&إن صدقت الأخبار وتبين أن الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز سيتبرع بمبلغ 32 مليار دولار للجمعيات الخيرية، فسوف يكون هذا التبرع الأول من نوعه بهذا الحجم، ويستحق تخليد ذكره في كتب التاريخ، ورغم غياب التفاصيل حول أي الجمعيات الخيرية ستحظى بهذا التبرع، فإن الأمل معقود أن تكون الدول العربية هي المستفيدة من هذا التبرع الضخم.&

بيد أن الذي يُخشى هو أن تعطى هذه الأموال لجمعيات خيرية لا تعمل لصالح العرب، أو أن تعطى لجمعيات خيرية إسلامية هي أبعد ما تكون عن توظيف المال في التنمية وخلق فرص العمل لملايين الشباب العربي العاطلين عن العمل، وغالبا ما تقوم هذه الجمعيات باستثمار المال في التحارة أو البورصات العالمية، أو التبرع بها للفقراء والمحتاجين أو بناء المساجد، وهذا يعني عدم تسليح العاطلين عن العمل بمهارات مطلوبة في سوق العمل الحديث.&

وما من شك أن الأمير الوليد على دراية أكثر من غيره في الأسلوب الأمثل لتوظيف الأموال، ولو أنه يقوم بتنفيذ المشاريع التنموية في الدول العربية على أن تحمل هذه المشاريع اسمه، فسوف يعود ذلك بالنفع على أكبر عدد ممكن من الشباب العربي. فهذا المبلغ مبلغ هائل قد ينقذ دولا بأكملها. وهناك مشاريع قائمة حاليا حملت أسماء مموليها، وهذه أفضل طريقة لتخليد أسماء هؤلاء الرجال ودخولهم في كتب التاريخ.

صحيح أن هذا التبرع هو الأضخم لغاية الآن بين المحسنين العرب، إلا أن اليهود ورجال الأعمال في الغرب سبقونا في هذا المجال بكثير، فمنهم من أنشـأ جامعات وكليات حملت أسماءهم، إلا أن هذا الإحسان وإن جاء متأخرا، هو بادرة نبيلة من الأمير العربي.&

إن هناك حاجات ملحة جدا في بلادنا وهو إشغال الشباب بما يفيدهم ويعمق ثقافتهم ويصرف أنظارهم عن الفخ الذي دأبت الدول الغربية في إيقاعهم فيه وهو فخ التطرف، وهناك حاجة أخرى وهي التعليم التقني والصناعي، وفتح المصانع الإنتاجية وتشجيع الشباب على الابتكار والحفاظ على هذه المصانع لكي تبقى عاملة في المستقبل، إذ أن الإنشاء يحتاج إلى رأس مال والتشغيل يحتاج كذلك إلى تمويل مستمر، ولا يخفى على أحد أن أفضل الجامعات التقنية تصبح عديمة الفائدة إذا لم يكن هناك مصانع قائمة تستوعب الخريجين لتحويل النظرية إلى تطبيق.&

والأمل كبير في أن يستغل هذا المبلغ في التنمية وخلق ثقافة جديدة لدى الشباب تقوم على العمل والاجتهاد والابتكار والتفكير المنطقي السليم، وإذا بقي حالنا على ما هو عليه، فسيبقى الجميع منشغلين بأمور مدمرة بالمعني الحرفي والمعنى المجازي.&

&