ظاهرة التّنمّر عالميّة، المتنمّر إنسان مصاب بأمراض في عمق شخصه يتلذّذ بوجع الآخر، ويضعه تحت مرآته إلى أن يدّمر معنوياته، في مدارس أمريكا على سبيل المثال، جرت حوادث انتحار كثيرة في المدارس الثانويّة نتيجة تنمّر بعض الطّلاب الذين يعانون من أمراض سلوكيّة يعود قسم كبير منها إلى التربيّة، والطّفولة المبكرة.&
من هو المتنمّر؟
هو بالمفهوم العربي البلطجي، وبالمفهوم السّوري الشّبيح الذي يقتل الأبرياء وهؤلاء موجودون في أي طرف سياسي أو اجتماعي، أو ديني، وإذا كان المتنمّرون في الغرب هم في أغلب الحالات من المراهقين، فإنّ سنّ المراهقة في الوطن العربي تمتدّ إلى الشيخوخة.&
في الأسرة السّوريّة تنمّر، وفي الأسرة العربيّة أيضاً مع عدم التّعميم طبعاً.&
يبدأ التّنمّر مع رأس العائلة" الزوج" الذي يصبّ جام نقصه على الزّوجة بالألفاظ النّابية ويصل به الأمر حتى الضرب، ووصل في بعض الأحيان حتى القتل، ويتدرّب الأطفال يوميّاً على ألفاظ التّنمّر، ومع أنّ أغلب الأطفال لا يتمنون وجود الأب أحياناً،لأنّ وجوده مرتبط بالعنف العائلي مع أنّهم يكنّون له الحب.
يكبر الأطفال، يتحولون من أطفال خائفين إلى شباب متنمّرين، ويبدؤون مع أسرهم، يتنمّرون على أمهاتهم، وحتى على آبائهم إن تناقصت قدرتهم المادّية.
المتنمّر إنسان لطيف عندما يترصّد شخصاً، ففي الشّركات في الوطن العربي،. نجد المتنمّرين في مركز هام في الشّركة، هم مقنعون، يعملون على شقّين: التّقرب من أصحاب العمل، وإلحاق الضّرر بالفريق العامل، ويكون سلاحهم الكذب، ومع أنّهم مكشوفون أمام زملائهم إلا أنّهم يفوزون عليهم عند أرباب العمل، ويقطعون مصدر عيشهم.
أن تكون ربّ عائلة، والمعيل الوحيد لها لا يجعل منك بلطجياً إلا إذا كنت نتاج تربية أسرة تخضع للعنف العائلي، وتدّربت منذ الطفولة على ألفاظ وأفعال التّنمر، وبمعنى آخر هي وراثة اجتماعيّة.
في الأسرة العربية. عندما يضعف الأب يأتي دور تنمّر الأخ الأكبر أحياناً، أو المعيل ماديّاً.
العنصريّة أيضاً هي نوع من التّنمّر.
في الغرب يوجد حركات عنصريّة متطرّفة، لكنّها محدودة بالنسبة للمجموع العام، بينما النّسب لدينا غير محدودة. نحن نتنمّر عندما يخالف شخص عقيدتنا، ونبيح ذبحه، عندما يخالف شخص رأينا السّياسي، عندما نرى شخصاً من معارفنا يحاول أن ينجح، وعندما نشعر بضعف الأخر.&
التّنمّر داخل الأسرة، التنمّر بين الأقارب، التّنمّر بين الأصدقاء. هي ظاهرة عامة، وليست فرديّة، لذا نشأ مفهوم جديد هو: أن أقضي عليك قبل أن تقضي عليّ.
هل الجميع متنمّرون؟ بالطّبع لا، وكما في السّياسة هناك أغلبيّة صامتة،يوجد أغلبيّة غير متنمّرة، هي أغلبيّة ضعيفة ليس لديها مال ولا سلطة، وهي التي يقع عليها فعل التّنمر.&
التّنمر ليس له علاج شاف، قد يحتاج لعلاج روحي يعيد إلى الإنسان إحساسه بالمشاعر، وربما يأتي ذلك مع الزّمن.
هي رؤية عامة لا ترتبط بدراسة، رصدّتها خلال عملي، وفي الحياة العادية. يمكننا رصد حالاتنا، والإشارة إليها، ولا يمكننا السّيطرة عليها إلا وفق قوانين اجتماعيّة عادلة تبدأ من روضة الأطفال، تقدّم الأمان ولا تضعنا تحت رحمة بعضنا البعض.
التعليقات