النظام السوري في ورطة حقيقية:
يبدو ان النظام السوري الذي بدأ يترنج تحت ضربات المعارضة يبحث عن " شماعة " يعلق عليها الهزائم المتتالية والاخفاقات في الميدان رغم الدعم الايراني والروسي والميليشيات الطائفية بما فيها حزب الله. وكلها فشلت في اخماد الثورة ضد طاغية دمشق وعصاباته وشبيحته. فلم يجد الا الاردن الذي نأى بنفسه منذ زمن عن التدخل في الشأن السوري وتحمل مئات الالاف من اللاجئين رغم موارده المحدودة.
والمضحك أن وزارة الخارجية والمغتربين في النظام السوري بعثت برسالتين من نسخة واحدة وجهتهما الى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة يشتكي فيهما النظام السوري من الأردن متهماً اياه بأنه يدعم ما وصفته الرسالة " بالارهابيين " و " ارهابي جبهة النصرة " كما ورد في الرسالة.
وقالت الرسالة التي نشرتها وكالة سانا الرسمية رداً على ما اطلقت عليه " المزاعم الباطلة " الواردة في الرسالتين الموجهتين من مندوب الأردن الدائم الى كل من الامين العام ورئيس مجلس الامن حول سوريا، حيث قالت وزارة الخارجية السورية " ان دعم الأردن العلني والممنهج للتنظيمات الارهابية وفي مقدمتها جبهة النصرة واخواتها بالسلاح والعتاد هو سبب معاناة المواطنين السوريين "، وفق زعم الوزارة.
واتهمت الوزارة في رسالتها الاردن بان اقتحام جبهة النصرة لمدينة بوصرى الشام سببه الدعم الاردني وتدريب عناصر سورية داخل الأردن للقتال داخل سوريا.
المثير والجديد في رسالة النظام للأمم المتحدة هو اهتمام النظام بمعاناة المواطنين السوريين. النظام الذي لا يتردد في اسقاط البراميل المتفجرة يوميا على المدارس والمستشفيات وطوابير الخبز والمساكن الأهلية وينشر الغازات السامة في ادلب والغوطة وجسر الشغور وغيرها من المناطق ويحصد مئات الأرواح من اطفال ونساء وينسق ويتحالف مع عصابة داعش المأجورة والتي يستخدمها لتحسين صورته وعرقلة الثورة.
والآن يشتكي ان الأردن يدعم جماعات ارهابية تسبب معاناة المواطنين. لا أحد يصدق هذه الادعاءات والافتراءات الا بسطاء العقول من قومجيين ويساريين وبعثيين متهالكين.
الحقيقة والسبب من الاستياء السوري ان النظام في ورطة حقيقية ويتكبد خسائر فادحة وفي طريقه الى مزبلة التاريخ.
التهديدات والتآمر ضد الأردن:
التهدبدات السورية للأردن ليست جديدة والتآمر السوري ضد الأردن موثق ومعروف ويعود لعقود من الزمان. كلنا نتذكر أن آصف شوكت رئيس الأركان السوري للشؤون الاستخباراتية وجه تهديدا في اكتوبر تشرين اول 2011 بتوجيه ضربة عسكرية للأردن قبل أن قضى في عملية تفجيرية استهدفت مبنى الأمن القومي في دمشق يوم 18 تموز 2012. وفي اواسط مارس آذار 2012 وأمام الموفد الدولي كوفي عنان هدد بشار الأسد الأردن والسعودية. ومؤخرا وجه فيصل مقداد التهديدات للأردن لتببيض وجه مع وليد المعلم وبشار الأسد.
وكشف بشار الأسد نفسه عن طبيعة النظام السوري الشريرة والعدائية للجميع باستثناء اسرائيل عندما هدد قبل ثلاثة اعوام بأن الفوضى التي «ستدب» في بلده سوف تعم المنطقة كلها، وأن العنف الذي يعصف بهذا البلد سوف ينتقل إلى دول الجوار مثل لبنان والأردن وتركيا.
الأردن جار لسوريا جغرافيا وما يحدث في سوريا يهم الأردن استراتيجيا. والأرض الأردنية تبقى مفتوحة لاستقبال المزيد من السوريين الهاربين من عنف الدولة. كما استقبل الأردن مئات الأ لوف من العراقيين وقبلهم ملايين من الفلسطينيين. الأردن بلد منفتح كريم ومعطاء ورغم كل ذلك هناك جوقة لا تتوقف عن التشكيك في المواقف الاردنية لاغراض خاصة بها واجندات معادية للأردن.
&
ما قاله العاهل الأردني:
وربما ان ثمة سبب آخر أزعج عصابة دمشق وهو ما قاله العاهل الأردني مؤخرا في مقابلة متلفزة على قناة السي ان ان الأميركية ومختصر ما قاله عبدالله الثاني بما يتعلق بعلاقة النظام مع داعش أن "النظام السوري كان يقصف الجميع إلا داعش، وهو الأمر الذي أثار الكثير من الاستغراب. لماذا كان يسمح لهم بتعزيز وجودهم؟ كان أحد التفسيرات بشكل واضح أنه بوجود إدانة دولية للنظام، فقد كان هناك سعي إلى إيجاد طرف أسوأ منه في منظوره، بحيث يميل الرأي العام إلى النظام، وقد نجحوا في ذلك".
في اواسط نوفمبر تشرين الثاني 2011 طلب الملك عبدالله الثاني ملك الأردن من بشار الأسد التنحي من السلطة من اجل سوريا ومصلحة سوريا. الملك عبدالله الثاني كان اول زعيم عربي يتجرأ على توجيه النصيحة لبشار الأسد للتنحي من منصبه. ورغم ردود نظام دمشق الصبيانية بمهاجمة السفارة ثم الاعتذار مما يدل على تخبط الموقف السوري وفشله في ادارة الأزمة الا ان رسالة الملك واضحة أنه لا مستقبل للنظام الذي اجتاز نقطة اللاعودة.
&
بداية النهاية:
في الاسابيع الأخيرة تلقت قوات النظام السوري سلسلة من الهزائم والإخفاقات لصالح المعارضة المسلحة التي نجحت في السيطرة على مدن إستراتيجية خلال وقت قصير. واعتبر بعض المراقبين ذلك كمؤشر على بدء انهيار نظام بشار الأسد حيث تم تسجيل حالات هروب جماعي لقوات النظام السوري في المعارك التي شهدتها مناطق ريف ادلب وجسر الشغور والقلمون ودرعا. النظام السوري يترنح ويتخبط ويواجه هزيمة وسقوطه بات قريبا. وهذه الهزائم تفسر حالة الهلع في صفوف النظام الذي يوجه الاتهامات هنا وهناك والآن انفرد بتوجيه الاتهامات الباطلة للأردن.
&
لندن
التعليقات