هذا فقط بل ان طالبان افتتحا فرعا اخر لها في باكستان، وفشل الجيش الاسرائيلي (الذي لا يقهر) في هزيمة حماس في غزة بالرغم من كل التدمير الذي احدثه هناك اكثر من مرة لاتزال حماس موجودة في الشارع وبقوة.
العصابات الإرهابية يتم هزيمتها من الداخل ومادام المسلمون& مترددون في الوقوف امام التطرّف و الاٍرهاب بجدية في المسجد والشارع والمدرسة والبيت والمصنع والحقل، فسوف ينتشر التطرّف وينتصر الاٍرهاب وتصدق نبوءة المذيعة الامريكية عندما سألتني :" هل تحاربون معركة خاسرة"؟؟
التعليقات