&سيدي القارىء.. كنت قد بدأت هذه المقالة قبل أن أقرأ تعليقات مقالتي السابقة... فيما عدا بعض الردود من خلالها على ما جاء من آراء فيها.

تغلبت الواقعية على الأطماع السياسية في المفاوضات.. إضافة إلى وعي كلا الطرفين الأميركي والإيراني بقوة وقدرة الآخر.. و طغى الإحترام لكرامة الشعوب على أي تعارض في الشخصيات وإختلاف آراء.. كلاهما إعترف بالواقع الدولي الجديد.. وأنه لن يستطيع العيش وحده في هذا العالم... وأن المصالح متبادلة.. والأهداف في القضاء على داعش غير متعارضة.

أنا لست في مجال الدفاع عن إيران كدولة.. ولا عن الدول العربية كدول. ولكني هنا في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان بالحياة وبالسلم.. وبانه آن الأوان لإنسان منطقة الشرق اوسطية أن يتمتع بهذا السلام.. وللدول العربية بالتحديد أخذ زمام المبادرة و الخروج من عباءة الخوف بوعي وحذر.

نعم ستبقى شهية إيران للقيادة وللهيمنة مفتوحة وقوية. ولكن ما سيحجم هذه الشهية.. تطلع الشعب الإيراني إلى الحياة والعيش والتعايش.. فهو الذي قال كلمته في المظاهرات التي نددت بالحكومة خاصة خلال حكم أحمد نجادي حين رفع المتظاهرون شعارات "" لانريد الطاقة النووية "" وطالبوا بوقف الدعم السوري.. هي كلمة الشعب الإيراني الذي قاسى من العزله والتضخم وفقدان العملة الإيرانية لقيمتها بسبب العقوبات الدولية والحصار الصارم المفروض على إيران. وهو الذي سيطالب مرة ومرات بأولويته في مطالبه.. وهو الذي ربما يستطيع فرض رؤيته من خلال وصول التيار الإصلاحي.. خاصة وبعد فشل الرؤية الخمينية المتشددة والتي كانت أولويتها تمتع إيران الشيعية بالهيمنة والتمدد الإقليمي... وعليه فإما تغيير الكوادر السياسية المتشددة ووصول الإصلاحيين او التوافق من القيادة الحالية وتغيير اولوياتها الخمينية.. خاصة وأن رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران (منذ سنوات) سيتم بصورة تدريجية. وأن الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سي’علّق العقوبات المفروضة على إيران المتعلقة ببرنامجها النووي، لما بعد تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تطبيق إيران جميع الخطوات الرئيسة المتعلقة ببرنامجها النووي، وهذا لن يتحقق إلا بعد عدة أشهر، أي بداية العام القادم. وفي حال أخلت إيران بأي بند من بنود الإتفاق فهي تعرض نفسها لعودة العقوبات القديمة".

نعم أؤكد ما قاله أحد المعلقين في مقالتي السابقة إيران قامت (ولا تزال ) بالتخريب المتعمد لأمن دول عربية عديدة... وهنا يأتي دور الدول العربية في إتخاذ موقف واحد وموحد في تفاوضهم وعلاقتهم معها.. والضغط على الولايات المتحدة بان ’تقنع إيران بأنها لن تتخلى عن مساندة دعم أي من الدول العربية في حماية نفسها من الأطماع الإيرانية.. على الولايات المتحدة الأميركية.. مطالبة إيران لتجاوب حزب الله مع الدولة اللبنانية في نزع سلاحه.. وخروجه من حلبة دعم النظام الفاشي في سوريا.. ولكن أيضا على السوريين إقناع الولايات المتحدة بأن إبقاء النظام والتعامل معه هو كمن ’يجبر المغتصبه بالزواج من ’مغتصبها بمعنى انها ستبقى علاقة شاذه لا يمكن لها أن تدوم.. وتبقى مرارتها.. وترفض التعايش..

هناك فرق شاسع بين الحرب المتعمدة والمنظمة وبين فكرة إنتحاري جهادي. مع كرهي وغضبي ورفضي للإثنين... ولكن أعود وأقول بأنه لم يخرج من عباءة إيران إنتحاري واحد.

في المقابل.. هناك مسؤولية الدول العربية بسد شهية إيران وطموحها في التوسع والتمدد الإقليمي... بسد الثغرات الموجودة في أنظمتها والإصلاح السياسي.. وتعاملها الصادق مع ملفات الفساد.. وإرساء الديمقراطية.... والأهم تعزيز مبدأ المواطنة والعدالة مع كل مواطنيها وجعل حقوق الإنسان العالمية هي ما ’ينير دساتيرها...ومن يدري.. فربما تكون الفرصة الأخيرة لحياة شعوب المنطقة العربية.. لبناء شرق اوسط جديد.. ببنية تحتية تعتمد التكامل الاقتصادي والتجاري، وتستعمل الثورة العلمية والتكنولوجية لتعزيز الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة.. وتخرج من سجل الدول الأكثر خطرا في العالم.

نعم أستطيع تفهّم خوف وشك المنطقة العربية من صعود النجم الإيراني.. ولكن آن الأوان لتحجيم هذا الخوف.. والخروج من شلله.. هناك قيادات عربية دولية لا ينقصها الخبرة والوعي العالمي بقضايا المنطقة.. والمستجدات العالمية الجديدة.. وقضايا العصر تستطيع التعامل مع إيران على قدم المساواة.. وتستطيع التفاوض لما فيه مصلحة الإنسان العربي.. وليس مصلحة أي نظام تتعارض أهدافه مع مصلحة مواطنية.

إنه عصر جديد..وسائل الإتصال الإجتماعي وعلاقات الشعوب العابرة للقارات.. فتح الآفاق.. لنجعله عصر إنتصار إرادة الشعوب.. ليعي الحكام أن هناك من يحاسبهم على الأرض.. حتى لا يخلدوا للراحة وينتظروا فقط حسابهم في السماء.

نعم.. أنا لا أكره الشعب الإيراني.. ولكني أكرة سياسات النظام... أنا لا أكره اليهودي. ولكني أكرة سياسة القيادة الإسرائيلية.. الكره والخوف يشل الإرادة.. وهو عصر إنتصار إرادة الشعوب...وأضع ثقتي كلها بالمفاوض العربي. السعودي والمصري بالذات.

نعم انا ساذجه.. ولكني أحلم بيوم عربي يتمتع فيه الإنسان بالطمأنينة وبالسلام.

&